Wednesday 29th December, 1999 G No. 9953جريدة الجزيرة الاربعاء 21 ,رمضان 1420 العدد 9953


بيننا كلمة
أبعاد أخرى للزمن,.
د , ثريا العريّض

يوم وبضع ساعات وينتهي العام,.
استرق لحظات من الهدوء أراجع فيها بعض ما استجد من أخبار الدنيا في هذا الزمن المكتظ,.
هل يكتظ الزمن؟ أم هو الفضاء فقط يخضع للاكتظاظ؟
في عصر القنوات الفضائية تشعر ان الذي يكتظ هو الفضاء الذهني,, يكتظ بالكثير من المهم واللا مهم,, تفاصيل الفيديو كليبس عبر القنوات العربية والأغنيات التي تخلو من المعنى وتقود للتأمل والاستنتاج السطحي عن سطحية اهتمامات الشباب,, أخبار السي, أن , أن تجتر مستجدات الأحداث المتكررة عنفاً وجوعاً ودماء في أنحاء العالم,, حوارات سياسية بكل اللغات,, لاري كنج بصورة عربية، عماد الدين أديب يحاور هذا الاخ وذاك في الأوربت، وقناة الجزيرة تفتح مواجهات التناقض الهدام فيختلط منطق اللا معقول بمهازل شرقنا وغربهم,,! وهنا قناة أخرى غربية تنقل من استوكهولم ندوة للعلماء الذين فازوا بجوائز نوبل، تستفزني التناولات التوثيقية عن مسيرة الحضارة الإنسانية واكتشافاتها,,كم كانت بطيئة مسيرة الحضارة، فإذا هي اليوم قفزات علمية لا نكاد نلحقها,, ثم لماذا كلهم ذكور ولا فائزة أنثى حاضرة بينهم؟
أحسه فضاء مكتظاً فعلاً,, وخالياً من الدفء الانساني! هل التأمل الأدبي شيء من دفء متخيل,, عالم يتلاشى في زمن علمي قارس؟
يعجزني اختيار محطة استقر عندها,, أطفئ التلفزيون ويختفي الفضاء المكتظ,, ويظل الزمن وبرودة الفصل الشتائي!
الزمن,, استطعت أخيراً استيعاب انه بعد رابع نمتد فيه كياناً,, مثل الأبعاد الثلاثة للفضاء,, أحسه الآن مزدوج الكنه,, غيره في الدفء عنه في الزمهرير,! غيره في توتر الجوع عنه في استرخاء الشبع,, هل ذاك يتعلق بموسم رمضان هذا؟,, أم بحقائق الفيزياء؟,, أم بحقائقنا النفسية,,عالم الطلاسم في أعماقنا الذي لم نفهمه بعد؟
يقتحم خلوتي ابني هاشم طالب جامعة برينستون، يصر على سبر نظرية جديدة طرأت له,, يحاول جاهداً ان يقنعني ان هناك بعداً فيزيائياً خامساً, بعد ساعة من الحوار استرقها من الزمن الذي كان يجب ان يكمل فيه بحثه الهندسي لم أستطع ان أعبر الفجوة نحوه وأفهم ما يقول, نهض أخيراً ليطبع قبلة على جبيني,, على وجهه ابتسامة لم أسبر أبعادها,, أكانت ابتسامة سعادة بأنه أخيراً تخطى فهم أمه؟,, أم كانت ابتسامة سعادة بأنه عبر الى وعي علمي لزمان قادم,,؟ تركني ومضى,.
وبقيت أفكر في هذا البعد الخامس,, الذي لم أستطع تصوره,.
وهذه الفجوة التي احسستها بين خطواته الذهنية وخطواتي,, أوقفتني أمام بعد آخر,, أو ربما أمام عجزنا عن تفهم لانهائية الأبعاد,,
أهي فجوة زمنية؟,, أم فجوة جهل بحضارة الفضاء السيبرنوتي.
ها أنا أعود منحصرة في الأبعاد التي أعرفها,, فضاء وزمن!
كنت ذات يوم أكاد أومن مثله ان هناك أبعاداً أخرى لوجودنا لا يدركها الجميع، أبعادا روحية,, أبعاداً ذهنية,, أبعاداً وراء الطبيعة المحسوسة المقاسة التي يكلمني عنها هذا الطفل الذي كبر فجأة وأصبح أطول من أبويه!
كم يمر الزمن سريعاً!,, يوم وبضع ساعات,, وينتهي عام آخر!
رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الاقتصادية

القرية الالكترونية

منوعـات

لقاء

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير




[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved