حضارة الروس,, حرق وإبادة سلمان بن محمد العُمري |
روسيا كلنا يعرفها، فهي دولة أو بالأحرى تجمع من عدة دول، وهذا التجمع إجباري أكثر منه طوعي، حيث ان التاريخ الروسي مليء بقصص الضم الإجباري، والتعدي على الآخرين، وعلى هذا فإن الذي اطلق على السياسة الروسية اسم الدب كان محقا، فإن الدب معروف بعدوانيته، وشهيته للاعتداء رغم ما يوحي من مهادنة.
إذاً هكذا هي روسيا بماضيها وحاضرها، وليس الاتحاد السوفياتي وقصصه ببعيد عنا، وجاء يوم وانهار به ذلك الكيان الظالم، وتحرر بعض دوله من الظلم الذي حاق بهم، ولكن خلفته روسيا، وبقي فيها العديد من الدول والشعوب الإسلامية والتي تشكل أكثر من 20% من مجمل الاتحاد الروسي ، وركز الروس اهتمامهم الأساسي على هذه الدول والبلدان محاولين التشبث بها، ولو أدى ذلك لقتل وإبادة الملايين .
القضية ليست قضية حب للسيطرة وحسب، لا بل هي اطماع أيضا، فقد منَّ الله تعالى على البقاع الإسلامية هناك بخيرات وثروات اقتصادية وبيئية هائلة، وهي مطمع هائل للحطام الروسي الذي يتجول شعبه في الشوارع بحثا عن لقمة الطعام.
لقد تجلت القصة على حقيقتها في الشيشان، هذا البلد المسلم الذي بالكاد تراه على الخارطة، والذي لا يتجاوز عدد سكانه المليوني نسمة، والذي عانى من الظلم والاضطهاد على مدى قرون، وقد قام بانتفاضات وثورات عديدة، ولم يستكن للضيم، ولكن لم يأذن الله بعد بأن ينال ذلك المجتمع حريته واستقلاله، إلا منذ بضع سنوات بعد معارك مشرفة انتصرت فيها القلة على الكثرة، والإيمان على الكفر بمشهد رائع، ولكن الروس الذين ذاقوا الهزيمة على أيدي المسلمين لم ييأسوا، وخصوصا ان الأطماع تحرك الدب الروسي من اقصى العالم الى أقصاه، فما بالك اذا انضم الى ذلك حقد أسود على الإسلام والمسلمين.
وهكذا جهزت الدولة التي تملك جيوشا لا ينكرها أحد، وجاءت بجحافل همجية وبشكل حرب على طريقة الأرض المحروقة، لقد صنعوا المؤامرات، وحاكوا الخطط لإيقاع الشيشان بفخ أرادوه لبدء حربهم الظالمة، وبدأت الحرب، لقد كانت وكما نشاهد يوميا على وسائل الإعلام المختلفة حربا ليس لها من الحرب إلا الاسم، فهي إبادة قبل كل شيء، لا تفرق بين رجل وإمرأة، او بين طفل وشاب وشيخ كبير، لقد حرقوا الأخضر واليابس، ورغم كل بطشهم وقوتهم، فقد احتاجوا لمدة طويلة بكل المعايير، كي يصلوا الى مشارف غروزني تلك العاصمة التي تعتبر وسام فخر على الجبين الإسلامي، والآن وبعد ان طوقوا العاصمة المظلومة اصدروا تعليمات حضارتهم!! وأوامرهم الحضارية السامية!!
لقد بثت وكالات الأنباء المختلفة البارحة واليوم خبرا حضاريا، مفاده ان الجيش الروسي ينذر سكان جروزني: (الإخلاء أو القتل), فلقد وجهت القيادة العسكرية الروسية لمنطقة القوقاز إنذارا الى الملايين القاطنين في العاصمة الشيشانية جروزني دعتهم فيه الى مغادرة المدينة قبل حلول يوم السبت المقبل محذرة من أنها ستعتبر كل شخص يبقى هناك بعد هذه المهلة (إرهابيا وستقتله) بنيران المدفعية والقصف الجوي!!
كما ألقت الطائرات الروسية منشورات تحمل نص هذا التحذير الذي يؤكد ان ممرا سيفتح حتى الحادي عشر من ديسمبر عبر منطقة غرب جروزني، وبرر الجيش الروسي خطواته بأنها محاولة لإزالة الدروع البشرية التي يستخدمها المقاتلون الشيشانيون لحماية أنفسهم.
لقد أنذر الروس الشعب الشيشاني هكذا: أنتم مطوقون، كل الطرق حول جروزني مقطوعة، لقد خسرتم، إن القيادة الروسية تعرض عليكم فرصة أخيرة.
طبعا جاء الإنذار، والقصف متواصل، ولم يتوقف، والتدمير يسير على قدم وساق، تلك هي الحضارة الروسية التي تشكل عارا لكل البشرية في نهاية القرن العشرين, ألا يحق بعد ذلك ان ننعت تلك الحضارة بصفة الحضارة الوحشية التي تريد تدمير البشرية.
ان رابطة العالم الإسلامي ومن خلفها الدول الإسلامية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية تتابع وبألم تطورات الأحداث في جمهورية الشيشان، وقد أرسلت بكتاب الى مجلس الأمن الدولي في نيويورك جاء فيه: إن رابطة العالم الإسلامي تتابع بألم تطورات الأحداث في جمهورية الشيشان، وما أصاب أهلها من محنة قاسية بسبب العدوان الظالم عليهم، وتنفيذ القوات الروسية المدججة بأحدث الأسلحة سياسة الأرض المحروقة في هذه الجمهورية المسلمة، حيث هدمت المدن، وقتلت المواطنين الأبرياء، وأحرقت الارض، مستخدمة خلال ذلك الأسلحة الكيماوية المحرمة دوليا، وقد أحكمت مؤخرا الحصار العسكري على حدود العاصمة غروزني، وطالبت من تبقى من السكان في داخلها بالخروج من المدينة والهجرة القسرية الى الخارج والاستسلام للقوات الروسية، وأمهلتهم مدة خمسة أيام منذرة بأن القوات الروسية سوف تقصف المدينة، وتهدمها على م ن بقي فيها من السكان في سابقة إجرامية لم يسجل التاريخ مثيلا لها!!
نعم تلك سابقة لم يسجل التاريخ مثيلها، هكذا تأتي الى مدينة آمنة مطمئنة، وتهدمها على رؤوس أصحابها,, إنها باختصار الحضارة الروسية.
|
|
|