Thursday 9th December, 1999 G No. 9933جريدة الجزيرة الخميس 1 ,رمضان 1420 العدد 9933


بدايات
محمد عبدالرزاق القشعمي

5
يذكر الفتى انه قام من نومه ولم يجد أمه، فأخذ يصيح ويرفع صوته بالبكاء علها تسمعه وتعود, حاولت اخته التي تكبره سناً اسكاته ولكنه لم يسكت فأحضرت له كسرة خبز كليجا منسية في شنطة امها, جاء وقت الظهر ولم يظهر لوالدته اي اثر, عرف اخيراً انها ذهبت الى الحج, وعندما قيل له ان عمه وزوجته وام الجيران وابنها الكبير رافقوها خف جزعه وهدأ قليلاً فأخذت عمته تلاطفه وتحكي له كيف حضرت البعارين وربطوا عليها الامتعة، اما البعارين المخصصة للنساء فقد ربطوا على ظهورها الهوادج حتى لا يرى من بداخلها.
بدأت المسيرة آخر الليل حتى لا يستقيظ الاطفال فيتعلقوا بأمهاتهم المسافرات للحج, اتجهت القافلة للقصيم ولبريدة تحديداً, حيث يجتمع الحجاج خارج بريدة بانتظار وصول السيارات المخصصة والميهأة للحج، بعد الاتفاق مع السائق او المتعهد الحملداري ويحدد موعد السفر، وبعد ذلك يبدأون في التجهيز والاستعداد وهم يحمدون الله ان سخر لهم هذه السيارات التي تختصر الطريق، اذ ان آباءهم قبلهم كانوا يحجون على الجمال فيستغرق سفرهم وعودتهم اكثر من ثلاثة اشهر مع ما يعانونه من غرابيل مثل الجوع والامراض وملاحقة قطاع الطرق وغيرها, تجهز السيارات ويتواعد المسافرون في مخرج المدينة ، فترص المفارش والصناديق وزاد الرحلة من اكل وشرب واواني الطبخ في صندوق السيارة الشاحنة ويوضع فوقها قطع من خشب صطحه يركب فوقها المسافرون.
بعد شهر ونصف الشهر جاء الخبر بقدوم الحجاج وانهم سيصلون في مساء الغد, فرح الفتى بقدوم والدته.
بعد ان استراحت والدته من تعب وعناء السفر، حيث تعرضوا عند عودتهم من الحج ان تعطلت السيارة بين مكة والمدينة وبقوا في الصحراء عدة ايام اضطروا الى استئجار عدد من الجمال لنقل الامتعة والنساء الى المدينة المنورة وقطع الرجال المسافة على اقدامهم, وتقول ان الذي يحج ولا يتميدن لا تكتمل حجته، حيث يصلي بمسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في قبره وصاحبيه, وقد بقوا في المدينة اكثر من اسبوع بعد ان اصلحت السيارة ولحقت بهم الى هناك.
بدأوا رحلة العودة من المدينة الى الحناكية فقطعوها بيوم وليلة وامضوا اربعة ايام حتى وصلوا الرس بالقصيم واستمروا حتى نهاية الرحلة الى بريدة والتي تستغرق اكثر من نصف يوم تخلل هذا السفر الكثير من التعب والارهاق حيث تضطر سيارتهم للتوقف عند مرورها بالكثبان الرملية بسبب عدم استطاعتها للتقدم او التأخر لانغراس عجلاتها بالرمال مما يستدعي الركاب وبالذات الرجال الى النزول لدفعها الى الامام بعد الاستعانة بالخشب او قطع الشجر مع قطع صاج من حديد يحملها السائق معه تسمى الصيجان لتوضع تحت العجلات لتساعد على اجتياز الرمال, واذا كانوا في وقت امطار فهذا يعيقهم اكثر لعدم استطاعة السيارة اجتياز المناطق الرخوة لسهولة دخول العجلات بها، وفي هذه الحالة ينزل السائق جميع الركاب رجالاً ونساء وحتى متطلبات السفر من اوانٍ ومواد غذائية والاشياء التي جلبوها من هناك، لتبقى اللوري الشاحنة خفيفة فيحضر قطع الخشب الكرده والرافعة العفريته ليرفع مقدمة سيارة ويضع تحت العجلات قطع الخشب ويفرشون طريقها بقطع الاشجار وعند تحركها يتولى الرجال دفعها ليساعدوها في التقدم، اما دور النساء فهو طبخ الغداء او العشاء حتى تخرج السيارة الى بر الأمان فيقوم الرجال بحمل الامتعة اليها وعند تجهيز كل شيء يعود الرجال حيث يتيممون ويصلون الصلوات المفروضة عليهم قصراً وجمعاً فيقدم لهم ما تيسر من مأكل وبعد ذلك يواصلون سفرهم ليلاً ونهاراً ويقطعون المسافة من المدينة الى بريدة حيث نهاية مرحلة الرحلة الاولى بالسيارات، وغالباً ينتظرون بعض الوقت حتى تأتي الرواحل البعارين ويتم تجهيزها للسفر عليها الى الزلفي وقطع طعوس النفود عن طريق شمال شرق بريدة حيث نفود الثويرات وهذه الرحلة تستغرق يوماً او اكثر.
تذكر والدته انها رأت بساطاً اسود مفروشا في طريقهم من مكة او جدة يسمى زفت وانه يا زينة لو ان الشيوخ مادينه الى هنا الله يعزهم ولا يعز عليهم.
وبعد ان وزعت الحقاق على الجميع هذا غترة وهذا طاقية وذاك قرقعانة وكلهم تملأ له يدها بالقريض الحمص والسبال والفول السوداني، اضافة لربطة صغيرة من اعواد الاراك المساويك من نصيب الرجال وجدته، اما النساء فقد قسمت عليهن الكحل او الديرمان والحنا.
وتقول انها رأت سرج معلقات بخيوط بمصابيح 1 المسجد الحرام وانها تولع بالليل وتطفأ بالنهار، وسمعت بجنب المسعى صوتا قويا يشبه صوت الموتر ولكنه اقوى منه ما تشب السرج الى بعد ان يرتفع هذا الصوت، وانها وقت السعي والطواف تمسك بحزام أخوه الكبير حتى لا تضيع او تسقط بين أرجل الحجاج، وتقول يا كثرهم كثراه يا خييني من وين يأكلون ، وتقول يا خزياه شافت حريم ما يتغطن اكيد انهن (,,,) بس وشلون مسلمين ولا يتغطن الله يفكر بهن وتختم كلامها بعسى الله لا يغضب علينا.
1, القسم المظلل من المسجد

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

منوعـات

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved