قال ذيب: يظهر من صوتك انك متضايق والأمور ليست على مايرام,, فما الأمر يا صاحبي؟.
فقلت له: منذ عودتي هذا الصيف لواشنطن وأنا في وضع لا أحسد عليه من البعض!!.
فقال ذيب: ما هذا الأمر المزعج لك إلى هذه الدرجة التي أثرت على صوتك والذي يظهر منه انك متضايق لدرجة لم أعهدها فيك مسبقاً على الاطلاق؟.
فقلت له: سبب هذا التأثير بأنني قد سبق وان تناولت في صفحة عزيزتي الجزيرة في احدى مشاركاتي موضوع التأمين الصحي في عدد الجزيرة الصادر بتاريخ 4/7/1999م وبعد عودتي لواشنطن واجهتني أمور لم ولن أصدق بها على الاطلاق حيث حجبت عني أبسط حقوقي وضيق علي لدرجة كبيرة في أداء واجبي وذلك لانني تطرقت لموضوع مجتمعي هام للجميع ويهمنا من منظور وطني والواجب علينا في حالة ان نجد وجهة نظر ونعتقد بسلامتها أن نقف لمن قالها احتراماً وتقديراً فإن أخطأ فله أجر واحد وهو أجر اجتهاده وان لا تؤخذ أمورنا المجتمعية بنظرات شخصية ضيقة الفكر والنظر.
فقال ذيب: سبق وان قرأت مقالتكم تلك عن التأمين الطبي والتي من خلالها تطرقت لأهمية تطبيق التأمين الطبي على الطلاب السعوديين المبتعثين في أمريكا، وأرى أن مقالتك تلك كانت تستحق الاشادة وليس المضايقة، فموضوع التأمين الصحي من أهم الموضوعات المجتمعية الهامة في الوقت الحاضر، كما أنك قد طرحت وجهة نظرك بأسلوب بعيد عن التجريح أو الإثارة.
فقلت له: يا أخي ذيب أرجوك ان تعفيني عن الاستمرار في التطرق لموضوع التأمين الطبي فقد ضاقت نفسي من سماع هذا الاسم كما تضيق نفسك من سماع اسمك القديم ذيب.
فقال ذيب: الحمد لله يا أخي فحكومة بلدنا العزيز حفظت الحق للجميع بقول كلمة الحق والمشورة والنصح للصغير والكبير بل وسمحت بأن تكون صحفنا المحلية وسائل للتعبير وطرح وجهات النظر بكل موضوعية ما دامت بكل موضوعية مادامت محترمة لمبادئنا ومعاييرنا المجتمعية وآدابنا الإسلامية.
فقلت له: أرجو يا أخي ذيب بأن لا تعود بنا لموضوع التأمين هذا.
فقال ذيب: وآمل منك ألا تسألني اذاً عن العمل فلم يجد جديد في هذا الموضوع إلى الآن.
فقلت له: وهل يعقل بأنك لم تتحصل على أي عمل حتى تاريخه سواء في القطاع الخاص أو في الأعمال الحكومية؟!:
فقال ذيب: وهذا هو الواقع المر الذي أعايشه حتى الآن مع أنني لم أشترط بأن أعمل في المدن الرئيسية بل انني مستعد في أن أعمل في أي مكان حتى ولو في الصمان أوفي أعالي قمم الجبال!!.
فقلت له: ولكن عليك إن وجدت عملا في الصمان أن تحترس من أن تفترسك الضباع والذئاب في البراري.
فقال ذيب: وهل تتصور أن تفترس الذئاب ذئباً مثلي فهي تفترس النعاج فقط,, ثم هل صدقت بأنني من الممكن أن أجد عملاً في الصمان وماذا عساك أن تتصور أن أعمل هناك وأنا متخصص في الحاسب؟.
فقلت له: يستفاد من متخصصي الحاسب في كل مكان وزمان ولا يمكن الاستغناء عنهم في هذه الحياة المعاصرة والتي يطلق عليها عصر السرعة والتكنولوجيا بل من الممكن أن تجد عملا على سطح القمر.
فقال ذيب: الله يرحم حالك,, أرشدني يا صاحبي على أي مكان من الممكن أن يعتقدوا بأهمية تخصصي فيظهر أن الأمر الواقعي غير ذلك!!.
فقلت له: فقد ذكرتني ياذيب بأن إحدى الجهات قد بدأت بتطبيق تصدير وتوريد المعاملات عن طريق الحاسب ولكنهم اكتشفوا بعد تطبيق هذا البرنامج بأشهر ان التواريخ المعمول بها غير دقيقة والسبب في ذلك أن التقويم المعتمد عليه في برنامج الصادر والوارد تقويم جامعة أم القرى بدلاً من تقويم أم القرى الذي يعتبر التقويم الرسمي للعمل بالمملكة وذلك لأنهم خلطوا بين تقويم جامعة أم القرى وتقويم أم القرى!!.
فضحك ذيب وقال: وكيف اكتشفوا ذلك؟.
فقلت له: فقد اكتشفوا ذلك حين ورد تعميم مؤرخ بتاريخ يوم الغد لأحد مديري الادارات في تلك الجهة فعلق هذا المدير على التعميم بهذه العبارة الخفيفة والظريفة بلكي نصدق باننا في عصر السرعة والتكنولوجيا فقد صدر هذا التعميم يوم غداً!! وأرسل هذا التعليق للمسؤول الأول في تلك الجهة.
فقال ذيب: لهذا فانني أرى بعدم وجود أمل بحصولي على عمل في وقت قريب.
فقلت له: لم تجد عملا في القطاع الخاص مع أن تخصصك حاسب آلي فهل هذا معقول؟.
قال ذيب: كل من قدمت إليهم من هذه الشركات يقولون يجب أن يكون المتقدم سعودي الأصل والمنشأ والميلاد ولديه قدرة على تحدث اللغة الانجليزية قعوداً ووقوفاً وتحدثاً وكتابة وان يكون لدى المقدم خبرة لا تقل عن خمس سنوات في علم الذرة ويستطيع ان يقفز الحواجز ويتعامل بكل جدارة مع الظواهر الجوية والبحرية ولديه المقدرة على التعامل مع الخبراء الأجانب بالسمع والطاعة وآخر ما يطلبون ان تكون الاقامة قابلة للتحويل!! وهذا بالطبع المقصود به المواطن فقط ولا غير!!.
فقلت له: وهل تصدق يا أخي ذيب أن أحد الإخوة العرب أعرفه معرفة جيدة قد تعاقدت معه احدى الشركات على وظيفة خبير أمريكي وبعد أن وصل وعلموا أن اصله عربي طالبوه ان يوافق على انزال راتبه الشهري 50% أو لن يجدد عقده لسنة أخرى!!.
فقال ذيب: خطأه أنه كان صادقاً معهم ولو لم يخطرهم واستمر بالحديث معهم باللغة الانجليزية لتمسكوا به ولم يفكروا بالتخلص منه!.
فقلت له: ألم تستطع ان تجد وظيفة سائق لدى احدى الأسر ولو مؤقتاً حتى تجد عملاً في مجالك؟.
فقال ذيب: حتى وظيفة سائق لا يقبلون فيها السعودي!!.
فقلت له: يا أخي البس جنزا وفنيلة نصف كم وسرح شعرك في منتصف رأسك وضع عليه من الدهون ما يكفي لشوي جمل حتى يتصوروا انك هندي أو باكستاني وسوف يقبلون بك ولكن عليك ألا تتكلم على الاطلاق وان تكتفي بهز رأسك وسوف يقبلون بك كسائق مع العائلة تتنقل بجميع أفرادها في أي مكان كان لأنك لم تلبس الغترة والعقال!!.
فقال ذيب: يظهر انني لن أعمل أي عمل مهما كان.
فقلت له: وكأنك قد بدأت تقتنع بوجهة نظري,, فصرخ ذيب بصوت عال وهو يقول لا,, لا ,, لا فلن أقدم على وزارة المعارف للعمل كمدرس فقد سبق وان قلت لك بأنني لن أقبل بوظيفة معلم مهما كلفني ذلك فأنا غير مؤهل لهذا العمل الهام.
فقلت له: اذاً فسوف تضطرنا بأن نسمع منك قصصا ومواقف أخرى في سببل بحثك عن عمل.
عبدالله بن إبراهيم المطرودي
واشنطن