Sunday 12th December, 1999 G No. 9936جريدة الجزيرة الأحد 4 ,رمضان 1420 العدد 9936


الغربال
أ,د, عبدالله بن محمد أبوداهش

ورد في حديث أشج عبدالقيس: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: إن فيك خلتين يحبهما الله: الحلم والأناة، قال: يا رسول: أنا أتخلق بهما، ام الله جبلني عليهما؟
قال: بل الله جبلك عليهما.
قال: الحمد لله الذي جبلني على خلتين يحبهما الله ورسوله (1) .
قلت: وبهذا يتمايز العباد، والله يختص برحمته من يشاء قد يتخلق الإنسان بخلق لم يجبل عليه، فلا يدوم له، بل يزول، ويذهب، وقد يفتعل مؤداه، ما تيسر له من الوقت، فيبقى له ما بقي صبره عليه، ولكنه لا يلبث حتى يندفع لأجله، وذلك لأنه مصطنع، ليس له قرار.
وكل مخلوق من البشر يتمنى: السمو، والرضا، والكمال النسبي، ولكن لا يتحقق ذلك كله، إذ كل ميسر لما خلق له ، هكذا قسم الله بين عباده الأرزاق، في: معاشهم، وألوانهم، وأفعالهم، وشمائلهم، وتصرفاتهم، فهم متفاوتون لتفاوت معانيهم، ليسوا على قلب إنسان واحد، بل أشتات، فلا المال، ولا الجاه يسدان النقص في الخُلق، ولا الفقر، والخمول: يذهبان به، بل ربما رفعاه، وزيناه:
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وعندئذ يقرر رسول الله صلى الله عليه وسلم وجود خلتي: الحلم، والأناة في خلق أشج عبدالقيس، وهما ماهما من الخصال الرفيعة الشريفة، نعم: الحلم، والأناة: خلتان ساميتان، تشرقان في الإنسان، فتزيدان في عقله، وتعمران حياته، وتتجددان في تصرفاته، وتعامله، بل في كلامه، وأقواله، وأفعاله، إذ هما مفطورتان فيه، فلو أنهما مصطنعتان لذهبتا لذهاب التخلق والتكلف، ومن هنا كان مقام أشج عبدالقيس في مجتمعه، بل هكذا كان مكانه في نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا من عطاء الله تعالى، إن عطاءه غير مجذوذ.
الحواشي:
(1) أخرجه أبو داود 5/395.
رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

منوعـات

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

تغطيات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved