عزيزتي الجزيرة
لك تحيتي وبعد,.
ما اسرع عجلة الزمن تدور بنا بسرعة البرق الخاطف! بالأمس القريب ودعنا شهر رمضان المبارك والآن ها نحن نستقبله وكل ذلك يقرب من آجالنا وكل محسوب من أعمارنا وصدق الشاعر حين قال:
إنا لنفرح بالأيام نقطعها وكل يوم مضى يدني من الأجل |
ها هو شهر رمضان الكريم يطرق ابوابنا فهلا نعطيه حقه,, وهلا ندرك فضله ونتذكر معا قول الرسول المصطفى عليه السلام: لو يعلم الناس ما في رمضان من الخير لتمنوا أن السنة كلها رمضان , إن رمضان ليس ككل الشهور بل فضَّله الله على سائر الشهور لحكمة يعلمها جل شأنه، لذلك يجب الا تذهب ايامه هدراً بل نقضيها في طاعة الله والتقرب إليه بصالح أعمالنا علَّ الله يكفر من سسيئاتنا ويغفر ذنوبنا وهذا ما نسعى إليه جاهدين,, لذلك فرمضان فرصة للرجوع الى الله والانابة والتوبة بل هو فرصة للتسابق الى الخيرات وهذه الخيرات تكمن فيما يلي:
أولا : قراءة القرآن الكريم كلام الله ومعجزة النبي عليه السلام ذلك القرآن الذي تحدى به الله بلاغة الانس والجن وهو حجة الله على الناس كافة والعرب خاصة فهذا الشهر الكريم هو شهر القرآن قال تعالى: (شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) ولا ننسى ان في قراءة القرآن اجرا عظيما في كل وقت فما بالنا في رمضان والذي تضاعف به الحسنات وتمحى فيه السيئات فكل حرف من القرآن كما يقول عليه السلام بحسنة فلا أقول ألم حرف وإنما ألف حرف ولام حرف وميم حرف, نعم بقراءتنا للقرآن نكسب خيراً كثيراً وأجراً عظيماً ويجب ان نخصص جزءاً من القرآن لليوم الواحد ولا تلهنا اعمالنا عن قراءة القرآن بل يجب ان تعطي كل شيء حقه.
ثانيا : حفظ اللسان عن الغيبة والنميمة فإذا كانت الغيبة والنميمة محرمة ومنهي عنها فكيف في رمضان فالصيام يحتاج حفظ اللسان بل حفظ الجوارح اجمع ولا ننسى حديثه عليه السلام حين قال: من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه .
فاللسان عدو الانسان بل قد يحبط عمله وهل يكب الناس في النار على رؤوسهم إلا حصائد السنتهم , فاللسان سلاح ذو حدين فيجب ان نستغله في طاعة الله والتسبيح والتكبير وذكر الله والدعاء حتى نحظى بالاجر والثواب.
ثالثا: أداء العمل على اكمل وجه فرمضان ليس فرصة للنوم والراحة بل هو ايضا فرصة للعمل والجد والبذل فكون الانسان يصوم ويعمل في آن واحد فهو يؤدي عبادة وأمانة في نفس الوقت فله اجر العمل والاخلاص والتعب وله اجر الصيام.
رابعا : مقابلة السيئة بالحسنة فالرسول عليه السلام يقول: اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن , ففي رمضان بالذات يجدر بالانسان ان يقابل السيئة بالحسنة ولا يردها بمثلها ليكسب الاجر فإذا سابه احد او قاتله فلا يرد عليه بالمثل بل يقول: اللهم إني صائم ,فديننا الحنيف دين المحبة يدعو إلى التسامح والعفو عند المقدرة ولنا في رسول الله عليه السلام القدوة الحسنة في ذلك: فقد امرنا بالعفو عند المقدرة وحبذا السير بخطى الرسول الكريم عليه السلام.
خامسا: المحافظة على اداء الصلوات حيث ان الصلاة عمود الدين والركن الثاني بعد الشهادتين فأداء الصلاة في اوقاتها دليل ايمان المرء بل هو الميزان الذي يزن الفرد به إيمانه فلا فائدة من صيام بدون صلاة إذ كيف يؤدي الانسان الركن الرابع ويترك الركن الثاني والذي هو من اعظم اركان الاسلام ولا يصح اسلام انسان إلا بأداء الصلاة والا فهو كافر لقوله عليه السلام العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر .
والذي يلاحظ في زمننا هذا هو جمع الصلوات وذلك بسبب السهر ليلا ومن ثم النوم نهارا فلا يستطيع البعض القيام وقت النهار لذلك يفوته شيء عظيم وخير كثير بسبب ترك الصلوات.
فما أجدر بالمسلم ان يكون حمامة مسجد يصلي ويقرأ القرآن يسبح ويكبر يدعو ويستغفر ولاسيما ان هذا الشهر الفضيل لا يتكرر سوى مرة واحدة في السنة فلا يدري الانسان أيلحق به قادما ام لا يلحق فليعتبر رمضان اخر رمضان يمر به ويجتهد فلكل مجتهد نصيب .
سادسا: الدعاء قبل الافطار,.
أوقات الافطار وقبل الأذان بدقائق لحظات ثمينة ودقائق غالية هي من أفضل الأوقات للدعاء وسؤال الله سبحانه وتعالى وهي من أوقات الاستجابة كما جاء في الحديث الشريف (ثلاث دعوات مستجابات,, دعوة الصائم ودعوة المظلوم ودعوة المسافر).
والعبد الصائم يجب أن يقبل على الله منكسر النفس ذليلا ويدعو ليستجاب له ومع ذلك يغفل الكثير من الناس عن تلك اللحظات خاصة لأن عند الاجتماع على وجبة الافطار حيث يحلو للبعض طرح الأخبار وترك الدعاء.
سابعا: تعويد النفس على هجر المعاصي:
فرمضان فرصة عظيمة للصبر والمثابرة ومجاهدة النفس وخصوصا ان الشياطين مصفدة والنفس منكسرة والروح متأثرة إذن الظروف كلها مهيأة للابتعاد عن المعاصي بل وهجرها, فيجب أن يكون الانسان العاصي صاحب عزيمة وهمة فلا تغلبه معاصيه بل يصبر ويصابر ويحاسب النفس فالله سبحانه وتعالى يقول: (إن الله مع الصابرين).
ثامنا: السواك:
الكل يعلم أن السواك سنة مؤكدة وفي رمضان يضاعف بالسواك الأجر والثواب لمناسبة الزمان فحبذا ان تعود تلك الصفة الحميدة لشبابنا وشاباتنا فقد كانت كثير من الصالحات رضوان الله عليهن يداومن على هذه السنة.
فحبذا احياء تلك السنة العظيمةوالاقتداء بهؤلاء الصالحات الخيرات خصوصا في هذا الشهر الفضيل.
تاسعا: الصدقة في رمضان:
الصدقة في رمضان لها منزلة,, خاصةفنحن جميعا بحاجة ماسة الى أجرها وظلها يوم القيامة فحبذا أن يخصص الانسان لنفسه يوميا للصدقة يخرجها فمرة مالا ومرة أخرى طعاما وثالثة لباسا وهكذا فيكتب الله له بذلك أجرا,, كيف لا ورسولنا الكريم عليه السلام ذكر من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله هذا الرجل الذي تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه.
فالصدقة تدفع البلاء عن المسلم ويكفينا بهذا الصدد أن نذكر من السلف الصالح رضوان الله عليهم ما فعله عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعلي بن الحسين زين العابدين وغيرهم, ممن حرصوا علىالتسلل في ظلم الليالي للقيام على الأرامل والمساكين (فالساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله).
عاشرا: ذكر الله في كل وقت وآن,.
فيجب أن يكون الانسان ذاكرا لله في كل حين صباحا ومساء فلا تشغله أعماله أو أولاده عن ذكر الله نذكر الله فبذكر الله تطمئن القلوب كما يقول سبحانه وتعالى: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب),, وقوله تعالى:(واذكر ربك في نفسك تطوعا وخيفة), فرمضان فرصة لتكرار ذكر الله وذلك لعظم الزمان والمكان فالواجب على كل انسان ان يكون ذكر الله على لسانه لا يغفل عنه مطلقا ليكتب من الذاكرين وخصوصا أن ذكر الله يزيل الهم,, ويفرج الكرب,, ويريح الصدر ويشعر الانسان أنه مع ربه حيثما حل وأينما رحل .
قال تعالى:(يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا).
هذه بعض النصائح أوجهها لاخوتي وأخواتي في الله علّها تؤتي ثمارها المرجوة منها,, وأخيرا,.
اللهم ارزقنا حلاوة الايمان,, وزينه في قلوبنا وكرّه الينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين.
اللهم اجعل هذا الشهر الكريم شاهدا لنا لا شاهدا علينا وارزقنا الاخلاص في العمل وبارك لنا في أوقاتنا وأعمالنا وجهودنا ووفقنا لمجاهدة أنفسنا حتى ننتصر
عليها ونحررها من الذل للدنيا وللشيطان ونعلو بها في أعلى الجنان إنك سميع الدعاء,, ياأرحم الراحمين وللعزيزة خالص شكري وتقديري.
طيف أحمد
الوشم ثرمداء