عودة إلى عصر المنمنمات الإسلامية القديمة والنزعة الصوفية للفنان واضحة في معظم اللوحات

* القاهرة مكتب الجزيرة مصطفى المرصفاوي
تمثل اللوحة عند الفنان التشكيلي المتميز شريف كروان سيمفونية متكاملة عذبة اتخذت من الخطوط والالوان بديلا عن النغمات والالحان وظهر فيها بوضوح النزعة الصوفية والمعرض الذي افتتحه مؤخرا بكلية الفنون الجميلة ب80 لوحة تحمل تصميمات رائعة وثرية يشع منها صوت الابتهالات الدينية والتسابيح واكتسب الفنان خبرته هذه من عمله بالمملكة العربية السعودية وابحاثه العديدة التي قدمها اثناء عمله بجمعية الثقافة والفنون بجدة وكذلك بعثته الدراسية الى تركيا.
واللوحات التي ضمها المعرض مساحتها صغيرة ومعظمها منمنمات اسلامية حديثة تمثل آيات قرآنية وادعية وتسابيح لله بصور مختلفة اعتمدت على المزج بين طرق الطباعة المختلفة واستفاد الفنان الامكانيات الحديثة لفن الطباعة,, وبعض هذه اللوحات جاء خلطا او مزجا بين فن الحفر بالخطوط وفن الطباعة بالشاشة الحريرية وبعضها جاء مزجا بين الحفر في اللينوليوم (الجلد) والحفر في الخشب وفي لوحات اخرى تم الاستفادة من الامكانيات الهائلة مع الاحتفاظ في نفس الوقت بالتقاليد العريقة لفن الحفر.
وخرج الفنان شريف كروان في بعض اللوحات التي ضمها المعرض عن موضوع المنمنمات واستفاد من دراسته في كلية الفنون الجميلة في رسم الوجوه والمناظر الطبيعية,, واحيانا جنح الى عمل تكوينات حديثة تبرز عناصر العمل الفني المجردة وجاءت مثل أبحاث في الخط وابحاث في الضوء وابحاث في اللمس وعلاقات منغمة في الايقاع ويحاول شريف كروان ان يصل الى تشكيل اللوحة كلحن موسيقي خاص وبما له من خبرة ودراية كبيرة في العزف على البيانو تمكن من تحويل السلم الموسيقي الى اشكال تتفاوت في السمك والمساحة والانخفاض والتسامي.
التقته (الجزيرة) في هذا الحوار الذي تحدث فيه عن معرضه وعن فن الجرافيك ومشواره الفني,.
* ماذا عن فن الجرافرفيك وكيف اكتسبت خبرتك في المنمنات الاسلامية؟
فن الجرافيك هو فن الرسم والحفر والطباعة ويعتمد على المزج بين طرق الاداء التقليدية مع بعضها البعض بالاضافة الى طرق الاداء العصرية وكل هذه الطرق سخرها لفن المنممات الاسلامية الحديثة والتي انتجتها متأثرا ببعثتي الدراسية الى تركيا عام 1973 وايضا عملي في المملكة العربية السعودية منذ عام 77 الى 1980 كما ضاعفت من تركيزي على هذا النوع نشأتي الروحية,, ويختلف فن المنمنمات عن الفن القديم لانه يهتم بالتجسيم اكثر من الفن القديم وقد ساهم فن الحفر الدقيق الذي درسته في كلية الفنون الجميلة وفي اكاديمية الفنون بتركيا وابحاثي في المملكة العربية السعودية في جمعية الثقافة والفنون بجدة في ظهور هذه الاعمال بهذه الصورة الدقيقة والحساسة.
* أثارت لوحات المعرض اعجابا شديدا وخصوصا لوحات الحمد لله ولوحة الشهادة كيف تراها من وجهة نظرك كفنان لوحة؟
الحمد لله هي طباعة بالكمبيوتر ثم عولجت بطريقة الحفر بالخطوط وفكرتها عبارة عن كلمة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء وهي مستوحاة من المئذنة,, ولوحة اخرى موضوعها كلمة (الحمد لله) ايضا بالطباعة بطريقة الشاشة الحريرية واساسها التأكيد على القيمة اللونية وهي مزج بين الالوان الساخنة والباردة,, وكلمة (الحمد لله) ايضا تعتمد على الخط الكوفي الهندسي بالطباعة بطريقة اداء فني جديدة وهي تطبيقا للنظرية العلمية في التظليل بالخطوط على هيئة شبكات متقاطعة بطرق مختلفة اطبقها بطريقة فنية تثري الاعمال وتكسبها غنى في التكنيك,, ولوحة (الشهادة) جاءت بطريقة انسيابية تمزج بين الخط والزخرفة وتعتمد على حد ما على المزج بين الخط الكوفي الزخرفي والخط الديواني وهي طباعة بطريقة الشاشة الحريرية مع الحفر في الزنك بطريقة الخطوط مع الاستفادة من توزيع الاضاءة بطريقة اشعاعية نورانية.
* كيف تظهر اعمالك كترجمة للموسيقى؟
أحاول في كل اعمالي ان احقق قيما جمالية من خلال انتخابي للالوان الراقية وتسامي الاشكال مستوحيا ذلك من شكل المئذنة التي فيها يرفع النداء للصلاة كما اسعى ان تكون اغلب التكوينات ترجمة للموسيقى عن طريق الاشكال المتنوعة وارضيتها المبتكرة وغالبا اضع خطة مسبقة لأداء العمل وان كانت ليست كاملة المعالم محددة التفاصيل وابدأ التنفيذ على مراحل متتابعة من الارضيات التي اركبها بعضها فوق بعض بانسجام يمهد في النهاية للشكل الاساسي وتأتي الالوان بما لها من معادل نفسي وحسي وبما لها من معادل مكاني من القرب والبعد لتساهم في تحقيق الفكرة الموسيقية للشكل بما فيها من ايقاعات حركية ليس فيها من الرتابة ما يبعث على الملل, كما احرص في اعمالي على تحقيق المعادل البصري للاحساس اللمسي لاحداث تأثيرات الخشونة على المشاهد فيحس الملمس ببصره دون ان يتحسسه ويحقق ذلك عن طريق استخدام الالوان المركبة معا مما يجعل انتاجه غنيا ومتنوعا,, فجميع الاعمال تمثل تجارب متنوعة على مر الزمن امتزجت بالاخلاص والحب والاتقان والجمال.