Sunday 5th December, 1999 G No. 9929جريدة الجزيرة الأحد 27 ,شعبان 1420 العدد 9929


عن جدوى المكافآت المادية لطلاب الجامعات
المطلوب حل يجمع بين الفاعلية وعدالة التطبيق

تدور في هذه الايام حوارات عدة حول جدوى استمرار منح مكافأة الطلبة المقبولين في الجامعات السعودية ومن في حكمهم كالكليات العسكرية والتقنية وغيرها من مؤسسات التعليم العالي, فهنالك من يرى ضرورة استمرار منح المكافأة لكونها تمثل مصدر رزق لأسر بعض الطلبة الجامعيين ومصدر عون للطلبة أنفسهم على تحمل تكاليف الدراسة من مواصلات وسكن ومراجع علمية ومستلزمات مدرسية,, وهنالك من يرى بعدم جدوى استمرار المكافأة لزيادة اعداد الطلبة المتقدمين للجامعات وما في حكمها من مؤسسات التعليم العالي ولعدم وجود الحاجة إلى مكافأة لتحفيز الطلبة على مواصلة دراستهم الجامعية مما يعني إمكانية الاستفادة من الأموال المخصصة للمكافأة في دعم القدرة الاستيعابية للجهات التعليمية, ونظراً لأهمية هذا الموضوع فإنني أطرح الرأي التالي كمداخلة مكتوبة لما سبق وأن تفضل به الآخرون وذلك على النحو التالي:
أولاً: اسباب منح المكافأة
يمكن القول بأن دوافع إقرار المكافأة في الأصل تتمثل في الأتي:
1 تحفيز الطلبة على مواصلة دراستهم الجامعية وبالشكل الذي يفي بمتطلبات التنمية, أو
2 مساعدة الطلبة واسرهم على تحمل أعباء الحياة من خلال منحهم هذه المكافأة بغض النظر عن طبيعة التخصص وعلاقته بمتطلبات التنمية.
ثانياً: جدوى استمرارية المكافأة
إذا كان الدافع وراء إقرار المكافأة يتمثل في دورها في تشجيع الطلبة على الالتحاق بالتخصصات المطلوبة تنموياً فإن الإبقاء على المكافأة بشكلها الحالي يعتبر قراراً غير ذي جدوى حيث نلاحظ تزايد أعداد الطلبة المقبولين في تخصصات تشتكي من قلة الخريجين مقارنة بفرص العمل المتاحة, وواقعنا الحالي بلاشك يعني عدم قدرتنا على اتخاذ القرار المناسب الذي يحفظ مقدرات البلد المادية والبشرية وعدم قدرتنا على الاستفادة من المكافأة كمؤشر لمتطلبات سوق العمل مما ساهم في تفريغها من جدواها المنشودة, ويمكن الاستدلال على ماتقدم من خلال النظر إلى خريجي الأعوام الخمسة السابقة لمعظم التخصصات النظرية كالإعلام والاجتماع والجغرافيا والتربية والإدارة العامة والخدمة الاجتماعية وغيرها من التخصصات التي كلفت الموازنة العامة الأموال الطائلة دون فائدة تنموية ملحوظة, كما يمكن الاستدلال على عدم أهمية المكافأة في توجيه مواردنا البشرية النادرة من خلال النظر إلى واقع الكليات الأمنيةوالعسكرية التي كانت في السابق تشتكي من ندرة الطلبة المتقدمين مما دفع بالمسؤولين إلى زيادة المكافأة الممنوحة للطلبة المقبولين في هذه الكليات لتصبح 2830 ريال شهرياً مع تأمين السكن والإعاشةوالخدمات الطبية على أرقى المستويات, ولكن وعلى الرغم من كون هذه الكليات تشتكي في الوقت الحاضر من تزايد في أعداد الطلبة المتقدمين سنوياً نتيجة لما يتمتع به الدارس والخريج من مزايا عدة كالضمان الوظيفي والوضع الاجتماعي اللائق وارتفاع الراتب بعد التخرج وغيرها من المزايا التي يفتقدها خريج التخصصات الأخرى، لا تزال المكافأة عند مستواها السابق مما يعطي للطلبة المقبولين بهذه الكليات ميزة نسبية بالمقارنة بزملائهم المقبولين في الكليات المدنية الأخرى وميزة مطلقة على زملائهم الذين لم يتمكنوا من الحصول على مقعد دراسي في مؤسسات التعليم العالي وما في حكمها, وهذا يعني أن المكافأة الممنوحة لهذه الفئة من الطلبة لم تعد تؤدي الدور المطلوب مما يعني ضرورة إعادة النظر في مقدارها خاصة وأن معظم الطلبة المتقدمين لايسعون سوى وراء الضمان الوظيفي الذي أصبح من أمنيات زملائهم خريجي الجامعات والكليات المتخصصة الأخرى.
وبالتالي وحتى نستطيع المحافظة على مواردنا المالية والبشرية يجب علينا التفكير في مخرج صريح يتعامل مع العقل لا مع العاطفة ويتعامل مع أرقام معطاة من جهات علمية وإدارية ذات علاقة بتخطيط القوى البشرية بشكل خاص وقطاعات اقتصادنا القومي بشكل عام ويأخذ في الاعتبار واقعنا الاقتصادي الذي لم يعد كما كان ابان الطفرة الاقتصادية, وفي هذا الخصوص نقترح لتصحيح الوضع الآتي:
1 إلغاء أو خفض المكافأة الممنوحة للطلبة المقبولين في تخصصات تشتكي من تضخم أعداد الخريجين وقلة فرص العمل المتاحة في سوق العمل السعودي.
2 زيادة أو الإبقاء على المكافأة الممنوحة للطلبة المقبولين في التخصصات المطلوبة تنموياً وذلك عن طريق تحويل جزء مما تم توفيره من الفئة الأولى لصالح الفئة الثانية.
3 الاستفادة من الجزء المتبقي من المبالغ التي تم توفيرها في الإجراء الأول في دعم الجامعات والمؤسسات التعليمية المتخصصة لزيادة أعداد الطلبة المقبولين في التخصصات المطلوبة تنموياً وفقاً لخطة متكاملة تتولى إعدادها وزارة التخطيط بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.
4 زيادة مساهمة القطاع الخاص في توفير خدمة التعليم الجامعي والمتخصص لإتاحة الفرصة للطلبة الذين لم يتم قبولهم في مؤسسات التعليم العالي الحكومية لمواصلة دراستهم الجامعية على حسابهم الخاص.
وإذا كان الدافع وراء إقرار المكافأة مساعدة الطلبة وأسرهم على تحمل أعباء الحياة المتشعبة، فإن الاستمرار على المكافأة يعتبر قراراً غير عادل لوجود أعداد كبيرة من الطلبة الذين لم يتمكنوا من الحصول على مقعد دراسي في الجامعات وغيرها من مؤسسات التعليم العالي هم في اعتقادي أولى بالمساعدة,وبالتالي فإن تصحيح الوضع ليستقيم مع هذا الدافع يتطلب الآتي:
1 إطلاق اسم مساعدة مالية أو معاش على المبالغ المعطاة للطلبة بدلاً من مكافأة لكون المكافأة تعني مكافأة الفرد على أداء عمل أو خدمة معينة ونحن لانقصد من وراء المساعدة المالية سوى المساعدة وليس المكافأة.
2 صرف مبالغ مالية مماثلة لجميع الطلبة الذين تخرجوا من الثانوية العامة سواء تم قبولهم في مؤسسات التعليم العالي أو لم يتم قبولهم لكوننا نهدف من وراء هذه المبالغ المالية إلى المساعدة وليس المكافأة وذلك تحقيقاً للعدل المطلوب بين أفراد المجتمع السعودي.
3 إقرار مساعدة مالية متساوية لجميع التخصصات العسكرية والمدنية العلمية والنظرية الفنية والمهنية وذلك تحقيقاً للعدل بين الطلبة في جميع التخصصات لكوننا لانهدف من وراء المبالغ المالية سوى المساعدة وليس المكافأة.
ولكن هل يمكن تطبيق كل ذلك؟ أعتقد أن المنطق يحتم علينا عدم التفكير في هذا الرأي لكونه لايتوافق مع واقعنا الاقتصادي الذي لن يتحمل الأعباء المالية المترتبة على تطبيق هذا الرأي، ولكونه يتعارض مع مقتضيات سوق العمل حيث سيساهم بلاشك في الحد من الرغبة في العمل لدى الكثير من الشباب خاصة كلما صغر الفارق بين المساعدة المالية والأجر الشائع في السوق إذ من المتوقع أن يركن البعض من الشباب إلى المساعدة المقطوعة بدلاً من العمل ومستلزماته الشكلية والإدارية والبدنية, وهذا يعني أنه لم يعد أمامنا سوى إعادة النظر في المكافأة كمكافأة لاكمساعدة مالية فهل يكون ذلك عاجلاً؟ وهل نخضع الأمر للمعايير الاقتصادية أولاً ثم الاجتماعية ثانياً؟ وهل نفكر في مخرج اجتماعي يكفل لنا الجمع بين فاعلية المكافأة وعدالة التطبيق؟, أتمنى ذلك عاجلاً حتى نرفع من قيمة المال العام الذي يجب أن يذهب فقط لمستحقيه وفقاً لمعايير واضحة ومحددة.
د, مفرج بن سعد الحقباني
أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الأمنية

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

المتابعة

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

أسواق وصيف

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved