Thursday 9th December, 1999 G No. 9933جريدة الجزيرة الخميس 1 ,رمضان 1420 العدد 9933


ضوء
مشروع نشر
عبدالعزيز الصقعبي

هل فكر أحدكم بتأليف وإصدار كتاب معين، أعتقد البعض وبالذات ممن امتهن حرفة التأليف والكتابة أو من كان له عطاء ابداعي يفكر في ذلك، ربما يقول البعض العملية ليست صعبة هنالك دور نشر ومطابع تقوم بالعبء الأكبر وتريح المؤلف من عناء لا يريد مطلقا حتى التفكير بمتابعته، فالكاتب اي كاتب نجده يأخذ مسودة كتابه ويقدمها للمؤسسة المعنية بالطباعة والنشر قائلا لها: ما لنا الا كتاب يقرأ، وهو اشبه بمن يقدم ولده للمدرسة سابقا قائلا: ما لنا الا ولد يقرأ، ربما الاختلاف بحركة الضمة في الاولى والفتحة في الجملة الثانية، أما النتيجة فواحدة فالتلميذ يتعلم كيفما اتفق وان لم يكن وفق منهج تربوي والكتاب يصدر كيفما اتفق وان لم يكن وفق اصول النشر المتبعة وقواعده، لذا يتحمل المؤلف رداءة الاخراج وكثرة الاخطاء المطبعية وعندها يكون الكتاب عبئا على المكتبة العربية.
هذه المقدمة دفعتني للتوقف عند احد اصدارات مكتبة الملك فهد الوطنية وهو كتاب (كتابك: تأليفه ونشره وبيعه) تأليف ديفيد جور كمان وترجمة فؤاد عبدالعال وقد صدر عام 1993م.
ومن العنوان يتضح ان الكتاب ينقسم الى ثلاثة اقسام رئيسة هي التأليف والنشر والبيع، نعود لنكرر ما قلناه في البدء ان هنالك عدداً كبيراً من الكتاب لا يعنيهم مطلقا نشر الكتاب ولا تسويقه ولكن ليس هذا بالصحيح مطلقا فما قيمة الكتاب اذا لم يصل ليد كل قارىء اذا فاصدار كتاب يعد مشروعا مهما يبدأ من الفكرة بالتأليف وينتهي بوصوله ليد القارىء او على اقل تقدير وضعه على رف مكتبة بعد ان يأخذ رقما تصنيفيا ليستفاد منه مستقبلا، ولكون هذا المشروع مهما فسأتوقف عند كل قسم من اقسام الكتاب على حدة.
قبل ان يبدأ جور كمان بالحديث عن التأليف يواجهنا بسؤال يقول فيه: ألم يحن الوقت لنتخذ قراراً؟ ليقدم لنا بعدها إقرارا يوقعه الشخص الذي قرر البدء بمشروع الكتاب يوضح فيه انه في يوم ويحدد اليوم قرر ان يؤلف كتابا ولا ينسى ان يشهد على ذلك احد الاشخاص لتكون وثيقة إلزامية يجب ان يقوم بتنفيذها، ربما هنالك شيء من المبالغة ولكن لا بأس لان هذا قرار او نية ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يقول: إنما الاعمال بالنيات، نلج للقسم الاول وهو التأليف حيث يقوم بتوزيعه الى خمس وعشرين خطوة يبدؤها بطرح سؤال عبر الخطوة وهو: لماذا تنشر بنفسك مجيبا بقوله: عندما تنشر كتابك فإنك تتحكم تماما في كتابته وتوضيبه وطباعته وبيعه، وهو يرى بأن في ذلك مجاراة لعدد من الكتاب الذين نشروا أعمالهم بأنفسهم مثل مارك توين وجيمس جويس ود, ه, لورانس وغيرهم، ويتحدث في الخطوة الثانية عن الكتاب وينوه بأهمية الخبرة المباشرة في تأليفه ومعرفة السوق الذي سيوجه اليه الكتاب في الخطوتين الثالثة والرابعة، الخطوة الخامسة وتأتي بعد ان يكون الشخص قد تهيأ تماما لتأليف الكتاب حيث يطلب منه جور كمان وضع تصور ذهني عن كتاب المستقبل ومن الافضل الاطلاع على الكتب الموجودة في المكتبات كنوع من البحث وله بعد ذلك تخيل كتابه ماثلا بين يديه يتصفحه ويتأمل شكله وطباعته وهذه خطوة مهمة قبل الشروع في الكتابة ثم يطرح عدة خطوات متعلقة بالكتابة ربما من اهمها (الخلوة) حيث يكون للكاتب طقس مخصص للكتابة، اذكر ان الروائي الشهير امين معلوف تحدث لاحدى القنوات الفضائية عن طريقته في الكتابة او بالاصح مشروعه الكتابي حيث يتجه لاحد الاماكن شبه النائية والبعيدة تقريبا عن وسائل الاتصال الحديثة باحثا عن خلوة خاصة يكتب فيها ابداعاته وحقيقة اجد ان ذلك امر مهم لكتابة العمل الابداعي وبالذات الرواية حيث يكون الكاتب وحيدا ليس برفقته سوى ابطال روايته وهؤلاء غالبا يحتاجون لجهد كبير للسيطرة عليهم اذا لم تتحقق الخلوة التامة وهذا ما يحدث دائما بسبب مشاغل البحث عن لقمة العيش والالتزامات الاجتماعية المتعددة فيحتاج الكاتب الى تنظيم بسيط لوقته وعندها غالبا يجد حيزا من الزمن يستطيع ان يحقق به مشروعه على ان يواكب ذلك استمرارية بالعمل وحين التوقف عن الكتابة لاي سبب فيجب ان يستغل وقت التوقف بالتفكير والتخطيط ولا يمنع ان يكون هنالك شيء من التوثيق والتدوين وله ان يدون ما يمر بذهنه مما له علاقة بمشروعه في مفكرة صغيرة حتى لو كان ذلك فكرة عبرت من خلال حلم، جانب آخر يمثل البحث محورا رئيسا في الكتابة حتى لو كان عملا ابداعيا وطريقة البحث معروفة لمن يفكر في البدء في مشروع الكتابة والمكتبات ومراكز المعلومات تقدم العون غالبا لكل باحث وحتما لابد ان يكون لهذا الباحث القدرة على تنظيم وحفظ المعلومات التي يحتاجها وفي الخطوة الرابعة عشرة يوضح جور كمان الادوات الخاصة بمشروع الكتابة فيحددها بآلة ناسخة وجهاز تسجيل وكاميرا وخزنة حفظ وغيرها,, ربما الآن اصبح جهاز الكمبيوتر مع التقنيات المعلوماتية الاخرى خير معين وتحت عنوان (شياطين على طول الطريق) يقدم جور كمان الخطوة السادسة عشرة ومن خلالها يوضح عددا من المعوقات والتي تتسبب في عدم اتمام الكتابة مثل الضجر وعدم الثقة بالنفس والاحساس بالشغل الكثير الذي يعيق عن الكتابة والتسويف والتأجيل الى العام القادم وهاجس او شيطان (لا تكمل) حيث يتوقف ويبدأ بشيء آخر وحين تسيطر على الكاتب احدى هذه الشياطين فغالبا ينتهي مشروعه الكتابي، ومن المهم ان يضع المؤلف مخططا تمهيديا لكتابه دون التطرق للتفاصيل ويبدأ بتنفيذها دون ان يضع موعدا لاتمام الكتاب لانه عندما يحدد موعدا فهو يمارس ضغطا خاصا قد يؤثر على مشروعه يبدأ بالكتابة الاولية وعندما ينتهي يفضل ان يتركها لعدة ايام بعد ذلك يعيد قراءتها وحتما سيكون هنالك حذف واضافة لتكون المسودة الثانية للكتاب والتي يفضل جور كمان ان يتركها لعدة ايام اخرى ثم يقرؤها وقد يضيف او يحذف منها وبصورة ادق يفضل ان يكتب النص لاكثر من مرة، وحقيقة هنالك جدل حول ذلك وقد اثير في احدى اللقاءات التي اقامها نادي القصة السعودي عندما تحدث حسين علي حسين عن تجربته في الكتابة وانه غالبا يكتب العمل القصصي لاكثر من مرة حتى يصل الى الصيغة النهائية التي يرضى عنها، وبعد ذلك يكون صاحب المشروع قد حدد النسخة النهائية من كتابه وكل ما يحتاجه هو اختيار العنوان اذا لم يتم اختياره مسبقا، وتكون الخطوة الخامسة والعشرون هي تلقي التهاني لانجاز هذا الكتاب ولا ينسى مبدأ المكافأة حيث يطلب جور كمان من الكاتب ان يكافىء نفسه لانه يستحق ذلك.
رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

منوعـات

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved