نوافذ (2000) أميمة الخميس |
لماذا كل هذا الزحام حول العام 2000 ، وكأن العالم جميعه أضحى يحمل حنجرة واحدة تهدر بحلول العام 2000 .
من خلال جميع الاتجاهات والمسارات، يبزغ لنا هذا الرقم المحتضن لأصفاره بصمت غامض ومحير.
والضجة ابتدأت بعيد مرافقة لأجهزة الكمبيوتر التي لا تمتلك تلك الاصفار، ومن ثم سرعان ما تحولت الى نبوءة مشئومة جعلت أحد مصممي الأزياء العالميين يتوقع نهاية العالم بحلول العام 2000 ،موجة عارمة كل امتطاها ليروّج بضاعته.
فشركات السياحة تقدم العروض المذهلة لاحتفالات ترافق دخول الألفية الثالثة، بينما الحكومة الاسرائيلية قد وضعت لغما خطيرا سيؤدي الى تفجير الصراع الديني بين المسلمين والمسيحيين في مدينة الناصرة, ومن ناحية أخرى وجدها الوعاظ وأهل الخير فرصة طيبة للتحذير من المشاركة في احتفالات عام 2000 وخزعبلات النصارى.
والعام 2000 هو رقم، ضمن ثقافة عالمية تحترم الأرقام وتقدسها وتجعلها أداتها الوحيدة في تفكيك الرموز والأحجيات من حولها.
ثقافة العقل والمنطق هي حتما ثقافة أرقام، أرقام منضبطة ثابتة لا تخضع للاحتمالات، لذا حتما سيكون هذا الرقم متوافقا مع السياق الفكري والحضاري لهذه الثقافة!! وبالتالي تلقفت هذا الرقم ثقافة استهلاكية سلعية يهمها جدا أن توظف أي شيء في صنع سوق للسلع والمبيعات حتى لو كانت هذه السلعة مذنبا سيمر في سماء كوكبنا فما بالكم في الرقم 2000 بحد ذاته وبعيداً عن رموزه الدينية والتاريخية.
فهذه الحنجرة العالمية التي أصمت الآذان منذ عدة سنوات عن حلول الألفية الجديدة، هي حنجرة أتقنت صنعها وسائل الاعلام العالمية، والتي ستجعل من مهمتها الرئيسة تأجيج الزخم الإعلامي حول هذا الحلول وبالتالي ليصل الى ذروته إما عبر مظاهر الاحتفالات الصاخبة حول العالم والتي ستضخ الى السوق الاستهلاكية حتماً مليارات الدولارات أو من ناحية أخرى عبر الاجراءات الاحترازية التي اتخذت وستتخذ من أجل النجاة من عقابيل العام 2000 بالنسبة لما يتعلق بالكمبيوتر، وإلى أن يحل العام 2000 وينتهي سنصاب بالصمم تحت إلحاح حنجرة لم تتوقف عن الهدير.
|
|
|