هندسة اجتماعية؟ لا إخالك أخي القارىء إلا وقد اعتراك تساؤل مشوب باستغراب تجاه هذا المصطلح وما قد يحمل بين طياته من مدلولات! بل ربما شطح بك الخيال الى مفاهيم علمية /سياسية/ عسكرية (لا إنسانية) استخدمت ولا تزال تستخدم في ارجاء هذه المعمورة العامرة بالويلات والكوارث من قبيل مفاهيم الاستنساخ والأرض المحروقة وفرّق تسد وخلافه؟! ومع ذلك دعني أقول لك ان مفهوم الهندسة الاجتماعية بدأ كمفهوم مرادف لمفاهيم كثيرة تهتم بالتخطيط والتنظيم الاجتماعيين ودراسة قنوات ومصادر القوة في المجتمع والاستشراف (العلمي) للظواهر الاجتماعية والناجمة عن تطور الحياة وسننها المتغيرة, الفارق الوحيد بين تلك المفاهيم الآنفة الذكر ومفهوم الهندسة الاجتماعية أن تلك المفاهيم غالبا ما تناقش على السطح وفي أروقة الجامعات والمراكز العلمية المنتشرة في الغرب والتي حاولت ولا تزال تحاول التوفيق بين العلوم الإنسانية وجوانبها النظرية والتطبيقية، بينما شهد مفهوم الهندسة الاجتماعية انحرافا عن مساره (الأكاديمي) ليتخذ منحى لا أخلاقيا وبقرارات تتسم دائما بالسرية المغلفة بالحرص على (المصلحة الوطنية) بينما هي في الحقيقة تقوم بتعزيز سيطرة أفراد الثقافة المسيطرة في المجتمع كثقافة البيض (البروتستانت) في المجتمع الامريكي مثلا ومن ثم تهميش الثقافات الفرعية الأخرى اقتصاديا وسياسيا وخلافه.
إن من نتائج الهندسة الاجتماعية في الغرب والتي يمكن استشفافها (مثلا): المنع القانوني لاقتران السلالات الأنجلوساكسونية بالسلالات الأخرى (الملونة) حتى وقت قريب (حتى الستينيات الميلادية) اضافة الى الاهتمام المتزايد من قبل النخب السياسية/ العلمية هناك (وبطرق سرية!) بقضايا الأقليات وإمكانية اندثار العناصر البيضاء كنتيجة لقلة مواليدهم وتزايد مواليد وهجرات الأقليات الأخرى وخصوصا السلالات السوداء وذوي الأصول الإسبانية، وهذا بالمناسبة ما يفسر لجوء (المهندسين الاجتماعيين) الى فتح قنوات هجرة الأوروبيين (وخصوصا من شمال أوروبا) الى امريكا كصمام أمان وإعادة توازن (مجتمعية) كلما دعت الحاجة الى ذلك إن من نتائج الهندسة الاجتماعية كذلك ما نراه متمثلا في الدعوات المتزايدة من قبل دول أوروبا (صاحبة الريادة في دعوة دول العالم الثالث الى تحديد النسل) لسكانها الى زيادة المواليد ومواقفها السلبية المتمثلة في إجراءاتها القانونية المتشددة تجاه لاجئي وعمال دول العالم الثالث,
اخيرا وليس آخرا ألا تعتقدون ان حيثيات منع دولة (تتشدق) بالحرية كفرنسا مثلا لكتاب الدكتور القرضاوي المعنون بالحلال والحرام يصب في خانة الهندسة الاجتماعية (الفكرية!!),,أين هندستنا؟! ؟