بيننا كلمة 2 حتمية العبور د , ثريا العريّض |
ثمة قلق مستجد ناشز عن المعتاد في حواراتنا، أفرادا وإعلاما ومنظمات، قلق نشارك فيه العالم المتقدم,, مشكلة الألفية وعلة الكمبيوتر حين نعبر عتبة نهاية العام ويتغير التاريخ من 1999 الى 2000,, هل ستتوقف الفعاليات التي اعتدنا انتظامها تقنيا,, تلك المعتمدة على التقدم العلمي واستخدام الحاسب الآلي,, معجزة القرن العشرين؟ قلق نأخذ فيه دور المنتظر المعتمد على حل سيأتي به الغير, موقعنا هذا يثيرني الى سؤال يتعلق بنا وليس بمشكلة كونية: هل وصلنا في عالمنا العربي الى القرن الواحد والعشرين,,؟
علميا مازلنا كمجموع بشري في مؤخرة الركب الكوني نلهث لنتعلق بمؤخرة المسيرة, وإذا عمتنا ارتباكات الكمبيوتر فإننا لسنا الباحثين عن الحل بل المنتظرون لحل نطبقه يأتي من غيرنا المتقدمين علميا,.
نحن بين التابعين لا الرائدين! وموقفنا من موقعنا الحضاري يحتاج الى اعادة تقييم, ان نتوقف عن الرضى بالخمول والتقاعس.
نحتاج الى التركيز على التطور مدققين في جوانب منجزاتنا,, ومفصلين تطلعاتنا,, ومعاتبين نواحي قصورنا,, ومقترحين احتياجاتنا للتغيير,, وهذا لا يعني اننا نتقصد نقد الخطوات التي تمت في الماضي,, فقد جاءت في وقتها بقدر الاستطاعة والمرئيات والموارد المبذولة والدعم الاجتماعي، الذي كثيرا ما حاصر ويحاصر بدلا من ان يشجع خطوات التنمية والتطوير الحضاري والمجتمعي.
اليوم يأتي الاهتمام بنداءات تطوير التعليم دليلا واضحا على نضج نظرتنا لالتزامات التخطيط التنموي للوطن بكل معطياته الراهنة والمستقبلية.
إننا نشكو من أساليب التعليم التقليدي وتركيزها على الحفظ والتلقين,, ونطالب بتغيير النظرة لأهداف التعليم أولوياته ومحتواه ومناهجه,.
وقد نتفحص بعض قراراتنا السابقة بشيء من الندم,.
لن أهمش الموضوع واختصره في دوافع التخصص والوظيفة والانتاج الاقتصادي,, ذلك تبسيط لسؤال مصيري لابد من اجابته بكل جوانبه.
ولعل الجانب الذي يبدو ملحاً اليوم ويثير التخوفات هو احساسنا بوطأة الغزو الحضاري وبأننا مهددون بالاستلاب الثقافي انصهارا او تحجرا,, او بصيغة اخرى نواجه اسئلة البقاء: في حتمية الانفتاح على تطور الحضارة الكونية وتيارات الثقافة العالمية,, كيف نحقق ذلك دون ان نتعرض لخطر الغرق في تصارعاتها وأوبئتها؟
نحن في حاجة ماسة الى منهج تربوي في البيت والمدرسة يبني في النشء الرغبة في الانتماء الفاعل عبر قدرات وتوجهات لها صلاحية الفعل والتأثير في اوضاع اليوم والغد القادم,, ويعزز جوهر المثاليات والثوابت في ممارسات تتطلبها اوضاع المستقبل، فيحررهم من نمطية الانتماء السلبي المنحصر في اجترار الامس,, منهج يعتمد ضرورة تشغيل اذهان المفكرة وليس اختزالها في مهارة التلقين والتطبيق السلبي دون مساءلة,, مهما كانت الحلول المعتمدة من اسلافنا متميزة كحلول لمشاكل يومهم فهي غير ناجعة في يومنا,.
وفي اجواء العولمة الضاغطة، المطلوب بقاؤه هو جوهر المثاليات الدافع للتطور وليس حذافير التصرف المصرة على التحجر.
|
|
|