قدّر الله وما شاء فعل والحمد لله على قضائه وقدره، بقدر ما صدمت بخبر وفاة والدي رحمه الله بقدر ما حمدت الله على ذلك ودعوته ان يأجرني في مصيبتي ويخلفني خيراً منها، فالموت حق علينا جميعا (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) ولله ما أخذ وله ما أعطى إنا لله وإنا إليه راجعون .
إن عنصر المفاجأة في خبر وفاة الوالد كان له وقع خاص وعظيم اثر في نفسي، فهو رحمه الله لم يكن يشكو من أمراض أو آلام، بل العكس من ذلك تماماً فقد كان يمارس نشاطه اليومي كعادته وحتى في ذلك اليوم الذي سقط فيه من جراء تعرضه لجلطة في القلب كان قد أمّ المصلين في المسجد لصلاة الفجر وذهب إلى العمل بكل همة ونشاط.
لن أنسى نصائحه وتوجيهاته لي في شتى مناحي الحياة، لقد كانت ومازالت نبراساً يضيء لي الطريق وقد كان يرشدني واخوتي إلى كل ما فيه الخير والصلاح لنا في الدنيا والآخرة، ولا أنسى ايضا أن آخر نصيحة أسداها إلي قبل وفاته هي أن أحافظ على قراءة القرآن الكريم، ولقد كان -رحمه الله- محبوباً من الجميع لطيبة قلبه ودماثة خلقه وأحاديثه الشيقة، فمجلسه لا يمل رحمه الله حتى إن أحد جلسائه قال لي ذات مرة إن والدك فاكهة المجلس، وكان محباً للعمل ولم يسبق له ان تمتع باجازة اضطرارية أو اعتيادية طيلة اربعين عاماً أمضاها في الخدمة بوزارة المعارف ما عدا أربعة عشر يوماً أعطيت له كإجازة مرضية حينما تعرض لاصابة وهو يؤدي عمله في الوزارة.
رحمك الله يا أبي وجمعنا وإياك في جنة الفردوس إنه ولي ذلك والقادر عليه.
محمد بن عبدالله بن غانم