Sunday 5th December, 1999 G No. 9929جريدة الجزيرة الأحد 27 ,شعبان 1420 العدد 9929


بين الفصيح والشعبي
الإبداع,, والتقليد
أحمد المطرودي

في كتابه (الفصحى ونظرية الفكر العامي) وتحت عنوان الشعر العامي الحاضر في رأي العارفين به يستعرض الدكتور مرزوق بن صنيتان آراء بعض النقاد والأدباء الذين تعاملوا مع الشعر العامي في بداية الاهتمام به، وينقل عن بعض منهم شيئا من جوانب ذلك الاهتمام سواء كانت إبداعية أم نقدية تنظيرية، ويشير في نقله عن أولئك إلى أن المتذوق للأدب العامي لا يستطيع الاستمتاع بهذه الإبداعات، لأن البرامج المطروحة للمشاهدة والاستماع في وسائل الإعلام لا ترتقي إلى ما يطلبه، والصحف التي تتناوله هي الأخرى تتصف بهزال يقود إلى القطيعة معها، وأظهر ما يكون ذلك في طغيان المجاملات، والتي قد يترتب عليها إغفال دور رواد هذا الفن المبدعين، والاكتفاء بإبراز المرددين والمقلدين.
ومع تقديري لموضوعية الدكتور مرزوق في عرض آراء المخالفين إلا أنه يتبادر إلى ذهني تساؤل يقول: هل هذا خاص بالاتجاه العامي ومجالات الإبداع فيه؟ أم هذه المعايير تطال الجانب الفصيح وإبداعاته قبل ذلك؟
وهل يمكن أن يجد محب الأدب والشعر الفصيح ما يرضي ذوقه عند شعراء الدول المتتابعة مثلا؟ والتي امتدت قرونا طويلة، أم أن هؤلاء مقلدون مجترون، كما هي حالة تيار الاتجاه الشعبي حاليا؟ الواقع أن كثيرا من الثوابت النقدية تتطابق في كافة المناحي فتمس الجانب العامي كما تمس الجانب الفصيح، وتتناول كذلك غيره من الفنون والأشعار عند الأمم الأخرى، ذات اللغات الأخرى البعيدة عن العربية الفصحى والعامية.
ففي كل اتجاه، وفي كل زمان يكون هناك مبدعون، يأتي بعدهم مقلدون منبهرون، ويبقى ذلك الانبهار حتى يأتي مبدعون جدد متجاوزون لمن سبقهم، منزاحون عن أساليب تناولهم وهكذا,.
إن أول من استخدم تركيب (ألا واشيب عيني) في نحو:
ألا واشيب عيني من منازي الخيل بالتومان
إلى قلت أدبرت خيلٍ إلى خيلٍ تناحينا
هو مبدع حقا في نسج هذا التركيب، ولكن هل ينال الوصف نفسه من كرر ذلك؟
وقبل ذلك ثمة صور كثيرة في الشعر العربي ينطبق عليها المعيار ذاته، فأكل الطيور من جثث الأعداء المهزومين ابتكار للنابغة الجاهلي في قوله:
إذا ما غزوا بالجيش حلّق فوقهم
عصائب طير تهتدي بعصائب
وقد كُرر في التراث الشعري العربي حتى احترق دون اضافة في الغالب إلا ما ندر كما في إضافة المتنبي في مدح سيف الدولة:
يفدّى أتم الطير عمراً سلاحه
نسور الملا أحداثها والقشاعم
وما ضرّها خلق بغير مخالب
وقد خلقت أسيافه والقوائم

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

المتابعة

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

أسواق وصيف

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved