بعد فوزه بجائزة سلطان العويس في النقد ,,د, الغذامي يعدُّ مشروع الأنساق الثقافية ويقول لاخيار لإنسان أن يجعل نفسه من دون خصوم,. وإن اختفى الشعراء سيظل الشعر متألقاً، وحاضراً,. لست قلقاً على المسألة الثقافية من العولمة,. |
*حوار: عبدالحفيظ الشمري
الناقد الدكتور عبدالله الغذامي قامة ثقافية وأدبية متميزة حققت مكانة متميزة في مجال النقد الأدبي وأثمرت جهوده بأن طرح العديد من المؤلفات والكتب والدراسات والمحاضرات.
الناقد الغذامي كان متميزاً في طرحه ونقده عرف بمواقفه الجريئة والمكاشفة حتى أصبحت له شخصيته الفذة والمتجلية في طرحنا الثقافي على المستوى المحلي والعربي,, وتوج هذه الجهود بحصوله أخيراً على جائزة العويس في مجال النقد الأدبي مما أسعدنا وأبهجنا لنعد هذا الحوار معه حول تجربة النقد الأدبي والثقافي وقضايا أخرى ليأتي على هذا النحو:
*أين وصل الدكتور الغذامي بعد هذا المشوار الحافل من التجارب والطروحات؟ ثم ما الذي بقي من تلك المشاجرات، والمشاكسات التي كنت طرفا حقيقياً بها,,؟
إن كنت تتحدث عن التجارب فهذه مسألة، وإن كانت عن المشاجرات فهذه مسألة أخرى,, فبالنسبة للتجارب من المؤكد ان الانسان تصنعه تجاربه, فهناك مشوار دقيق في حياة أي إنسان لايستطيع أن يمتحن فيه نفسه الا اذا دخل فعلاً بالعملية الحقيقية للممارسة وعبر هذه الحقيقة يتعلم,, فالانسان قد يبدو له أنه يُعلِّم لكن الحقيقة الجوهرية أنه يتعلم, فأعتقد أن مشواري الذي مررت به هو مشوار للتعلُّم أكثر مماهو مشوار للتعليم.
أما الخلاصة التي خرجت بها من تلك المشاجرات هي أنني أخذت درساً أخلاقياً جيداً وهو أن أتقبل خصومي بالمعنى الحقيقي للتقبل,, أولاً لأنه لامناص من وجود خصوم فلاخيار لانسان أن يجعل نفسه من دون خصوم وهذه حقيقة ثابتة, إذن السؤال هنا إذا كان لك خصوم هل ستتركهم يشغلونك نفسياً وعملياً ليتسنى لهم إعاقة مسيرتك,,؟ أم تتحول إلى صورة أخرى وهو أن تتقبلهم بظروفهم؟ وهذا الذي وصلت إليه بمعنى أنني أسلم بوجود الخصوم وأن لهم الحق الطبيعي في أن يقولوا الشيء الذي يريدون أن يقولوه, ومن جهة اخرى أدرب نفسي بألا أجعل ذلك معيقاً أو شاغلاً لي، فبالتالي قبول الخصوم هو الحل الأمثل,.
*كيف يرى الناقد الغذامي ساحة الشعر بعد غياب جيل الشعراء الذين تضافرت جهود نقدك بحضورهم وأين الشعر والنقد بعد غياب محمد الحربي وعبدالله الصيخان، ومحمد الثبيتي، وخديجة العمري,؟
في نظري أن ساحة الشعر لاتزال مزدهرة وعامرة, واعتمد في قولي هذا على ملمحين مهمين، الاول هو ملمح القصيدة التي تكتبها مجموعة من الشاعرات,, فهن يكتبن شعراً ينطوي على قصيدة متطورة فعلاً وهذا ملمح مهم، والملمح الثاني هو قصيدة النثر,, فمهما كان موقفنا ذوقياً منها لكنها تجربة أدبية تستدعي النظر وتستدعي الوقوف.
*ومن بقي من هؤلاء الشعراء,,؟
أنا أعتقد أن الذي يبقى هو الشعر وليس الشعراء,, فالذي يمكن أن نتداوله هو الشعر والقصائد، فأنت لو استعرضت مجموعة من القصائد عندنا ربما لاتسمي واحدا منهم شاعراً مطلقاً عملاقاً بالمعنى المطلق للعملقة لكنك إذا نظرت في القصائد ستجد مجموعة من القصائد التي تستطيع أن تنتخبها وهي قصائد فعلاً تقف موقف الند والمنافسة مع التجربة الشعرية العربية في كل أنحاء الوطن العربي.
*د, عبدالله أنت من رواد المصارحة والمكاشفة,, أين العولمة من مشروعك التنويري؟,, وهل ستحظى هذه الثقافة بماحظي به المعنى لديك ,,؟
اعتقد أنه من الضرورة أن يترحَّل الكاتب والباحث وليأخذ على عاتقه مطلب التحرر من آرائه بحيث انه لايصبح عبداً لآرائه والذي لايسعى لمثل هذا الأمر في اعتقادي أنه ينتهي, لذلك أنا أرى ان الأهم هو أن نظل نتحرك مع حركة الفعل والثقافة طالما أنه في مقدورنا أن نتحرك, فصحيح أن الانسان قد يصل في مرحلة من مراحل عمره إذا كبر الى قناعات شخصية بأن أدى دوره لكن يحسن به أن يكون متجاوباً مع التغيرات ونعني هنا العولمة ليعطيها حقها، وأن يتغير معها.
والعولمة هنا قضية حقيقية في المعنى الاقتصادي والسياسي,, أما فيما يختص بالجانب الثقافي أنا بحق لست قلقاً على المسألة الثقافية,, بل أعتقد أن الثقافة دائماً تقوم على عملية تفاعل لكن الاقتصاد والسياسية هي مسائل فيها تحديات ضخمة قد لايكون التعامل كافياً فيها فلابد من اثبات الوجود بطرق والتاريخ يثبت وللاسف الشديد وأكررها للأسف الشديد (إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب), صحيح أن كل مثقف يخجل من أن يقول كلاما مثل هذا لأننا بالتالي دعاة إنسانية ودعاة حوار وعدالة,, لكن إذا تأملنا التاريخ منذ نشأته الأولى إلى اليوم هي فعلاً صراع اقوياء لايبقى فيه الا القوي سواء عند الدول او عند الافراد والجماعات، او التكوينات,, لذلك العولمة هي مرحلة من مراحل الصراع ولايعني انها مرحلة نهائية، وأنها نهاية المطاف,, فمن يقل هذا الكلام فهو مخطئ، فالعولمة مرحلة تواجهها الآن، وسيتغير الوضع بعد أعوام لكننا نحكي عن اللحظة,, واللحظة هنا لحظة العولمة بمعنى الصراع السياسي والاقتصادي.
*العديد من المقولات تؤكد أن العولمة منطلق اقتصادي لكنك تقول انها سياسية واجتماعية,, كيف ترى هذه الرؤى؟
ما زلت أؤكد على أن قضية العولمة هي في الأساس اقتصادية اولاً، وسياسية وثقافية, وهي أطروحة تأخذ الجوانب الثلاثة لكنني أقول ان الجانب الثقافي في نظري لايبدو مخيفاً, بينما الجانبان السياسي والاقتصادي هما اللذان يحتاجان الى مواجهة قوية,, والسياسة ايضاً هي وجه من وجوه العولمة لتظل هذه الوجوه الثلاثة هي المحرك الرئيسي للعولمة, فلايمكن أن نفصل أي عنصر من هذه العناصر عن تلازمه الحقيقي في مشروع العولمة,, حتى أننا نرى أن السياسة اليوم مندمجة في الاقتصاد.
*د, عبدالله كيف نساير هذه المعضلة من وجهة نظرك,,؟
أنا أتفق معك بان العولمة بالفعل هي معضلة لانستطيع أن نسايرها إلا بالدخول بها فعلاً وأركز على الدخول فيها لكي تدخل في الميدان أنت لاتستطيع أن تتفاعل مع اي طرح اذ كنت لاتملك سلاحا,, فنحن نملك سلاحاً واحداً هو سلاح العقل فلو خرجنا عن سلاح العقل نحن مهزومون بكل تأكيد، فالقوة الاقتصادية الأخرى أكبر منا لكن قدرة الإنسان على العقل والحوار لاشك أنها رصيد مهم وهو الذي يجب أن نركن إليه وبالتالي يجب أن نحاول الدخول بقوة عقلية للحوار مع العالم.
*ما الذي يشغلك الآن,, هل مازلت في أسر رحلة المعنى والمرأة واللغة,,؟
يشغلني الآن مشروع واسع هو الأنساق الثقافية ولدي تفرغ علمي من الجامعة لمدة عام لاعداد كتاب عن النقد الثقافي, واعتقد انها هي المرحلة النقدية التي افضت اليها مسيرتي الثقافية.
ويقوم هذا الكتاب على جانبين , جانب نظري في نظرية النقد الثقافي وجانب آخر تطبيقي في نقد الأنساق الثقافية العربية.
*د, عبدالله هل نقد الأنساق الثقافية يدخل ضمن دائرة ما طرحته مسبقاً عن رحلة المعنى والمرأة واللغة ,,؟
بالطبع إذا ما تحدثنا عن الأنساق الثقافية فبالتأكيد أن هذا هو الذي يشكل كينونتنا، وشخصيتنا المعرفية والفكرية والاجتماعية ولذلك نحن بحاجة إلى النبش عن الأنساق الثقافية المكونة للشخصية العربية,, واعتقد أن النقد مطالب لأن يتجه هذا الاتجاه بدلاً من أن يحصر نفسه في اسمه الادبي.
*هل يتسم هذا المشروع ونعني هنا الأنساق الثقافية بالمحلية أم أنه طرح شمولي يتعدى إطار النقد والثقافة للمنجز الأدبي لدينا,,؟
هذا المشروع اخي الكريم شمولي عربي يبتدئ بالأنساق الثقافية بدءاً من الجاهلية الا انه يمحص في كينونة الشخصية العربية التي تعاقبت على تناقل هذه الآداب,, كما أنه لايخص بيئة معينة ولافترة تاريخية معينة, وهو يخص الشخصية العربية كمكون وكمجموعة عناصر ثقافية.
*وكيف نلتقط تشكل طرحنا الأدبي المحلي من خلال مشروعك العربي هذا,,؟
نحن بالتالي وكل واحد منا (شخصية عربية) تكونت على مدى من التأثرات التي استمرت لمدة قرون وصبت أخيراً في الوجدان العام والوجدان الذاتي لكل واحد منا, وهي تتحكم في سلوكنا وتصرفاتنا,, وهذا الكتاب هو بحث عن الانساق الأولى المكونة للذات العربية.
وأضيف أمراً هنا حول هذا السؤال بأني في السابق كنت مهتماً بالمنجز الأدبي المحلي بدءاً من دراساتي الأولى ولاسيما القصيدة الحديثة في المملكة لكن بعد انشغالي في موضوع (المرأة واللغة) وهو مشروع أخذ مني ثلاثة كتب ثم كتاب النقد الثقافي وهذه أخذت وقتي كله لكن لايعني أنني تخليت عن متابعة الطرح الثقافي المعرفي والأدبي.
*ماهي أبرز المعوقات التي واجهتك في رحلتك مع الطرح الأدبي والتي جعلتك تتوقف عن مواصلة طرحك النقدي؟
لم تكن المسألة مجرد انزعاج من أمر ما,, فأنت تعلم ان مسؤولية المثقف هي مسؤولية تاريخية وقومية وليست ظرفية وقتية, فهناك قضايا كبيرة جداً يشعر الانسان أحياناً أن من المطلوب أن يتجه إليها,, فعمليات البحث تتحكم بها مسائل أحياناً وجدانية وذوقية خاصة,, فأحياناً تجد نفسك ميَّالاً لعمل شيء ما أكثر من ميلك لعمل شيء آخر, فقد تعلمت أنا شخصياً أن أعطي نفسي راحة من حيث الخيارات المزاجية للنص فاذا وجدت نفسي مرتاحة لشيء ما اتجه إليه, لأن راحة النفس للموضوع تعين على إنجاز الموضوع انجازاً جيداً.
*د, عبدالله الغذامي ترى ماهي ابرز احتياجات مشهدنا الثقافي,,؟
اقول لك بصراحة أن الاحتياجات كثيرة فكل قصيدة تظهر وكل قصة تظهر وكل رواية تحتاج إلى متابعة نقدية,, لكن هذه الرؤية والمتابعة تحتاج الى مجاميع من النقاد يشتغلون في جبهات متنوعة,, فنحن لسنا أمام جبهة واحدة وانما عدة جبهات, لذلك يجب أن يتحرك الجميع,, وسيكون من مزايا العطاء الثقافي أن جيل النقاد يفرز جيلاً آخر أصغر منه ويتنامى هذا الجيل, لكن لو ظللنا نكتفي بجيل واحد هو الذي نعتمد عليه فهذا معناه وصول ثقافتنا الى باب مغلق والذي أرجو ألايحدث مثل هذا الأمر,.
*ومن انجبتم من النقاد أو فرزتم من المثقفين,,؟
نحن كنقاد لم نصمت ابداً بل ان هناك مجموعة من النقاد الشباب والشابات يعملون ويشتغلون الآن داخل الجامعة وبعضهم خارج اسوار الجامعة واعتقد أننا نستطيع ان نراهن على هؤلاء رهاناً كبيراً في أن يكونوا هم نقاد الجيل القادم, إنني أخشى أن أعدد وأنسى.
*د, عبدالله ما الذي يعيق مشهدنا الثقافي,, هل نغيب الواقع أو نتجلى به ليكون لنا دور في نقده,, أم أن ملامسة هذا الواقع ينطوي على شيء من الخطورة,,؟
فيما يبدو أنه من الصعب أن نقول عن شيء أنه أخطر شيء بمعنى أن الحياة كلها مغامرة وليس هناك شيء أخطر من شيء إلا لو افترضنا أننا سنقلل من شأن بعض الاشياء وهذا طبعاً لايصح,, وفي مسألة الثقافة يجب أن يكون كل شيء مهما,, فالعبرة في توفير أدوات نقدية تناقش هذا الواقع المعرفي والأدبي.
*هل تتابع مسيرة النشر والتأليف لدينا بشكل دقيق وفاحص,,؟
نعم بكل تأكيد أنا قارىء نهم ومتفحص لكل مايكتب ويؤلف لأنه من طبيعة عملي القراءة والاطلاع هذا اولاً, كما أنني اتابع كل ماينشر في الصحف من ملاحق أدبية وثقافية وأهتم بالاصدارات,, الا أن الطرح العلمي يأخذ معظم وقتي فلا أستطيع أن أشغل نفسي بمسائل أخرى ستكون على حساب الأداء البحثي لدي.
*هل فكرت يوما في الاسهام بعمل مجلة متخصصة بالنقد الأدبي أسوة بما نشاهده في العالم العربي,,؟
أنا لا أعتقد عمل شيء من ذلك وعلى كل حال أعتقد أن الزمن لم يعد زمن المجلات مهما كان وأنا لا أسجل موقفا ضدها لكن ليس زمنها,, فان كان لابد من الدوريات السيارة فالجريدة اليومية هي التي تقوم بهذه المهمة باقتدار, فلو خرجنا عن الجريدة اليومية لن نجد هناك سوقا يمكن أن تصل من خلاله إلى القارئ.
*د,عبدالله الغذامي كيف ترى الهجمة الروائية الجديدة,,؟
جميل أن تصفها بالهجمة الروائية,, أنا أتمنى ذلك,, واريد أن تكون بالفعل هجمة,, فالحقيقة أن ثقافتنا محتاجة الى الرواية ويجب أن نتجه الى الروائي، فأنا أحث كل من أعرفهم أن يكتبوا رواية واعتقد ان الرواية والعمل الروائي يجب التصدي له لأنه هو الجانب الناقص في ثقافتنا.
*هل يمكن لنا القول ان تصور فجر الرواية الآن هو انزواء في تجربة الشعر على المستوى العالمي؟
بالفعل هناك تراجع ما في مستوى الشعر عالمياً وهذه حقيقة لانقررها نحن, فهناك تغير ثقافي عالمي وكوني وإنساني, والعرب جزء من العالم ولهذا السبب فالشعر عالمي لمن يكون في الموقع الذي كان عليه في السابق وهذه مسألة يجب أن نتعامل معها بواقعية ووضوح,, فالناقد لن يكون مؤثراً مع هذه الاشكالية لأن الشاعر يتصل مباشرة في الجمهور، والنقد مهمته شيء آخر ليس أن يكون وسيطاً بين المبدع والجمهور وهذا مفهوم خاطىء, وظيفة النقد مختلفة تماماً.
ويمكن لنا القول ان الخطاب السردي هو الذي يتشكل الآن على مستوى العالم بدءا من مسلسلات التلفزيون وأفلام السينما والمسرح والرواية فكل هذه الأمور هي خطاب سردي, فالعالم يتجه اتجاهاً سردياً وليس اتجاهاً إيقاعياً شعريا,,وهذا في نظري هو سر التحول في ظروف الابداع الأدبي.
*وكيف ترى المشروع القصصي لدينا,,؟ وهل هناك مايعيق انطلاقة القصة القصيرة نحو الساحة الثقافية,,؟
أنا أشفق كثيراً على القصة القصيرة وكتابها لأنني اعتقد أنها لاتجاري الزمن لأن لديها مشكلة مع الزمن، فالقصة القصيرة يحسن بها أن تتطور إلى الرواية وإلا ستجد نفسها عاجزة عن الدخول في مسار الحدث, فالقصة مر عليها زمن في فترة الستينات والسبعينات توهجت وكان هناك اقبال مناسب عليها من ناحية القراءة.
وأنا اعتقد أن القصة لديها مشكلة مثل قصيدة النثر تماماً وهي مشكلة القراء، ومالم تجد حلا لها ستظل هذه الحالة القلقة والتي يكون بها إنتاج جيد لكن ليس له سوق, ففي اعتقادي أنها في مشكلة فعلاً,, لذلك أتمنى أن كتاب القصة القصيرة وأرى أن بعضهم مبدعون فعلاً، ولديهم طاقة سردية يحسن أن يستغلوها فعلاً، وأرى أنهم مؤهلون لأن يكتبوا الرواية.
*د,عبدالله بودي أن انتقل معك الى موضوع آخر خارج نطاق النقد والابداع الا أنه يصب في منحى الثقافة,, يتمثل في القرن الذي أوشك على الرحيل,, اذ يقال ان اقوى عقوده هو العقد التسعيني والذي نسف جملة من المسلمات ولاسيما الثقافي منها,,؟
لا اعتقد أن عقد التسعينات شرس الى هذا الحد, انما ما اعتقده هو أن كل القرن العشرين مكتنز بالتغيرات الضخمة, وإذا قارنا منجزات الانسان في القرون السابقة ونظرنا الىمنجزات القرن العشرين ستجد أن الفارق مهول جدا.
ولو استعرضنا مسيرة هذا القرن عربياً نجد أن شوقي والعقاد وصراعاتهما وما افرزته من اتجاه نحو التجديد والتنظير للشعر ومن ثم الحداثة فكل هذه الامور في هذا القرن هي حلقات متوالية,, ولعل أبرز مايميز هذا القرن (شعرياً) هو ظهور حركة الشعر الحر في نهاية الاربعينات فهي تمثل تغييرا ضخما وجذريا في تجربة القصيدة العربية على مدى تاريخه كاملاً فهي اول تاريخ جذري شديد لايماثله أي تغيير آخر.
فالبعض الآخر يقارن هذه التجربة بالموشحات وهذا غير صحيح لأن الموشحات تغيير شكلاني تأنقي لكنه لم يكن تغييراً في الخطاب الشعري والابداعي.
*شيء آخر يشغلنا هذه الايام ويشبه المئوية هو اختيار مدينة الرياض عاصمة ثقافية للعرب,, ترى كيف نستثمر هذه المناسبة داخلياً، وخارجياً,,؟
أتابع اشياء كثيرة حول هذه المناسبة من خلال الصحف,, وآخر ما قرأته أن هناك حوالي 250فعالية ثقافية ستحدث في هذه المناسبة وأرجو ذلك وأتطلع أن أرى (الرياض) فعلاً تشتعل ثقافياً, وعلينا ان ننتظر ونرى لكن الى الآن أنا لا أعلم عن شيء,.
ومن الواجب، والمفروض أن نستثمر هذه المناسبة استثمارا حيا وفعليا فالثقافة طاقة حيوية فلا أظننا نجهل كيف نجعل الثقافة حيوية لكن المهم أن نتخذ هذا القرار ونساهم في استثمار هذه المناسبة بما يعود على ثقافتنا بالتميز والتفرد.
*بودنا أن ننتطرق إلى خصوصية يومكم د, عبدالله,, كيف تتواصل مع العالم وأنت تعكف على مشروع الأنساق الثقافية ؟
أنا ملتزم في برنامجي اليومي بشكل دقيق جداً إذ أعمل في منزلي وكأني في جزيرة نائية عن العالم فأنا هذه الأيام أقطع اتصالاتي الاجتماعية والشخصية لأن العمل الذي اعكف عليه كما أسلفت يتطلب مني التفرغ الكامل والا سيستحيل إنجازه بالصورة التي أتمناها.
فالمشروع كما ترى هو في مراحله الأخيرة فقد مر على فترة الاعداد له مايربو على خمسة أعوام كنت بها أعد المادة العلمية لهذا الكتاب.
*د, عبدالله كيف تلقيت خبر فوزك بجائزة سلطان العويس الثقافية في تخصص النقد الأدبي,,؟
كان شعوري شعورا بشريا وطبيعيا في هذه المناسبة فكل إنسان سيكون سعيداً بهذه المناسبة وهذا الخبر، فقد كان الترشيح في وقت مبكر ربما قبل عام فقد كان لابد من موافقة المرشح وتوقيعه على الموافقة على الترشيح, كنت بالفعل سعيداً بهذا الخبر وفي الوقت ذاته أحمل شعورا صادقا وحقيقيا لزملاء كثيرين أتمنى أن يفوزوا بالجائزة لأنني أرى أن الذين يستحقونها كثيرون في العالم العربي,, واتمنى لآخرين ان يفوزوا بها لاحقاً.
*وهل جاءت هذه الجائزة على عمل معين من اعمالك النقدية؟
الجائزة التي حصلت عليها هي جائزة على كل الأعمال التي صدرت لي, فقد طلبت مني جميع أعمالي وخضعت لشروط وتوصيات الجائزة وتوفقت بحمد الله في هذا الجانب.
*في نهاية هذا اللقاء ما الذي تقوله د, عبدالله حول تجربة الجيل الجديد في المجال الأدبي والابداعي,,؟
يلفت انتباهي مايطرح في الشعر والرواية ولدينا مجموعة من الشاعرات فعلاً يقدمن نصوصا مازالت تلفت النظر ولدينا رموز شعرية مازالت تؤدي الطرح الذي يحمد لها بمعنى أننا أحياناً نتحدث عن الثبيتي والصيخان والحربي ونقول انهم توقفوا لكنَّ هناك شعراء آخرين لم يتوقفوا,, بل ما زالوا يعطون بقوة وثراء,.
|
|
|