3
أتذكرين تلك الأمنية،
وأنتِ تتطلعين إلى وجهي,,, تقولين إنَّه مرآتكِ إلى الفرح، ومرآتكِ إلى الحزن؟
كنتِ تتأكدين في كلِّ مرة تنظرين فيها إليه أنَّكِ تحملين سلَّة في يديكِ، وتجنين ثمار الفرح والحزن,,.
لم تكن تلك الأمنية إلا حلماً جميلاً كان يراود لحظاتكِ,,.
فاللحظة عندكِ وعندي تمتزج بشيء من الغيب الجميل,,, ذلك الذي نحلم به ولكنَّا لا نملكه,,.
قلت لكِ ذات يوم: إنني بكِ، ويوم تذهبين، لن أكون,,.
وذهبتِ,,, ونسيتِ أنني دونكِ لا أكون,,.
لكنني تصبَّرت كثيراً، وأنا أقف عند سلَّة الفرح والحزن,,.
وأنتِ عند ذلك الوعد,,, الذي يأتي ولايأتي، ويكون ولا يكون، ويكبر,,.
ثم لا يتلاشى,,.
بين الضباب والسراب,,.
نثرتِني قطعةً قطعةً,,, في كلِّ مرة أراكِ وقد منحتِني ظهركِ وذهبتِ,,.
ألهث وراءكِ، ولا أبالي,,.
فقد تعودتُّ أن أتشبَّث بأطرافكِ,,, وأجمل اللحظات الطفولية في عمري تلك التي أتشبَّث فيها بأطرافكِ,,, ثم أضع رأسي كي يستريح عند كتفكِ,,.
قلتِ لي كثيراً إنكِ ستتركين لي كتفكِ كي أسند إليه رأسي حين تُطوّح بي دوامات الكون الشلَّالية الساحقة,,, لأنني أوهن إذا ما اعتراني التيار,,, وكنتِ لي قوة أستمد منها المقدرة على أن أفعل أيَّ شيء وكلَّ شيء,,.
لكنني كلَّما بحثت عن كتفكِ، وجدتكِ قد طويتِها معكِ وذهبتِ,,.
تعطينني في كلِّ مرة ألف موعد,,.
وعندما تأتي المواعيد تهربين منها كالزئبق، وأكاد أن أصدق بريق الزئبق فأقتفيه، حتى إذا ما قربتُ عرفتُ يقيناً أنَّني بين الضباب والسراب مسحوقة في طفولية الحلم,,.
أعلم يقيناً أنَّكِ قوية في داخلي,,.
ولم أفكر لحظة أنَّني ضعيفة في داخلكِ,,.
لكنني أيضاً أدري أنَّني أكثر رهافة من النسمة، وأكثر شفافية من القطرة،
ذلك ليس ميزة,,, وإنَّما العيب الذي وُسمتُ به,,, ووُسمت به خطواتي,,.
كثيراً ما خشيتِ عليَّ السقوط لأنك تعرفين أنني لا أسقط إلا كي أتناثر أشلاء، ويمزقني الارتطام تماماً,,.
وأنتِ لاتريدنني أن أتحول إلى بقايا,,.
أتدرين أنَّني في كلِّ الأحوال خفايا لبقايا لم تقوَ على النهوض بعدكِ؟
ثمة دمعة تحجَّرت فوق خديَّ,,, كبيرة تمطَّت واستقرَّت في دربي,,,؟
كبُرَت وتحوَّلَت إلى رابية عند منعطفات دروبي,,,، غطّت عليَّ أن أعرف الدرب إلى سلَّة الفرح,,, لكنَّها منحتني فرصة أن ألتقي بنصف السلَّة الآخر,,.
متى تعودين؟
ترى هل تعودين؟
بعد كلِّ موعدٍ يكون ولا يكون؟!,.
حلم جميل يطير بجناحين وثيرين,,.
يحلِّق فوق رابية الدمعة,,, يرى مكمن النصف الثاني من السلَّة، ولأنَّك طرَقتِ ذات لحظة على وتر الصَّبر في داخلي,,,، وشدَدتِه بقوة ثم سجّلتِ فوق صفحة ذاكرتي بنوتة نغمه,,,، وطلبتِ إليَّ عندها أن أُمرِّر قدرتي على أزرَّة آلته,,, كي أستمع إليه وقلتِ إنه سيقودني إلى الفرح,,.
فإنَّني سوف أحاول أن أجتاز كتل الأحلام، ومفازات الفشل كي أصل إلى ذلك الوتر,,, وأحاول أن أستمع إلى ما يمنحني شيئاً من الصَّبر,,.
حتى تؤبي إلى المثول بين عينيَّ ونبضي,,.
وتحملي معي السلَّة من جديد,,.
فأنتِ,,, وحدكِ من يفرحني، وأنتِ وحدكِ من يقصيني إلى ما بين الضباب والسراب.
|