من الخطأ أن نعطي أحكامنا الصفة المطلقة بصحتها لمجرد الاقتناع الذاتي,, وافتراض أن ما عداها خطأ نتيجة التعصب لآرائنا فقط,, اننا بهذا نمارس خطأ قد يتجاوز ضرره حدودنا إلى مساحة أوسع في الزمان والمكان.
واذا كانت الأشياء كما هو الزمن تتجدد حداثة,, فمن البديهي أن تساير أفكارنا وبالتالي أحكامنا هذا التجدد,, ان تنطلق في مواكبته بمقدرة وكفاءة على استيعاب المتغيرات وغربلتها لاستخلاص الجيد,, ولإثبات التواجد مع الزمن وفي مجرى الحركة.
والحقيقة المدركة ان الانسان يعيش تحدياً صعباً في مواجهة أعاصير التغيير,, والتيارات الجارفة التي نشطت الحضارة في صنعها سلباً وايجاباً ,, ويبقى التعقل أو العقل هو سيد الموقف,, القدرة على المحافظة على المقومات التي تشكل اصالته وقيمه ومثله وعقائده وتحدد مبادئه وأهدافه,, وفي المقابل القدرة على الامتصاص والفرز والابداع من الظواهر الجديدة.
ويخطئ أولئك الذين يعطون ظهورهم للمعطيات الجديدة وعدم الاعتراف بالتجديد بدعوة الالتصاق بالجذور,, انهم كمن يضع يده في حلق السيل لإيقافه,, وهم بهذا ينكرون حقيقة قوة الزمن في التبديل,, حقيقة تاريخية,, انكارها جهلاً قد يجيز للتيارات المختلفة اجتياح الواقع دون المرور بالغربلة التي لو أنهم مارسوا الاعتدال في أحكامهم لكان اتضح ما يمكن قبوله وما لا يمكن, فاصل: أحياناً يطل الصمت بوجه قسماته اشراق يستمد روعة ضوئه من كل ما اختزنه الكلام من معاني الجمال والحب والربيع,, ويدعوك باسماً إلى رحابه,, بشرط أن تنثر كل احبارك وتدفن كل أقلامك وتطعم أوراقك لمواقد الشتاء وتنضم إلى ربوعه , تعيش في ساحاته آمناً مطمئناً راضياً مرضياً,, كم يحس الواحد بشعور خفي يدفعه بقوة للرحيل الى ربوع الصمت والانتظام في صفوف الصامتين وإراحة الدماغ من دبابيس الكلام.