انهى المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول مجلس التعاون الخليجي العربية دورته العشرين التي عقدت على مدى ثلاثة ايام في الرياض خلال الفترة من 19/21 شعبان سنة 1420ه 27/29 نوفمبر 1999م برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله وبحضور اصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس, وقد كان الاجتماع فرصة تاريخية تم من خلاله استعراض مسيرة عقدين من الزمن انجز خلالها بعض من طموحات وأولويات المنطقة, وكان لموقع الاجتماع في مدينة الرياض بعداً خاصاً وثقلاً للقرارات والتوصيات الصادرة كون المملكة تشكل عمقاً استراتيجياً وسياحياً أمنياً لدول المجلس مما ضاعف من مسؤوليتها وجعل عواصم العالم تنظر للقرارات الصادرة منها على انها ذات قيمة خاصة فيما يتعلق بالقرارات والتوصيات التجارية والاقتصادية والقرارات الخاصة بالامن والاستقرار، وكان ابرزها على المستوى الداخلي اقرار الموافقة على فئات التعرفة الجمركية على السلع الاجنبية الواردة الى دول المجلس على أساس نسبة 5,5 في المائة لقائمة السلع الأساسية و 7,5 في المائة لقائمة السلع الأخرى على ان يتم التطبيق اعتباراً من مارس 2005م وعلى ان تقوم الدول بتعديل رسومها الجمركية الحالية تدريجياً او دفعة واحدة سعياً لاستكمال توحيد الانظمة الاقتصادية لدول مجلس التعاون لاقامة اتحاد جمركي فيما بينها.
ان القمة الخليجية العشرين رغم انها حققت انجازات سيعود نفعها على مواطني المجلس، وتدفع باتجاه اندماج اكثر على الاصعدة التجارية والاقتصادية مثل حرية تملك مواطني الدول الأعضاء وتسهيل تنقلهم إلا ان مسيرة المجلس بحاجة الى قفزات تواكب التطورات الدولية المتلاحقة وتحقق طموحات القادة والشعوب ، وهذا ماتم التأكيد عليه في الكلمة السامية لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود رئيس الدورة العشرين للمجلس الاعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بمناسبة انعقاد الدورة التي كانت نبراساً يدق محذراً من مخاوف التباطؤ وتدعو للاسراع والتعجيل في تحقيق طموحات المنطقة وهي الكلمة الجريئة والمسؤولة والحكيمة والتي تدل على نظرة بعيدة تستشف المستقبل من خلال تلمس المشكلات والاحداث والصراعات التي تلف العالم، لقد تضمنت الكلمة تحليلاً واضحاً ودقيقاً للوضع السياسي العالمي والمحلي ورسمت نهجاً واضحاً ومحدداً للمستقبل يجنب دولنا مخاطر وخيمة، وهنا تستوقفنا بعض النقاط التي جاءت في كلمته حفظه الله التي قال فيها: ان تسارع الاحداث الدولية وتطورها في عصرنا هذا ثقيلة في وقعها، قوية في تأثيرها على كل دول العالم الذي نحن جزء منه، هذه الحقيقة تجعلنا ندرك باننا لسنا في منأى من آثار ذلك التحول، لذلك علينا ان نقرأ احتمالات المستقبل بعقل يقظ وبدون ذلك سنبقى على هامشها نرقبها بلا حول ولا قوة ومن لايدرك الاسباب ويحدد الاهداف ويطرح الوسائل لتحقيقها سيبقى من مجموعة المتأثرين لا المؤثرين وهو ما ننأى بدولنا وشعوبنا عنه, وتطرق الملك فهد حفظه الله للأحداث على مستوى العالم وحركة الدول نحو العولمة وطالب بالتفاعل والمشاركة وعدم التفرج، وناشد إخوته اصحاب الجلالة والسمو بتحقيق انشاء السوق الخليجية المشتركة ليواكب التغيرات الاقتصادية السريعة بارادة سياسية قوية وطالب حفظه الله ورعاه بالتعامل مع الآخرين بلا خوف او حساسية من اجل تحقيق الأمن والرفاهية والرغد لشعوب دول مجلس التعاون.
كما اشاد اصحاب الجلالة والسمو بالكلمة واعتبروها وثيقة تاريخية ومنهجاً سياسياً عملياً يقتدى فيه لما جاء بها من تحليل موضوعي للاحداث ورسم خطوات منهجية علمية, ان العالم اليوم يدرك ان الدول العظمى أثناء رسم سياساتها الخارجية الاستراتيجية بالخصوصية والاهتمام، والاهم هو ان نعي نحن ثقلنا، وان نعمل على استقرار المنطقة والحفاظ على الامن ونجنب شعوب المنطقة ويلات الصراعات في العالم ونحافظ على وتيرة رفع مستوى المعيشة لشعوبنا والذي لن يأتي إلا عن طريق الاسراع في الاجراءات التنفيذية التي من شأنها تلاحم دول المنطقة وتوحيدها وتفعيل دور مجلس التعاون واعطائه صلاحيات اكبر من اجل تسريع المسيرة وان تكون الانجازات في مستوى الطموحات ووضع الاتفاقيات في حيز التنفيذ من أجل وحدة خليجية قوية وحقيقية.
بندر بن فهد آل فهيد