عزيزتي الجزيرة
ان التسول من الظواهر السيئة التي تحرص الجهات الرسمية في هذا الوطن الغالي على القضاء عليها وذلك بإيجاد الكثير من القنوات التي يتم من خلالها إيصال اموال الزكاة والصدقات لمستحقيها كالجمعيات الخيرية المنتشرة في جميع أنحاء مملكتنا الغالية والتي تقوم بعمل منظم وتتلقى المعونات سواء العينية او النقدية، كما تقدم لها الزكاة والصدقات وتقوم بتوزيعها على المحتاجين تحت إشراف أناس موثوقين.
ولقد حرص المسؤولون على إيجاد الوسائل التي تساهم في القضاء على هذه الظاهرة السيئة ومن هذه الوسائل افتتاح مكاتب مكافحة التسول المنتشرة في محافظات المملكة وهذا ليس بغريب على ولاة أمرنا -حفظهم الله-.
انني اكتب هذا المقال وأعرض من خلاله مطلبا ملحا تحتاج اليه محافظة الرس وأثق ثقة تامة ان هذا المطلب سيجد آذانا صاغية لدى المسؤولين.
ان هذا المطلب هو افتتاح مكتب لمكافحة التسول من اجل القضاء على ظاهرة التسول التي بدأت تنتشر في محافظة الرس وللأسف الشديد وخاصة في شهر رمضان المبارك,, فهناك الكثير من النساء تعج بهن الاسواق فلا تكاد تذهب الى سوق الخضار او المحلات التجارية او المستوصفات او الصيدليات وعند المساجد وابواب البنوك إلا وتجد متسولاً او متسولة وخاصة المتسولات من النساء ذوات الاعمار المختلفة حيث يمارسن التسول من وراء تلك العباءة والمواطن لايعلم حقيقة المرأة الواقفة أمامه هل هي من أهل هذا البلد ام أنها من جنسية أخرى وتتخذ هذه العباءة حجاباً لها حتى لا ينكشف أمرها امام رجال الأمن والجوازات.
ان عدم وجود مكتب لمكافحة التسول بمحافظة الرس جعل الكثير من المتسولين يمارسون هذه المهنة وبنوع من الارتياح حتى ان هناك بعض المتسولين اعتدنا عليهم وعلى رؤيتهم في كل رمضان من كل عام.
كما ان عدم وجود مكتب لمكافحة التسول يجعل من يريد التعاون مع الجهات الرسمية يقف حائرا عندما لا يجد امامه او قريبا منه جهة مختصة لمكافحة التسول.
وهناك جانب مهم يتعلق بهذه الظاهرة والقضاء عليها ألا وهو ان على المجتمع دوراً كبيراً في المساهمة في القضاء على هذه الظاهرة وهذا الدور لا يقل أبدا عن دور الجهات المختصة، فيجب على افراد المجتمع جميعا وبدون استثناء ان يوحدوا جهودهم من اجل القضاء على هذه الظاهرة واسباب انتشارها خاصة وانها اصبحت عند بعض ضعاف النفوس مهنة مربحة وهي في حقيقة الامر مرض يسري في عروق المتسولين لايستطيعون الخلاص منه مع مرور الوقت حتى ولو اصبح المتسول من أغنى الأغنياء، ولذا فلا غرابة ان تكون لهذه المهنة المشينة ادواتها ومستلزماتها ووسائلها التي يحتاج اليها اصحابها، فهذا لديه عاهة ابتلاه الله بها او ابتلي بها أحد اطفاله فاستغلها ابشع استغلال وآخر يرتدي الملابس الرثة التي تظهره بمظهر الفقير أمام الناس وآخر لديه بعض الأوراق التي يلوح بها امام الناس وهو يسألهم ان يعطوه لانه على نفقة تامة انه لن يجد من يمد يده لتلك المستندات والاوراق ليتحقق من صحتها ولو وجد من يحاول النظر الى تلك المستندات لربما عجز عن ذلك لأن تلك المستندات تساوي عند صاحبها ذهبا وليس لديه أي استعداد للتفريط بها مهما كان الثمن,, ومن الشواهد على ذلك ان متسولا دخل على رجل من أهل الخير والبذل وهو يحمل صكا يتضمن مطالبته بمبلغ من المال فعرض عليه فاعل الخير هذا ان يدفع له كامل المبلغ الذي يطالب به بموجب هذا الصك وهو مبلغ غير قليل ولكنه مقابل ذلك سيأخذ الصك وعندها أخذ ذلك المتسول بتحجيج بأنه قد سلم هذا الصك رسمياً فحاول فاعل الخير هذا ان يقنعه انه في هذه الحالة سيضمن له تسليم الصك للجهة الرسمية التي تطلبه ولما لم يجد هذا المتسول طريقة اوحيلة للجمع بين المال وذلك الصك اضطر للتضحية بالمال من اجل الاحتفاظ بتلك الوسيلة التي سيكسب وبلا شك من ورائها اضعاف ذلك المبلغ.
ان كلامي السابق لايعني ان ليس هناك اناس يحتاجون الى مد يد العون لهم بل انه قد يكون من هؤلاء أناس محتاجون ولكنهم قلة قليلة ثم ان هؤلاء يوجد عندهم غالبا الحياء والخجل عند السؤال، اما من اتخذ هذه العادة السيئة مهنة له فإننا نرى منهم العجب العجاب، فذلك يملك فصاحة في الكلام لايملكها الكثير من الخطباء والوعاظ بالاضافة الى سرد عبارات الدعاء او الالحاح الشديد وبخاصة من قبل النساء اللواتي يطاردن المواطن مطاردة حامية الى غير ذلك من الاساليب التي تجعل المواطن يستجيب لمطلب السائل ويدفع له حياء وخجلاً او رغبة في التخلص منه وبأي وسيلة خاصة في هذا الوطن المعطاء الذي جبل أهله على فعل الخير والبذل ولكن رغم ذلك كله، فيجب على كل منفق ان يتحرى الدقة في المال الذي ينفقه ابتغاء وجه الله كما يجب علينا ان ندرك جميعاً ان الدفع لهؤلاء المتسولين وخاصة صغار السن انما يمثل تشجيعاً لهم على الاستمرار في هذه المهنة المشينة شئنا ذلك ام ابينا وهذا مايوجب علينا كمواطنين ان ندرك جيداً اننا جزء من علاج هذه الظاهرة وانه يجب علينا ان نساهم في هذا العلاج سواء بشكل مباشر او بشكل غير مباشر.
عبدالرحمن بن عبدالله الشميّم
محافظة الرس