شدو وعي الفطرة ووعي العقوبة! د, فارس الغزي |
مشهدان:
المشهد الأول: ثلة من المفحطين ديدنهم ازعاج الآخرين وتعريض حياتهم للخطر, هذا الاصرار من قبلهم يؤكد بالطبع فشل الاجراءات المتخذة للحد من سلوكياتهم السلبية تلك، والتي من ضمنها ما سوف أطلق عليه العقوبة الواعية! .
المشهد الثاني: تنص عقوبة قاطع الاشارة على كيت وكيت , وعلى الرغم من انها تبدو في الحقيقة عقوبة رادعة فهي عقوبة غير واعية! بدليل تنامي أعداد قاطعي الاشارة في كل حدب وصوب من شوارعنا.
دعونا نوغل في سبر أغوار هذين المشهدين ونستهل سبرنا هذا! بتساؤل: هل هناك حلول ناجعة لمشاكل مزمنة بدون عقوبات واعية؟!, حسناً,, لنجب على هذا السؤال من خلال سرد قصة تشرح لنا كنه الطبيعة البشرية وكيف ان في ترويضها مبكراً ضماناً بقتل ما جبلت عليه هذه الطبيعة من أنانية وحيوانية وتمرد وعدم تقيد بما يجب التقيد به,, بالمناسبة، أطلت عليكم! ,, خذوا القصة!: في أوائل القرن الميلادي المنصرم عثر في أمريكا على فتاة قد أمضت سني عمرها كلها في غابة مع قطيع من الذئاب التي اعتنت بتربيتها كما تفيد الروايات لمدة تزيد عن خمس عشرة سنة, في البدء قاومت تلك الفتاة المحاولات الانسانية الرامية إلى أنسنتها! ولكن في النهاية خارت قواها ليتم نقلها إلى المدينة ولتبدأ مهمة ارجاع طبيعتها البشرية المفقودة! , في البدء، لاحظ العلماء المكلفون بترويضها! ان تلك الفتاة كانت تقلد الذئاب التي قامت بتربيتها في كل شيء بعوائها، بوحشيتها، بتوحشها من بني الإنسان,, بل وكما قال عالم من العلماء، تعليقاً على تلك الحادثة الغريبة، بتقليدها لتلك الذئاب بالمشي على أربع وليس على رجليها، وهي نعمة كما يقول هذا العالم، لا نعيرها أي اهتمام ظناً منا انها غريزة تحدث أوتوماتيكياً! وليس من خلال التربية.
في الأخير، قاومت تلك الفتاة محاولات تنشئتها كانسان حيث ان الفوت قد فات! واستمرت بالرفض لينتهي بها المطاف إلى الموت على يد البيئة الانسانية الغريبة عنها.
انتهت تلك الحادثة الصحيحة والتي ليس لها صلة بقصة ابن يقظان! لأعود إلى ما استهللت به تلك المقالة بالقول ان هناك وسيلتين لا غنى عنهما في اقامة اعوجاج سلوك المعوج سواء اقاطع اشارة كان أم قاطع طريق , أما الوسيلة الأولى ذات الأولوية فتتمثل في تنمية المسؤولية الشخصية والتربية السليمة وأنسنة الطفل من قبل والديه، وإلا لأصبح مصير هذا الطفل مصير الفتاة الذئب! وفي حال فشل آليات تلك المرحلة فلا مناص من الأخذ بالبديل الوحيد: ألا وهو ردعه بعقوبة واعية من شأنها زرع وعي اصطناعي! لديه، وعلى غرار المثل القائل من خاف سلم ، رب قائل يلاحظ انني قد أغفلت وسائل أخرى من وسائل التنشئة الاجتماعية كالمدرسة ووسائل الاعلام,, لأقول ان العود من أول ركزه ، وأن ما لدينا من مآس يومية تشهدها طرقاتنا كفيل باعلان ما بحوزتنا من طوارئ، وفي مقدمتها العقوبة المروضة والقاسية قساوة مآسي الموت المجلجلة في كل حدب وصوب من وجودنا المؤقت!
بالمناسبة، كيف استطاعت اجيالنا السابقة ان تقضي على افرازات جهل زمانهم المطبق، وهم الذين لم يلتحقوا بمدارس ولم تتح لهم التعامل مع أي وسيلة اعلامية من شأنها تثقيفهم؟! أليست التربية السليمة؟!,, وفي حال اخفقت,, أليست العقوبة الواعية؟! هنا، وفي ظل صعوبة أن نتشبه بهم، وبالطبع، استحالة أن نكون مثلهم! ، لماذا؟ على الأقل، لا نلحق فصلاً منهجياً مقنناً يخلو من الانشائية والنمطية وليكن من ضمن منهج التربية الوطنية نبين من خلاله ما لهذا الشاب المراهق من حقوق على مجتمعه حصوله عليها يضمن ما لمجتمعه من حقوق عليه، وما ينتظره، بالتالي، من عقوبات واعية في حال أخل بالقيام بواجباته المجتمعية؟!,, لا وعي بدون عقوبة مقننة، وحاسمة، وشاملة، وواضحة,, وهي، بالمناسبة، مقومات ما عنيت بالعقوبة الواعية!
|
|
|