تعتبر الكبد من الأعضاء الأساسية والمهمة في الجسم البشري، وتعتبر أيضاً من اكبر الأعضاء من ناحية الحجم، متكونة من خلايا عديدة تقوم بأكثر العمليات تعقيداً من الناحية الحيوية والكيميائية,, ومن هذا المنطلق فإن أمراض الكبد تكون متعددة حسب مكان الإصابة بالمرض وهل المنطقة المصابة هي القنوات الصفراوية والمرارة أو الخلايا الكبدية أو النسيج الكبدي والأوعية الدموية.
التغذية لمرض الكبد
بصورة عامة:
يعتبر الغذاء السليم والمقنن من أهم الاشياء المساندة لعلاج أمراض الكبد وبالتحديد للأمراض المزمنة والمتقدمة، فهناك علاقة مباشرة بين الكبد والغذاء الداخل للجسم من سوائل ومركبات عضوية وكيميائية،فكما هو معروف فالكبد هي العضو المسئول عن التعامل مع مثل هذه المركبات وتحويلها من مواد سامة وضارة إلى مواد غير سامة وغير ضارة للجسم.
ومن الأخطاء الشائعة للأسف أن كثيرا من مرضى الكبد يتم وضعهم علىحمية غذائية قاسية ومعقدة قد تكون غير ضرورية أبداً في كثير من الأحيان وغير مبنية على اسس علمية مما يؤدي الى حدوث مشاكل وسوء تغذية يكون المريض في غنى عنها وقد تضر بصحته وبنيته الحيوية, ولكن من المهم جداً معرفة أنه لاإفراط ولاتفريط وأحيانا كثرة الغذاء وسوء اختياره قد يؤدي الى حدوث مشاكل للمرضى وللاصحاء على حد سواء، مثل كثرة تناول الدهون قد تؤدي للسمنة وإلى تشحم الكبد ومن ثم الى ارتفاع إنزيمات الكبد, بناء على ماسبق يجب على المريض اللجوء إلى الطبيب المختص بأمراض الكبد وذلك لعمل الحمية اللازمة والمقبولة بناء على حالة المريض تحديداً، لأن ماينطبق على مريض ربما لن يناسب مريضا آخر, ومن الأشياء المهمة في هذا السياق أن بعض أمراض الكبد قد تؤدي إلى ضعف وفقدان الشهية وغثيان وتقيؤ، مثل مرضى الفشل الكبدي، مما قد يؤدي إلى سوء في التغذية معرضاً هؤلاء المرضى لمشاكل كثيرة، لنقص المواد الحيوية والفيتامينات، زيادة على ماقد يكونون علية من حمية معقدة, وذلك ممايزيد الأمور تعقيداً للاسف.
الصيام لمرضى الكبد
وعند دخول شهر رمضان المبارك يكثر عادة السؤال عن الصيام لمرضى الكبد وهل سيكون ذلك مضراً أم نافعاً.
ونقول الحمد لله رب العالمين أن حبانا الله بنعمة الإسلام, حيث إن ديننا القيم دين يسر وسهولة وليس دين عسر، ولايرضى الله لعباده التعب والمشقة والضرر، فسمح للمريض الفطر في رمضان رحمة من الله وشفقة, ولهذا الأمر يجب على المريض استشارة الطبيب المختص عن الصيام وعن النظام الغذائي الواجب اتباعه والنظام البدني المسموح به، وذلك لتسهيل أمور العبادة في هذا الشهر الفضيل.
عادة لاتوجد هنالك موانع للصيام بالنسبة لأغلب المرضى خصوصاً هؤلاء المرضى الذين لايعانون من أمراض مزمنة او مستعصية أو امراض في المراحل المتأخرة، ولاتوجد لديهم مضاعفات من المرض أواي امراض أخرى مصاحبة مثل مرض السكري مثلاً.
ولكي تكون الإجابة واضحة ووافية في هذا المجال فسأتطرق لهذه النقاط على هيئة اسئلة واجوبة وذلك مما سمعناه من المرضى، متطرقين لأكثر الأسئلة أهمية، وشيوعاً.
س, هل يصوم المرضى الذين يعانون من أمراض في الكبد؟
في غالب الأحيان كون الجواب هو نعم يمكنهم الصيام إذا كان المرض غير مزمن وليس في مراحله المتأخرة، ولاتوجد لديهم مضاعفات أو أمراض أخرى تمنعهم من الصيام، ايضاً عدم وجود أدوية تؤخذ على فترات متقاربة أو مدرات للبول تؤخذ بجرعات عالية،وذلك لتجنب المريض خطورة فقد السوائل الحاد مع الصيام.
وقد يكون الصيام مفيداً بعض المرضى مثل المصابين بتشحم الكبد، حيث إن الصيام مع الحمية الغذائية المناسبة قد يؤدي إلى انخفاض الوزن وانخفاض نسبة الدهون في الدم ومن ثم تحسن حالة الكبد.
ولكن يجب استشارة الطبيب دائماً لأخذ النصائح لكل حالة على حدة,.
س, متى يفضل عدم الصيام؟
يفضل عدم الصيام عادة للحالات التالية:
*المرضى المصابون بأمراض مزمنة وفي مراحلها المتأخرة مثل مرضى تليف الكبد (بأسبابه المختلفة) والمصاحبة بفشل كبدي،ووجود مضاعفات مثل تكرر الغيبوبة الكبدية والتهاب الغشاء البريتوني في البطن وسوء الحالة العامة والصحية للمريض، والإعياء العام، وخصوصا إن كانوا مصابين بأمراض مزمنة أخرى مثل السكري وأمراض القلب والكلى وغيرها.
*المرضى الذين يتعاطفون أدوية مدرة للبول وخصوصا بجرعات عالية لعلاج الاستسقاء واحتشاء السوائل في الجسم مما قد يعرضهم لفقد كميات كبيرة من السوائل والأملاح خصوصا في فصل الصيف والجو حار ومدة الصيام تكون أطول، ففي هذه الحالة يكون عدم الصيام أفضل, ايضا المرضى الذين يتعاطون أدوية تؤخذ على فترات متقاربة مثل الملينات التي تعطى للمرضى المصابين باعتلال المخ الكبدي والغيبوبة الكبدية وتكرار حدوثها, أو المرضى الذين يتعاطون دواء الإنترفيرون (INTERFERONE) ويسبب لهم مضاعفات مثل ارتفاع درجة الحرارة والغثيان والتقيؤ أو الإعياء العام مما قد يجعل الصيام صعبا عليهم خصوصا في الأيام التي يتعاطون فيها الجرعة العلاجية.
*بعض المرضى وبعد علاج نزيف دوالي المريء عن طريق المنظار بالحقن يكونون عرضة للإصابة بالقروح سواء في المريء أو المعدة وذلك بناء على مكان الحقن العلاجي بالتحديد أو وجود التهابات شديدة وقروح معويةمدمية تستلزم المتابعة والعلاج الدقيقين، فيكون عدم الصيام أفضل.
س, إذا صام المريض، ماهي المأكولات التي يجب الامتناع أو التقليل منها؟
مثل ماسبق فغالبية المرضى يمكنهم تناول الطعام مثل أي شخص آخر ولكن هنالك البعض ممن يجب عليهم مراعاة بعض الأمور في غذائهم وخصوصا المرضى المصابين بالاستسقاء واحتشاء السوائل والمصابين بالاعتلال المخي الكبدي وتكرر الغيبوبة الكبدية او تناول المدرات للبول, ومن الأمور الواجب مراعاتها:
*الابتعاد عن الأكل المضاف إليه ملح للذين لديهم استسقاء وتورم في القدمين وسوائل في تجويف البطن.
*التقليل قدر المستطاع من الدهون الحيوانية والموجودة في اللحم والالبان ومشتقاتها، واستخدام كميات قليلة من الدهون النباتية.
*تقليل كمية البروتينات للمرضى المصابين بمرض مزمن والمصابين بتكرر اعتلال المخ والغيبوبة الكبدية.
*الإقلال من العصائر والتمور لما تحتويه من كميات عالية من البوتاسيوم، وذلك للمرضى الذين يتناولون مدرات للبول ومن النوع الذي يؤدي الى الاحتفاظ بالبوتاسيوم في الجسم مثل دواء الألداكتون (ALDACTONE) ويمكن تناولها بكميات قليلة ومقننة.
*عدم الإفراط والإكثار من السوائل للمرضى الذين لديهم استسقاء وتورم في القدمين وسوائل في البطن.
س, هل يصوم المرضى الذين تمت لهم زراعة كبد؟
الجواب في الغالب هو نعم, فغالبية هؤلاء المرضى اصحاء والحمد لله ويستطيعون الصيام، فيما عدا نسبة قليلة منهم يكونون بحاجة إلى أخذ أدوية على فترات متقاربة أكثر من مرتين يومياً من مثبطات المناعة أو غيرها، أولديهم ضعف في عمل الكلى ، أو لأسباب أخرى قد يفضل الطبيب فيها عدم صيامهم.
وعموماً نسأل الله الصحة والعافية للجميع،ونؤكد على أن العلاقة القوية بين الطبيب والمريض هي أساس نجاح العلاج واستشارة الطبيب المختص ضرورية جداً حيث إن الإرشاد و التعليمات الطبية تختلف باختلاف المريض وحالته الصحية،وعدم الأخذ برأي غير المختصين والأقارب وذلك لعدم توفر الخبرة والدراية في هذه المواضيع.
د, إبراهيم الطريف
استشاري أمراض الكبد
دواء