Sunday 5th December, 1999 G No. 9929جريدة الجزيرة الأحد 27 ,شعبان 1420 العدد 9929


القلم الأبيض
مليارات الدولارات والريالات,, من يحصدها؟!
عبد العزيز المهنا

ليس النفط وحده هو الرزق الذي أودعته السماء وحيجا تنفرد به جزيرة العرب عن غيرها من المواطن في معمورتنا التي نعيش فيها فالدول المنتجة للنفط لا تعد على اصابع اليدين والقدمين بل تعد بالعشرات وعلى مدى القارات, ولم نكن نعرف النفط في جزيرتنا على انه سيكون في يوم من الايام مصدر ثراء سيوصلنا الى الشمس بعد ان كنا لا نعرف حدودا للفقر.
ومنذ منتصف الثمانينيات من القرن العشرين الذي بدأ العد التنازلي لأيامه ولياليه والانباء والشائعات على حد سواء تخلق عدة صور للانسان في جزيرة العرب بعد نضوب النفط وتختلف فلسفة صورة عن الاخرى,, ففي إحدى الصور يبدو الانسان العربي وقد امتشق سيفه وهو على ظهر جمل او حصان ينادي بالويل والثبور وعظائم الامور لقبيلة بني فلان الذين اعتدوا على ارضه او عرضه او قتلوا احد ابنائه ويصرخ في افراد قبيلته الذين ظهروا بالصورة وكأنهم اقزام بالطبيعة وقد استوحت الصورة هذا التقزم المزمن لافراد القبيلة من تأثير الطاعة العمياء وسرعة تنفيذ الاوامر دون النظر الى مكوناتها الفعلية او الاسمية.
اما الصورة الاخرى فهي ترسم الانسان العربي وقد ارتدى ثوبه الصحراوي وجمع شتات اسرته واقام في قرية صغيرة يزرع الارض مع نظام يسير في امتداد الحياة داخل اسوار وابواب محكمة.
وصورة اخرى ترى فيها الانسان العربي وقد قرر الهجرة من جزيرته الى مواطن اخرى قريبة او بعيدة حسب امكانياته المتوفرة.
وكل هذه الصور او غيرها بعيدة كل البعد عن الواقع الذي اراده الله لنا فالنفط بالنسبة لنا ليس مجرد مورد,, وانما هو نقلة حضارية عامة لسكان هذه البلاد وتعميرهم فكريا وماديا وتأهيل اجيالهم للعطاء والبقاء.
وفي القرآن الكريم تأكيدات واضحة على ان مصادر الثراء التي اودعها الله وخص بها امة من الأمم باقية ومستمرة في تحقيق المآرب الحضارية، فالنفط من عند الله, وما عند الله باق.
إلا ان الاعتماد على النفط سوف يعيش مرحلة اقل نشاطا في العقود القديمة لوجود خيارات اخرى تحل محل النفط في بعض النشاطات والاعمال لكنها لن تكون البديل، ولا بديل للنفط الا في ارض اخرى والبديل ايضا هو النفط نفسه في تلك الارض, وكل البدائل القادمة سوف يسلبها الانسان من الطبيعة ومن مواد اخرى سائلة او صلبة وفي نهاية المطاف فهو بحاجة الى المزيد من الوقت لخلق هذا البديل,, وعندما يتكون هذا البديل لن يكون حكرا وهكذا تتبادل الامم ادوار الصدارة الاقتصادية والصناعية مثلما تتبادل ادوار السيطرة العسكرية في ازمان لم يكن فيها مؤشر واضح للتقدم سوى القوة العضلية عندما كان الانسان شبيها بما حوله.
نحن في المملكة العربية السعودية لدينا مورد اقتصادي مهم يمكن ان يوفر للوطن في حالة استقرار نموه عشرة مليارات من الدولارات سنويا, وهذا المورد لن يكلف الدولة منشآت او آليات او كوادر بشرية تخلق من الحبة حديقة.
في ارضنا اثار كثيرة من شمال المملكة وحتى آخر حجر او ذرة تراب في جنوبها وكذا في الشرق والغرب من بلادنا,, اثار اممية غارقة في القدم يتوق كل إنسان في العالم الى اضافتها في ذهنه على انها معلومة تستحق الايداع مثلها مثل تلك الاثار التي يرتادها في اوروبا وافريقيا وآسيا.
وفي حالة وجود مؤسسة تهتم بالآثار والمتاحف والسياحة والفندقة سوف يتغير وجه البلاد الى الافضل ولن تبدو عليه علامات الحزن خوفا من نضوب النفط او ايجاد بديل له,, واذا كان النفط الآن يشكل 70 بالمائة من دخل الدولة فإن مورد السياحة سوف يخفض هذه النسبة الى 62 بالمائة.
وهذا المورد لن يكون فاعلا الا باتخاذ قرارات جريئة تدفع البلاد الى العالم بكل ثبات فوجود تأشيرة سائح,, خدمة للوطن إذ ستلجأ الشركات العاملة في مجال السياحة الى اعادة الهيكلة لتظهر متناسبة مع المسؤولية الجديدة اذ ستكون الشركات السياحية مسؤولة عن السائح منذ دخوله للمملكة وحتى خروجه وسوف تصدر التأشيرات من السفارات السعودية وفق نظام تساهم في خلقه شركات السياحة نفسها.
اما المورد الآخر المهمل الى حين فهو خلق التقنية عن طريق استيرادها القسري فالوكيل السعوي للسلعة الآن هو من الجباة الذين يقدمون خدمة للشركات الصناعية على حساب الوطن وحياة اجياله, فالوكيل السعودي الآن وقبل هذا الاوان وبعده هو مصدر اعاقة, ااذ لا يمكن ان يساهم في مد يد العون للوطن فهو يستورد السلعة ويبيعها ويستورد قطع الغيار ثم يصنع معملا لتجميع هذه السلعة هو ما نسميه,, المصنع,, ولو ان لدينا مصانع حقيقية او معامل متطورة يعمل فيها سعوديون اكفاء لتحولت المصانع الى حقول انتاج وتطوير للسلع ولظهرت البصمة السعودية عليها ثم تتحول المعامل الى مصانع وعندئذ سوف يشكل قطاع الصناعة والانتاج الصناعي نسبة تفوق نسبة النفط في الدخل القومي.
لقد أراد الله لنا القوة والغنى فلنكن مثل ما اراد الله لنا ان نكون أقوياء وأغنياء لا أن نتحول الى ضعفاء وفقراء.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

المتابعة

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

أسواق وصيف

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved