تلويحة بايرون ,, آمين ! عبدالعزيز مشري |
* قف معي قليلا ونحن نخوض بخطواتنا بين المداد والاوراق عبر الزمان والمكان وكلاهما يمر عليهما تاريخ دينامو الحياة,, الانسان يقول بايرون الشاعر:
ان المعرفة ألم,, وان الألم حكمة .
قد لا نختلف، او لا نختلف كثيرا في ان المعرفة المقصود بها هنا حسبما ذكر بايرون هي التعبير الذي يسعى حتى الموت نحو البحث والتعلم والكمال الذي لن يبلغ نهايته (فهو بلا نهاية),, ذلك هو ما يسمى بشقاء المثقف الذي كلما ازداد معرفة بجواهر الامور,, ازداد فقدانا للذتها واندهاشها، وولج في مرارة المعرفة بكوامنها,, تلك الضريبة المرة التي تكشف عن ارتال الكذب والمخادعات والمكايدات والتسلطات والقبح اللا إنساني، وهو يبدو في الظاهر انسانا جميلا.
ان تلك المعرفة التي رأى في وقعها بايرون الألم,, هي ذاتها التي حولت الألم الى حكمة,, اي ان ضريبتها لا تقاس بالخسارة الجاهزة تجاه أي مملوك، وإنما بالالم الذي لا يألفه احد,.
انني لا اتحدث معك هنا بموازين جاحظية ولا بأدراج قدامة بن جعفر ، فلكل، مع الاحترام زمانه ومكانه وديناميته ورؤاه التي لن تتصالح مع زمان الغير في تاريخ ما جاء بعدهما من الاجيال البعيدة، وكما لو ان مرقعا بتشديد الراء وكسرها خلط بين معدنين كالنحاس والالمنيوم وصهر معهما الخشب دعنا من الغلظة الجاهزة,, فبعض الغلظات أشد فتكا بالقلب، والعقل، وصراخ الصوت واللسان,, فأنت مهما بلغت من ادعاء للحجة التي تراها في عينك ثابتة,, لا تستطيع ان تؤكد ان الجواري كن يتميزن بعدد من المواهب والتميز الذي يثبن فيه على قلوب وعقول واملاك واوقات اسيادهن في العصر العباسي مثلا، في ذات الحال,, فقد كن مملوكات يبيع فيهن ويشتري المال والحاجة، وامتلاكهن في الأساس النفسي والتربوي الاجتماعي والرومانسي غير الظاهر,, ليس إلا من اجل الامتاع والانس، والاظهار امام سهرات الغير ومسامراته، الى حد يجعل الغير يمزقون ثيابهم امامهن ويضربون برؤوسهم في الحجارة حتى آخر امكانية من نزيف الدم، ويبلغ بالبعض ان يهيم هيام الطير بالماء في صيوف الرماضي، ولن احدثك بالغريب والعجيب في هذا الامر, فكتب التراث مليئة في بعض فصولها بهذا الامر,, اذكر المعروف الذي لا يعرف,, الف ليلة وليلة ، والامتاع والمؤانسة لابي حيان التوحيدي واكرر بصورة فاضحة للآذان الكسائي ,,, لكن,.
لماذا دخلت في هذه التفريعة التوضيحية بعيدا عن بايرون ؟!
لكي اثبت لك ان المعرفة ألم، ألمها هنا هو شدة حرصي على توضيح ان البعض يصرف باله ونظره، بل ينسى أو يتناسى ذكر أو معرفة ذات الحياة وحياة التاريخ الماضي، باعتبار ان ذكر لذائذ الدنيا هو نوع من قبيح الذكر في حياة الأولين, سأقول:
بل انه خداع التاريخ، وذكره بما نهوى ونرغب.
***
لم أرد أن اضرب لك مثلا أو شاهدا او شواهد على ما قال بايرون ، وإنما أردت ان أشير الى ان المعرفة لا تتصالح مع من لا يؤتمن في حملها، وأن حملها ثقيل ومتعب لأنه أمين وصادق ولا يبحث عمن يرشوه لكي يسير في سبيله المغالط، إذا اردت فعليك اليوم ان تستخدم معرفتك التاريخية في قانونها ومعرفتها لكيلا تتغالط او تغالط حقها القانوني المعرفي، فالمكتوب قديما مقروء حديثا، بل ان الاثر القديم على الطين والخشب والحجر أصبح اليوم مقروءا مفسرا معروضا في الآثار، ولن اضيف الى معرفتك في هذا الشأن معرفة جديدة، ولكن محل المعرفة مرّ وموجع امام من ينكرها او يتجاوزها او يحكم عليها بالغياب.
أرغب يا هذا الذي أدعوه بسيدي وما هو في الحقيقة بسيدي ولا استاذي ان تنتبه بوعي الزمن الى ان اليوم ليس كالامس، فكيف الذي كان قبله وقبلا فهل نقلد الامس شكلا ومعرفة,, وما هو الثبات المنطقي فيه، وهل تشرق في يوم مرتين، وهل يتساوى المشرق مع المغرب، وهل تشرق على موقع مرتين في يومين وليس في يوم بالطبع؟!
أتعلم,, بماذا اريد ان اضع نفسي (بفتح الفاء) وأنفي فيه؟!
أريد أن أقول ما قاله بايرون الشاعر:
ان المعرفة ألم,, وإن الألم حكمة كما ذكرت في تلويحة الاسبوع الفائت,, وإني مضطر لأن أذكرك بالقول العربي:
قل الحق ولو على نفسك,, قل الحق ولو كان مرا ,, لكننا نرى المغالطة اليوم هي الحلوى، وكل تعليقاتنا هي يا للأسف !, فاذكر وتذكر ما يكتبه المرحومان في باب ما جاء في,, رحمك الله، وتقبل صيامك وقيامك,, آمين,.
|
|
|