Thursday 9th December, 1999 G No. 9933جريدة الجزيرة الخميس 1 ,رمضان 1420 العدد 9933


هكذا
الرجاء ممنوع الانتظار
فهد العتيق

* هنا شهادة ضد ومع الانسان في آن واحد.
وهنا فن اخذ على عاتقه ان يحمل هذا الانسان عالياً، الى جانب هموم الفن وشجونه ايضاً.
قصة موجزة لفتاة مُحبة، هي بطلة هذا النص الفني والادب المرئي، او الفيلم العربي المختلف والمتميز الرجاء ممنوع الانتظار ، من مصر العربية.
البطلة تحمل وجهاً مميزاً، ليست بجمال العارضات، لكنها ذات وجه ذي تعابير أخاذة وعفوية ومن السهل ان تتآلف معه وتحبه، تدور البطلة في شوارع المدينة، وبين وقت ووقت تتصل من محل بالشارع بالحبيب المشغول او المتشاغل، احياناً تجده فيعتذر واحياناً يضرب لها موعداً ثم يخلف موعده، او يترك لها رسالة في جهاز الهاتف يكرر الاعتذار عن المواعيد السابقة، وهي في كل الاحوال تدور في الشوارع، إما تتفرج على المحلات او تأكل بنقودها القليلة، او تجلس لترتاح في الاماكن المنزوية، لكنها لا تنسى دائماً ان تتصل به قبل ان تسأل نفسها في كل مرة: هل يتهرب مني؟، ولماذا؟، ماذا يشغله عني؟، لماذا يَعِدُ ولا يأتي؟، كيف سيكون وضعي عندما لا يأتي هذا الخطيب الغامض؟
تتمشى البطلة في الشوارع على ايقاع موسيقى اغنيات أم كلثوم فتكون الصور اكثر ايحاء، لانها ايضاً تعطينا حياة الناس البسطاء ومعاناتهم اليومية، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمرون بها، تنقل لنا المخرجة الشابة مواقف انسانية موحية بالفعل من الشوارع والارصفة والحارات، في نفس الوقت الذي تتابع فيه هذه البطلة الشابة وهي تبحث عن حبيبها الغامض في لهاث غير مجدٍ ولا معنى له.
هذا الفيلم البسيط يقدم طريقة جديدة في التعبير كما يقدم لغة جديدة في الفن تعبر عن ايقاع متميز لحياته الخاصة التي هي جزء من حياة كل انسان يعيش على هذه الارض، وصورة البطلة الشابة وهي تحادث نفسها او تركض خلف حافلات النقل المزدحمة او وهي تستأذن اصحاب المحلات لاستخدام الهاتف، بالاضافة الى الكاميرا الحية والمبدعة التي تركض خلفها وكذلك المشاهد الانسانية التي تقدم الصور النقيضة لما نظنه حياة طبيعية في هذه الشوارع,, كل هذا عمل ممثلة ومخرجة وكاتبة ابدعن فيلماً عالي الموهبة والفن والانسانية، فرغم قصر هذا الفيلم واعتماده على بطلة واحدة هي الممثلة الشابة، الا ان هناك أبطالاً آخرين هم الناس البسطاء في الشوارع والصور المعبرة والحية لهم وهم ينشدون خلاصهم في البحث عن الرزق، وفي الغالب يركضون في هذه الشوارع وربما لا يعرفون الى اين هم ذاهبون ولا كيف سيعودون!!
فيلم صغير ومكثف وموجز لكنه معبأ بالرمز والشعر والسرد والايحاء والموسيقى واللغة العالية التي تعبر عن جوهر الحياة وعمقها، هذا بالاضافة الى لغة كاميرا حاذقة، واظن هذا هو الابداع، حيث البطلة غير معروفة والمخرجة غير معروفة وصاحبة القصة اسم غير معروف، لكن ما قدموه من عمل ابداعي راقٍ يعتبر معروفاً لمن يخبر الفن.
واذن هنا شهادة مع وضد الانسان في آن واحد، مع الحق والعدل والفن والعمل، وضد كل ما يناقض هذا، مع هموم الانسان والفن وضد الحياة المظهرية المسطحة والباذخة التي يريد البعض ان يجعل منها اساس الحياة، مع كل شيء جوهري في الحياة واخيراً مع هذه الفتاة الضالة التي ابتلعتها المدينة بلا رحمة عن طريق هذا الغامض والناكث للوعد.
وهكذا يكون الفن فناً حقيقياً.
* فاصلة شعر من حسان عزت:
* من تلك الصغيرة الواقفة على الرصيف؟،
احلام يانعة في عينيها،
كنوز اعمار في صدرها،
مواسم جُلّى تتثنى وفصول،
أعطني عمراً ومروجاً كي أقلها الى الاقاصي.
رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

منوعـات

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved