Wednesday 29th December, 1999 G No. 9953جريدة الجزيرة الاربعاء 21 ,رمضان 1420 العدد 9953


ليست من باب وقوع الحافر على الحافر
توارد الخواطر,, على طاولة البحث والتحليل

يقول الجاحظ: المعاني مطروحة في الطريق، يعرفها العربي والعجمي,, وعلى ذلك فهي متاحة للجميع، وبامكان الجميع التقاطها وعرضها في الوعاء اللفظي اللائق,, كباقة لها مفعول السحر عندما تتغلغل في الوجدان,, فتخاطب الشعور لتحصل على الاستجابة المحققة, وعلى أساس المعاني المطروحة في الطريق,, تأتي قضية توارد الخواطر كنتيجة طبيعية يؤيدها العقل والمنطق,, لأن الأمر يتعلق بالمعاني التي يتكون منها لا وعي الشاعر أو الأديب عموماً متأثراً بقراءاته المتعددة ومشاهداته الكثيرة وتعرضه لمواقف قد تشابه الى حد بعيد ما تعرض له سابقه من مواقف، فقضية توارد الخواطر، مفروغ من وجودها، بالشواهد التي لا تعد ولا تحصى والتي تنوء بحملها صفحات الشعر والأدب عموماً.
فالشاعر قد يتطرق لمعنى قد تطرق له غيره، ولكن المحك الرئيسي هنا هو أن الشاعر الأصيل تظهر بصمته الخاصة التي يتميز بها من خلال اسلوبه ومن خلال انتقائه لألفاظه,, فمهما تعاقبت الألفاظ على ارتداء ذلك المعنى إلا أن الصوت الأصيل يبقى مميزاً.
وايضاحاً لما سبق نتطرق لثلاثة نماذج كل منها يحمل صوتين مميزين اصليين التقيا في رحاب المعنى الواحد,, فنهل الجميع ولكن كل على طريقته الخاصة وبأسلوبه الذي يميزه.
الأنموذج الأول: يقول الشاعر الفصيح:
إذا كنت في كل الأمور معاتباً
صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه
ويقول عناد المطيري:
لو تبي تزعل على منكر عطاك
ما لقيت اللي يبادلك التحية
فقد وجد الشاعر عناد المطيري معنى الشاعر القديم مطروحاً في الطريق، فأخذه وألبسه الثوب العامي الذي لم يخف ملامحه الفصيحة.
الأنموذج الثاني: يقول مساعد الرشيدي:
لا للعتب، لا للندم، أو شي من هذا القبيل
وانتي ما جا منك خطا حتى تقولي آسفه
ويقول رشيد الدهام:
لا للوفا لا للغلا لا للرضا لا للحنين
لا للدموع اللي تبي تسقي العروق التالفه
فقد وجد الشاعر رشيد الدهام معنى الشاعر مساعد الرشيدي مطروحاً في ديوانه، فألبسه ثوباً يشابه ثوبه الأصلي، وظلت نبرة مساعد صادحة في ثوب قصيدة رشيد .
الأنموذج الثالث: يقول إيليا أبو ماضي:
قلت: ابتسم ما دام بينك والردى
شبر فإنك بعدُ لن تتبسما
ويقول الحميدي الحربي:
يا ولد غن دام القوس فوق الربابة
طرق مسحوب والا غن طرقٍ جنوبي
فقد وجد الشاعر الحميدي الحربي معنى الشاعر إليا أبو ماضي أو بالأحرى لم يجده وانما صادفه,, فألبسه الثوب الشعبي، وأنطقه بنبرته المميزة التي تكاد تخفي ملامح الفكرة الفصحية تماماً.
وأخيراً: قد انتقينا على طاولة البحث هذه ما يدخل تحت باب توارد الخواطر مع العلم ان طاولة البحث عليها الكثير من المعاني المستنسخة والحوافر المتراكبة لدرجة ان بعضها قد أصبح ناطحة سحاب من الألفاظ المتشابهة للمعنى الواحد.
نيف الذكري

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الاقتصادية

القرية الالكترونية

منوعـات

لقاء

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير




[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved