بمناسبة اختيار الرياض عاصمة للثقافة عام 2000م هل نقدم ظاهرة حضارية ثقافية غير مسبوقة,,؟ حمود بن عبدالعزيز بن حمود القصيِّر |
تفشت في هذا العصر ظاهرة العزوف عن القراءة مع كثرة المكتبات وتعدد المصادر العلمية وتيسير البحث والاستقصاء عن اي معلومة بواسطة إيجابيات الحاسب الآلي والإنترنت ومع هذا اصبحت المكتبات الخاصة في البيوت للمباهاة والمفاخرة ولا يستفيد منها الآخرون مع ان اصحابها من العلماء والأدباء والمثقفين الذين يجب ان تكون لهم الريادة في نهضة بلادهم وتقدمها ليصبحوا القدوة الصالحة للأجيال الجديدة من بعدهم، فالوراقون في العصور السابقة الذين يهتمون بتدوين العلم النافع كان لهم الفضل الأول بعد الله في نقل حضارتنا وتقدمنا في العصور الإسلامية الزاهرة وتبليغها لنا بكتبهم القيمة في مختلف التخصصات على الرغم من الصعوبات الكبيرة التي كانت تعترضهم في ذلك الوقت، ونحن في هذا العصر الحديث لم نصل الى المستوى الذي وصلوا اليه مع ان جميع الإمكانيات قد اتيحت لنا بهذه الثورة العلمية الهائلة والاختراعات النافعة كالمطابع الحديثة والحاسب الآلي والانترنت التي تساعد كثيرا الكتاب والباحثين والمؤلفين، إلا انه حتى الآن لم يتم اختيار الموقع المناسب الذي يجتمعون فيه مع من يناسبهم في الميول والتخصصات في أوقات فراغهم ليتعاونوا فيما بينهم على نشر العلم وتحقيقه في مختلف الفروع والتخصصات وتشجيع الأجيال الجديدة على حب العلم والقراءة والاطلاع على كل جديد وتنمية مواهبهم العلمية والثقافية واكتساب الخبرات والتجارب من هذه الصفوة في المجتمع، وبذلك نقدم للعالم هذه الظاهرة الحضارية الثقافية غير المسبوقة بمناسبة اختيار مدينتنا الغالية الرياض عاصمة للثقافة عام 2000 كما ان ذلك يعد سنة حسنة في إخراج المكتبات الخاصة من البيوت للاستفادة منها ومن اصحابها لأن هذا العصر اصبحت سلبياته على الجيل الجديد أكثر من إيجابياته فانتشر الخمول والكسل والتفسخ والميوعة والعادات الضارة والمحرمة التي جلبها لنا الأعداء بهذه المحطات الفضائية الهابطة والموجهة لتدمير الشباب وبث الفرقة والتناحر بينهم في الدول المتخلفة لتبسط سيطرتها ونفوذها عليهم بعد إشغالهم بسلبيات هذه المخترعات المدمرة وترك ايجابياتها مما أدى الى عزوفهم عن القراءة وطلب العلم المفيد.
وقبل عدة اشهر منَّ الله علينا بشفاء احد رموز الخير الغالية في بلادنا العزيزة فأوقفت مكتبتي الخاصة المتواضعة شكرا لله ومنذ ذلك الوقت وأنا أبحث عن أي جهة رسمية يمكن لها ان تتبنى تجميع المكتبات الخاصة التي تدار من قبل اصحابها ويرغبون ان يستفيد الآخرون منها في مكان موحد ولم اوفق في ذلك حتى الآن.
وفي اعتقادي انه لو وجد مكان موحد للمكتبات الخاصة لتشجيع العلم والثقافة والبحث والتأليف بجانب أحد المراكز الترفيهية والرياضية ليصبح غذاء الروح وبناء العقل مع بناء الجسم وصحته، فالعقل السليم في الجسم السليم، سوف يستجيب اغلب اصحاب المكتبات الخاصة بنقل مكتباتهم الى هذا الموقع الثقافي الهام بما فيهم كبار العلماء والأدباء والمثقفين ليستفيد الآخرون منهم ومن مكتباتهم وخاصة الشباب في الجيل الجديد ويتم تحديد أوقات تواجدهم كل حسب ظروفه وامكانياته وبما يتلاءم وظروف رواد مكتبته الأساسيين، ولعل ذلك من أبواب التكافل الثقافي الاجتماعي الهام بين هذه الصفوة من المجتمع التي تقع عليهم نهضة البلاد وتقدمها.
ولدينا أنجح وأعظم تجربة على التكافل الاجتماعي عندما أراد المخلصون من أبناء وطننا الغالي تكريم احد رموز الخير في بلادنا ورائد الأعمال الخيرية سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض وعاشقها الاول الذي استطاع ان يجعل منها عاصمة تضاهي أعظم وأكبر العواصم العربية والإسلامية في وقت قياسي فتم الاتفاق على اقامة صرح شامخ ومعلم حضاري هام يحمل اسم سموه الكريم في عاصمتنا الرياض فوافق مشكورا على ذلك ودعمه بماله وجهده فاصبح الحلم حقيقة وتأسس مركز الأمير سلمان الاجتماعي الذي يعد أعظم هدية تقدم من سموه الكريم لأهم طبقة في المجتمع وهم الآباء والأمهات وأصبح المنتدى المفضل لهم يقضون فيه أمتع أوقات فراغهم بمزاولة هواياتهم المحببة اليهم من رياضية وثقافية واجتماعية مع من يماثلهم في الميول والهوايات بعد ان بلغوا سن التقاعد وقاموا بخدمة دينهم ومليكهم ووطنهم ومواطنيهم على أكمل وجه، وأفسحوا مجال العمل للجيل الجديد من بعدهم وتفرغوا لتقديم الاستشارات المفيدة في حدود خبراتهم وتجاربهم في شتى التخصصات.
وياحبذا لو قام مركز الأمير سلمان الاجتماعي او أي جهة اخرى بإيجاد مقر لأصحاب المكتبات الخاصة لتجتمع فيه هذه الشريحة المختارة من المجتمع لتؤدي دورها المطلوب في إثراء الساحة العلمية والثقافية.
وتوجيه الشباب من الجيل الجديد الى حب القراءة والمطالعة بدلا من قضاء وقت الفراغ بالتسكع في الشوارع او متابعة المحطات الفضائية الهابطة او التفحيط او التطعيس.
|
|
|