Wednesday 29th December, 1999 G No. 9953جريدة الجزيرة الاربعاء 21 ,رمضان 1420 العدد 9953


فلسطين في فكر القائد
عبدالعزيز بن محمد بن عبدالعزيز الزير

تطالعنا كثير من المراجع والمصادر والأبحاث التي تؤرخ للدولة السعودية الثالثة بمواضيع شتى حول حياة وسيرة الملك عبدالعزيز رحمه الله، ومواقفه الإيجابية المتعددة تجاه الدول الإسلامية والعربية، ومدى اهتمامه بقضاياهم والذود عنهم ومناصرتهم بكل ما أوتي من حكمة وحنكة وقوة وحزم, ولا ابلغ من ذلك موقفه الثابت والراسخ حول القضية الفلسطينية وما يعانيه شعب فلسطين الشقيق من تشرد وقتل واضطهاد وتنكيل من قبل القوات الإسرائيلية الغاشمة منذ احتلالها للمنطقة عام 1936م، إذ أخذت هذه المشكلة أو المعضلة من تفكيره ومن أحاديثه وخطبه حيزا كبيرا في محاولة منه لإنهاء هذه الأزمة وتحرير ارض فلسطين ورفع الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني.
ومما شجعني للكتابة عن هذا الموضوع لنشره في صحيفة الجزيرة، ما وجدته من حقائق واثباتات ودلائل في البحث المقدم من الاستاذ الدكتور جاد محمد طه بعنوان: (الملك عبدالعزيز والقضية الفلسطينية 1943 1948م في ضوء الوثائق الأمريكية السرية) المقدم للمؤتمر العالمي عن تاريخ الملك عبدالعزيز المنعقد في مدينة الرياض خلال الفترة من 19 23 ربيع الأول 1406ه توضح وتبين بمصداقية وواقعية موقف الملك عبدالعزيز الصادق والراسخ من قضية فلسطين، وذلك من خلال عرض الكثير من الأفعال والأقوال التي كان يرددها للتنديد باليهود وأعوانهم، والتصدي للغزو الصهيوني للأراضي المقدسة, فقد ذكر الباحث أنه في 17 ابريل سنة 1943م أبلغ كيرك الوزير المفوض الأمريكي في جدة وزارة خارجيته بأن الملك عبدالعزيز جدد موقفه بالنسبة لفلسطين بقوله: إنها تعنيه أكثر من أي حاكم عربي آخر، وإنه مصر على أن اليهود هم أعداء للعرب منذ عصر الرسول صلى الله عليه وسلم وحتى الآن، إضافة إلى اهتمامه حسب قول المفوض الأمريكي بما يحدث في فلسطين كونه حاكما عربيا مسلما، ويؤكد على ذلك في مناسبات كثيرة، هذا إلى جانب معرفته ودرايته العميقة بأصول المشكلة والتيارات السياسية المحيطة بها، والتي زادته قناعة بأن الشعب الفلسطيني لابد أن يتحرر من هذا الظلم وينتصر عليه ويطرد الأعداء بكل ما أوتي من قوة، ليمحو الظلم الذي بلي به منذ احتلاله على يد اليهود .
من هذا المنطلق وزيادة في قناعته يرحمه الله بحق الشعب الفلسطيني في ارضه وتقرير مصيره، بدأ سلسلة من المراسلات والأحاديث لإثبات هذا الحق، إذ إنه في مايو 1943م لفت جلالته نظر الرئيس الأمريكي (روزفلت) إلى حجم المشكلة، وأنه ليس مقبولا إرسال شراذم يهود العالم إلى فلسطين، موضحا ومؤكدا رحمة الله عليه أن اليهود اثاروا دعاية مبالغا فيها تماماً عن اضطهاد النازي لهم، للسعي من ورائها إلى استعطاف العالم وتجاهل قضية الشعب الفلسطيني الذي طرد وشرد من بلاده وذبح من ذبح من أبنائه على أيديهم (فعلا وهذه نظرة ثاقبة من جلالته وبعد نظر والدليل على ذلك ما يحدث الآن من ادعاءات وافتراءات من قبل الحكومة الإسرائيلية لتجاهل هذا الحق), كما شدد الملك عبدالعزيز على أن الحقوق العربية متعارضة تماما مع سياسة الهجرة اليهودية إلى فلسطين, ووجه نظر الرئيس الأمريكي (روزفلت) إلى عدم أحقية اليهود في فلسطين، وأن كل ما يطلبونه فيها ليس إلا اعتداء وعدوانا لم يسجل التاريخ له مثيلا في تاريخ البشرية.
كما يضيف الباحث: إلا انه وعلى الرغم من انشغال العالم فترة من الزمن بأحداث الحرب العالمية الثانية وتطوراتها، إلا أنه لم يهدأ للملك عبدالعزيز بال بالنسبة لهذه القضية فكانت شغله الشاغل، حيث بدأ على رأس الحكام العرب بلفت النظر إلى التمسك بمقاومة التوسع اليهودي في فلسطين على حساب العرب، مشيراً إلى التمسك بهذا الموقف حتى ولو أدى هذا الأمر إلى استخدام القوة, كما يشير الباحث إلى أن الملك عبدالعزيز وفي كثير من المناسبات ندد وهاجم اليهود هجوما حاداً بقوله والكلام للملك عبدالعزيز ,,, انهم ويقصد بهم اليهود خطرون عدوانيون يثيرون الاضطرابات في كل مكان يحلون به، فلماذا هذا التعاطف الانجلو أمريكي معهم؟ أؤكد لكم بأنهم ليسوا اصدقاء لكم، انهم فقط يستخدمونكم لتحقيق أغراضهم الخاصة، ونحن كمسلمين نعرفهم حق المعرفة، وسوف تستمر مواجهتنا لهم لابعادهم عن أراضينا، ونشكر الله تماما على عدم وجود اي يهودي في مملكتنا، ولن نسمح مطلقا لليهود بدخولها , كما اثار جلالته نقاشا يوضح مدى تفهمه للموقف وأبعاد الحركة الصهيونية بقوله: ,,,فكروا ايها الأمريكان والانجليز، هل لو كان هتلر قد منح اليهود وعوداً أفضل منكم؟ هل كانوا قد انضموا إليكم؟ لو أن اليهود اعتقدوا أن النصر حليف ألمانيا واليابان لتركوكم وانضموا إليهما، انهم يحبونكم لتحقيق مصالحهم , وقاوم رحمه الله بكل قوة مناشدات وتوسلات الرئيس الأمريكي بهجرة حرة للاجئين اليهود إلى فلسطين وأخذ وعداً من الرئيس روزفلت بعدم اتخاذ أية خطوة معادية للعرب.
هذا هو جلالة المغفور له الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه الذي كان يولي جميع الأحداث التي تمر بالعالمين العربي والإسلامي مساعي كثيرة في سبيل مصلحتهم دون أن يعلن عن نفسه شيئا بخصوصها، لأنه كان يريد من وراء كل عمل يقوم به ويعود على العرب والمسلمين بالخير والفائدة وجه الله ومرضاته، وطلبا للاستقرار والأمن في المنطقة العربية والإسلامية جمعاء, والشاهد على ذلك ما سطره ووثقه معالي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري في كتابه لسراة الليل هتف الصباح: الملك عبدالعزيز دراسة وثائقية إذ إنه في إحدى المناسبات التي ضايقت الملك عبدالعزيز قال له أحد الجالسين: يا طويل العمر: ما الذي ضايقك منا؟ نحن أبناؤك المخلصون لك، من رافقناك في الطريق الشاقة التي عانينا معك فيها سويا عسرها وقسوتها عليك؟ , فرد الملك عبدالعزيز عليه بقوله ما معناه الأمر الذي تسألني عنه يتجاوزكم ويتجاوز حدود شبه الجزيرة العربية,, نحن ارباب عقيدة وحملة رسالة انسانية كريمة، نحن عرب مسلمون، والعروبة والإسلام جسد وروح، فلا عروبة إلا بالإسلام، وليس أحق بمناصرة الإسلام والتضحية في سبيله إلى الناس إلا الإنسان المسلم,,, .
ختاماً اسأل الله لنا ولكم التوفيق وأن يديم على هذه البلاد أمنها واستقرارها في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، والله ولي التوفيق.
رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الاقتصادية

القرية الالكترونية

منوعـات

لقاء

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير







[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved