كل سبت البنيان المرصوص وركام العادات عبدالله الصالح الرشيد |
جاء في الأثر الشريف عن المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم قوله: إن الله قد أذهب عنكم حمية الجاهلية وفخرها بالآباء إنما الإنسان مؤمن تقي أو فاجر شقي وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم: أربع في أمتي من أمر الجاهلية الفخر بالأحساب والطعن في الأنساب والنياحة على الميت والاستسقاء بالنجوم .
ولا شك أن ما نلاحظه أخيرا من التفاخر والتأليف والكتابة المسهبة في الأنساب والتعصب للأصول والفروع والأطراف والتمادي في ذلك كما يفعل البعض كل ذلك يشق أكثر مما يرتق ويؤجج ويهيج أكثر مما يفيد ويبهج، وهو بصريح وبليغ ومختصر العبارة يوسع الهوة بين طبقات المجتمع المتآلفة المتحابة ويشحن النفوس ويجعل سبل الترابط فيما بينها غير سالكة وتراها لأدنى هفوة تعلن البغضاء وتشهر التنافر فيما بينها.
ولو التفتنا إلى بعض نواحي مجتمعنا لوجدنا رغم اليقظة الإسلامية الواعية وانتشار وسائل ومجالات التوعية,, بعض هذه الأمور التي حذرنا الرسول المصطفى منها موجودة بين ظهرانينا وحوالينا ولم يتطرق إليها وإلى معالجتها الكتاب الإسلامي وكذلك ما يسمى بالشريط الإسلامي وكأنها أمور لا يجب التطرق إليها وكشف أضرارها وتبعاتها رغم أن السكوت عنها وتركها كيفما اتفق ربما تؤدي إلى التأثير على تماسك المجتمع أو ربما تخلق التنافر بين أفراده.
هذا على الرغم بأنه إذا جاء الحديث والكتابة عن مجتمعنا قلنا إنه مجتمع مثالي فريد ليس له ند ولا نظير في المعمورة طر ونحسبه كذلك إن شاء الله,, ولكن أرأيتم معي أحدهم علي سبيل المثال يتزوج من الفلبين أو الهند ومن بلاد الغجر والنور خارج الحدود أو من أي بلد أوروبي مفضلا عن البلاد العربية هنا تزف له التحايا وتقدم له الهدايا وتغمره التبريكات من أهله وأقاربه وعموم معارفه دون سؤال عن ملة أو نحلة أو أصل أو فصل أو حتى فصيلة دم,, هذه القادمة الجديدة أو الشهادة الصحية لها، ولكن وما أقسى لكن في مثل هذا المقام عندما يتزوج من بنت جاره أو صديقه أو زميله أو يزوجها أحد أبنائه وهي مؤهلة بالصلاح والفلاح والعفاف والشرف، هنا في هذه الحالة تغمزه النظرات وتلدغه وتلحقه التساؤلات والهمسات ويطوقه الجفاء والمجافاة ليس لأي سبب جوهري أو حتى عادي، بل بسبب أن بنت جاره من أسرة غير معروفة لديهم أو ليست قبيلة مشهورة في عرفهم,, كما قلنا سابقا ونقول لاحقا أين دور الدعاة ورجال العلم وخطباء الجمعة وغيرهم من رواد الإصلاح عن معالجة وتصحيح هذه العادات التى تجعله عرضة للعطب والتنافر والتباغض بما يتنافى مع تعاليم الإسلام السمحة التي تحث على المحبة والتعاون والتلاحم والبعد عن الإثرة والتفرق والشحناء.
وباختصار القول فهي مع التسامح وضد التعصب لأن التسامح والتعصب ضدان لا يجتمعان، بل يتنافران فهما كالنور والظلام والخير والشر والعدل والظلم والمحبة والفرقة ,, لذا يجب أن ننمي التسامح في حياتنا ونتعهده بالسقيا ونزيل الفوارق التي ليست على تقوى وإيمان ونؤطر المحبة والوحدة والتعاون لنعيش حياة سعيدة مأمونة العواقب حميدة النهاية.
ونختم هذه الكلمات الصادقة النابعة من القلب ونزاهة القصد والتوجه إلى الأصلح بتوفيق الله بما قاله شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رحمه الله في أحد كتبه لم يثن الله على أحد في القرآن بنسبه أصلا لا على ولد نبي ولا على أبي نبي وإنما أثنى على الناس بإيمانهم وأعمالهم وإذا ذكر صنفاً وأثنى عليهم فلما فيهم من الإيمان والعمل لا لمجرد النسب صدق يرحمه الله,, ولكن هل من معتبر؟,, وآخر دعوانا أن الحمد لله.
|
|
|