عزيزتي الجزيرة,.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,.
طالعت ما كتبه الاخ الاستاذ عبدالرحمن بن سعد السماري بهذه الجريدة بتاريخ 21 رجب 1420ه تحت عنوان (حول اسبوع الشجرة) تطرق من خلاله الى حاجتنا الى العناية باشجار النخيل والى زيادة الاهتمام بزراعتها في الشوارع والميادين العامة وحول المنازل وفي داخلها,, حتى يكون وهذا حسب تصوري كل ما حولنا نخيلا في نخيل,, واحسب ان الكثيرين وانا منهم يبادلون الاخ الكاتب المشاعر ذاتها تجاه هذه الشجرة المباركة التي كانت منذ القدم مصدرا للأمن الغذائي في هذه البلاد ولا تزال كما وصفها شوقي يرحمه الله بقوله:
طعام الفقير وحلوى الغني
وزاد المسافر والمغترب
ولا شك ان التوسع في زراعة النخيل هو التعبير العملي عن اعتزازنا بهذه الشجرة رمز الشموخ والعطاء والخضرة الدائمة,, ورفيقة درب الآباء والاجداد في الأيام والليالي الشداد.
لكنه مع ذلك هناك بعض الملاحظات التي لا بد من اخذها بعين الاعتبار قبل ان نقرر مدى حاجتنا الى النخيل ضمن عملية التشجير من عدمه فضلا عن التوسع في ذلك ومن هذه الملاحظات:
1 البلديات كما المزارع العادية تعتمد اعتمادا كليا في الري على المياه الجوفية وليس لديها مصادر ري اخرى بديلة يمكن التساهل في ترشيد استخدامها كمياه الصرف الصحي المنقاة مثلا او مياه الآبار السطحية التي تجري استعاضتها من الامطار باستثناء ما هو موجود في بعض المدن الواقعة ضمن منطقة الدرع العربي,, والمياه الجوفية في بلادنا كما يقال تسربت الى مكامنها الحالية واستقرت في تكويناتها الجيولوجية الحاملة لها قبل 20 35 الف سنة عندما كانت احوال المناخ مطيرة في اواخر العصر الجليدي,.
وقد تمت دراسة هذه التكوينات خلال الثلاثين سنة الماضية ولم يثبت من تحاليل النظائر المشعة لهذه المياه ما يؤيد دخول مياه جديدة في هذه التكوينات القديمة.
وقد ادت التنمية الزراعية والتوسع الزراعي العشوائي الذي صاحبها الى زيادة ضخ المياه من هذه التكوينات بكميات هائلة نتج عنه هبوط مستمر في مستوياتها ويمكن التمثيل لهذا التوسع غير المرغوب فيه بزراعة ملايين النخيل التي يقدر عددها في منطقة القصيم وحدها بنحو 5 ملايين نخلة حتى ان محصول التمور لهذا العام اغرق اسواق المنطقة وتدنى سعره الى اقل من سعر التكلفة.
وعليه فإنه يمكن اعتبار الدعوة الى التوسع في زراعة النخيل داخل الشوارع والحدائق والمنازل والتي تحتاج كي تنمو وتثمر بطريقة جيدة الى كميات وفيرة من المياه لا يمكن مقارنتها بما تحتاجه سائر الاشجار الموجودة حاليا من اجل الظل والزينة وتلطيف المناخ الصحراوي يمكن اعتبارها دعوة الى استنزاف المزيد من المياه الجوفية الثمينة التي اصبح الاهتمام بها والمحافظة عليها قضية وطنية مقدمة على قضية الانتاج الزراعي بالرغم من اهميته التي لا يمكن مقارنتها باشجار الشوارع والحدائق الموجودة حاليا ربما بكميات اكبر مما يناسب بيئتنا وامكاناتنا المائية المحدودة وغير المتجددة.
2 لابد ان الجهات الحكومية ذات العلاقة تفكر الآن جديا في الاستفادة من مياه الصرف الصحي التي تذهب هدرا في الوقت الحاضر فضلا عن اضرارها الصحية والبيئية التي لا يمكن تجاهلها او التقليل من شأنها، وليس ثمة حل لدرء اخطارها وتحويلها الى مياه صالحة يستفاد منها الا بتنقيتها وعندها سيصبح بمقدور البلديات والمرافق الاخرى ان تستفيد من هذه المياه بالقدر الذي يغنيها عما سواها ويؤمن لها مصدرا يمكن الاعتماد عليه في تمديد شبكات ري دائمة في الشوارع والحدائق والمتنزهات تختصر عليها كثيرا من التكاليف والجهود التي تتحملها حاليا,, لكن ستبرز عندئذ مشكلة اشجار النخيل المنتشرة حاليا في الشوارع والحدائق والتي لا يسوغ لاعتبارات صحية ان نسقيها بمياه الصرف الصحي حتى بعد تنقيتها باعتبارها من الاشجار المثمرة,, مما يعني ان استمرارية وجود النخيل في مواقعها الحالية مسألة فيها نظر فضلا عن زيادة اعدادها لأن حاجتنا الى الاستفادة من هذه المياه في التشجير وزيادة نطاقاته تبعا لاتساع النطاق العمراني مقدمة على حاجتنا الى النخيل في الشوارع والحدائق التي يوجد لدينا منها الملايين في المزارع والاستراحات والمنازل وهي المواقع التي تجد فيها ما هي جديرة به من الرعاية والاهتمام.
3 لا يخفى ما تواجهه اشجار النخيل الموجودة حاليا في الشوارع والحدائق من قلة العناية أو الاهمال الظاهر للعيان ومن ذلك,.
عدم الاهتمام برش النخيل بالمبيدات الحشرية مما تسبب في الغالب في تلف الثمر بسبب آفة (الغبير) وانتقال العدوى به الى نخيل المزارع والبيوت.
عدم الاهتمام بتقليم الجريد اليابس وتركه يتدلى على جوانب النخلة ويشوه منظرها ويضايق المارة.
عدم الاهتمام بنقل الفروخ (الفسائل) التي تنمو حول النخلة وتركها تتراكم وتتشابك حول بعضها وهذا أيضا يشوه النخلة ويعوق نموها ويضايق المارة ويثير اسف الحريصين على اكرام هذه الشجرة والعناية بها.
تعطيش النخيل بتقليل عدد مرات سقيها او استخدام المياه المالحة لهذا الغرض.
عدم الاهتمام بتلقيح (الطلع) اللازم لصلاحية الثمر.
عدم الاهتمام بتركيب (القنوان) على الجريد في الوقت المناسب او تركيبها بطريقة غير جيدة فينكسر الجريد ويخرب الثمر ومع ذلك يترك يتدلى الى اجل غير مسمى.
عدم الاهتمام بجني الثمار السليمة ان وجدت وتركها تتلف في فروع النخيل او تتساقط على الارض وتدوسها اقدام الناس غير المبالين باحترام النعمة.
وانني أتساءل لماذا نحرص اذاً بل لماذا تحرص البلديات وتتسابق في زراعة النخيل والاكثار منها اذا كانت غير قادرة على توفير العناية اللازمة لاظهارها بالمظهر اللائق بها باعتبارها سيدة الاشجار وثمرها سيد الثمار,وعلى العموم هذه وجهة نظري في هذا الموضوع وللناس كما يقال وجهات نظر وآراء بعدد رؤوسهم مع احترامي الشديد لاصحاب الآراء المتميزة من امثال الاخ السماري.
محمد الحزاب الغفيلي
الرس