Thursday 16th December, 1999 G No. 9940جريدة الجزيرة الخميس 8 ,رمضان 1420 العدد 9940


بوح
مابين السقطة الإدارية والتفوق

يجري الاختيار للمناصب الإدارية الرفيعة في كافة أنحاء العالم بشروط ومواصفات قاسية وذلك لأن هذه المناصب ترتبط مباشرة بمصالح الجمهور ولاسيما الفئات المتوسطة والفقيرة التي لاسند لها أوقوة ضاغطة لتيسير مصالحها, ولهذا فهي تجأر بالشكوى حين لاتجد سبيلاً غير ذلك.
طافت في ذهني هذه الخاطرة وأنا أقرأ تصريحاً لسعادة مدير عام الجوازات الذي أعلن فيه أننا سنتمكن من إصدار الجوازات أو تجديدها من خلال البريد وليس من الضروري ان يقوم المواطن بالمراجعة شخصياً للإدارات المعنية, وهذه قفزة إدارية لم نكن نحلم في تحقيقها في يوم من الأيام عندما كنا نشاهد في هذه الإدارة تزاحم الكثير من المراجعين حول المسئولين في تلك الإدارة حتى ليصعب عليهم قراءة المعاملات الي يوقعونها إلى جانب الفوضى واختراق نظام المراجعة السليم مما ينجم عنه تعطيل وارتباك يعيق سير العمل, طبعاً هذه الخطوة في الدول المتقدمة حضارياً ليست جديدة لاسيما في الولايات المتحدة الامريكية لأن الروتين البيروقراطي رحل من أنظمة تلك الدول منذ سنوات فاصبح النظام الإداري يجري تطبيقه بكل دقة وسلاسة بعيداً عن التعقيد ولذلك أسلفت بأن الاختيار لتلك المناصب إنما يتم بعناية كبيرة من بين الفئات الذين هم قدرات وكفاءات عالية بحيث لايعوزهم التصرف الحكيم والمثالي في مواجهة المواقف الصعبة التي تقتضي الحزم أو التساهل في اتخاذ القرارات مع عدم إغفال اثار نتائج مثل تلك القرارات على حرمة النظام أي لايكون اتخاذ القرار وضع لخدمة غرض معين أو مجاملة فحسب.
وبودي هناأن أقف قليلاً عند الإمكانيات والاسباب التي حالت دون اقتحام تلك التجارب منذ اعوام كثيرة مع عدم إغفال التطور الإداري الذي وصلنا إليه بالتدريج وفقاً لمعايير تلك الخطوات والسبب الذي مازال يدعوناإلى أن نعتمد في أكثر أمورنا على العلاقة في تحريك بعض مصالحنا لدى الإدارات المختلفة أو مانسميه بالواسطة مواجهة بالضغط المستمر الذي يعاني منه أكثر المسئولين في القطاعات من معارفهم لتحريك المعاملات وتسهيل المصالح, فلماذا لاتكون روح النظام وليس المعرفة الشخصية وراء انسياب المعاملات أوبالأحرى لماذا تجمد أية معاملة في موقع معين بانتظار الدعم الذي يحركها فهل هو الروتين البيروقراطي أم لأسباب أخرى؟
أتجرأ وأقول أن الخلل ليس في الأنظمة الواضحة إنما على الذين يقومون بتطبيق هذه الأنظمة ويفسرونها كيف يشاءون,, والفرق كبير بين عبارتي نعم أو لا, ومع ذلك فإننا نتباهى في قدرة واسطتنا على اعتساف تمرير معاملة عانت من ارهاق الرفض ثم وجدت من يسعفها حتى يلين من خطوات إنهائها لصالحنا, لذا فإننا نحتاج في تصوري الجهاز الوظيفي بصورة عامة إلى رفع الكفاءة الإدارية بالدرجة الأولى والمحبة الذاتية, أي أن كل فرد منا حين يجلس إلى مكتبه وينظر في المعاملات التي أمامه يخضعها لروح النظام دون انتظار لمن يزيحها من مكانها, ولو شعرنا مثل هذه الرقابة الذاتية بعمق المسئولية لما احتجنا الى الوسيط أو الواسطة حتى يزيح هذه التراكمات التي أمامنا في الطريق النظامي, بمعنى أن نتوخى الرأفة وليس الجبروت التي ينتظرها الناس منا كموظفين ومواطنين أولاً, وقبل كل شيء ان القناعة يمكن أن تتوفر متى ماتنامت في دواخلنا روح المواطنة الغيورة على مصلحة الناس من خلال أن النظام ليس جائراً دائماً طالما لايتعارض مع المصلحة العليا للوطن, وبهذه الوسيلة تسقط ضرورة الواسطة أو العكاز الذي نتوكأ عليه في أكثر أمورنا, وتحية للكفاءات الإدارية في مديرية الجوازات التي استطاعت عبر تجاربها الطويلة أن تصل الى هذا المستوى كما لا نعتقد ان الإدارات الأخرى أقل كفاءة وفاعلية وبإمكانها تطويع الروتين إلى مثل هذه الخطوات التطويرية الناجحة.
إبراهيم الناصر الحميدان

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

منوعـات

لقاء

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved