يارا الصحافة بين الهلال والنصر عبدالله بن بخيت |
قلنا في المرة السابقة إن إحدى القواعد الأساسية التي يقوم عليها اعلام الهلال هي: الهلال فريق لا يقهر .
لذا تعمل صحافة الهلال دون كلل أو ملل على ربط الهلال بهذه القيمة واستبعاد النصر من هذه القيمة أو الاستفادة منها, إذا تعرض الهلال لهزيمة يسارع اعلام الهلال الى اخفاء اسم النصر من صفحات الجرائد وإبعاده من الذاكرة تماما حتى تتم معالجة آثار الهزيمة في نفوس الناس, فبعد أي هزيمة يتلقاها الهلال تحدث ربكات مفتعلة وتتناثر التصريحات وتتعرض مراكز الإداريين الكبار في النادي للاهتزاز وتصل الأمور في بعض الأحيان بإلصاق الهزيمة برئيس النادي نفسه, وهذا التكنيك هام جدا لأنه يزرع في روع الناس الانطباع ان الهلال فريق لا يقهر, وهذه الهزيمة هي كارثة يجب ان يحاسب الجميع عليها, وكل هزيمة للهلال في الدوري أو في غيره تعالج على أساس أنها كارثة حتى لو جاءت الهزيمة في مباراة لا تؤثر في سياق الفريق, وفي نفس الوقت يعكس هذا التكنيك ان الصحافة لا ترحم الهلال وانما توجه له النقد القوي اللاذع مما يشي بحيادها التام, وفي المقابل فإن هزائم النصر تعالج كأنها سياق طبيعي يحدث كل يوم ولا يوجد ما يستوجب الزعل.
لو قرأنا الطريقة التي تظهر بها صحف الهلال بعد مباراة من مباريات الهلال, سنلاحظ أنه في حال الفوز تظهر المانشتات في احدى الصحف كالتالي الزعيم هو الزعيم دائما وفي حال الهزيمة فستكون المانشتات كالتالي:رعونة التهديف تفقد الهلال فوزا مؤكدا .
عندما نفتش هذه المانشتات بتمعن سنرى غياب النصر، وإذا دققنا اكثر سنرى أن الصياغة في الجملتين تؤكد بأن الخبر يدور حول الهلال أما النصر فهو مجرد ضيف.
فالخبر يشبع عندك المعرفة بما حدث للهلال سواء كان الفريق المقابل هو النصر أو أي فريق آخر, ومثل هذه الصياغة تفترض أن القارىء يقرأ الجريدة وهو يريد أن يعرف ما حدث للهلال فقط بمعنى أن الآلة الإعلامية الهلالية تنطلق من افتراض مسبق مفاده أن الكرة في المملكة تدور حول الهلال.
وفي صحيفة أخرى قد تقرأ المانشتات التالية الهلال يلحق هزيمة قاسية بالنصر أما اذا كان النصر هو الفائز فستكون المانشتات غالبا كالتالي: الهلال يخسر مباراته الأولى في الدوري , وفي بعض الأحيان لاتذكر الهزيمة باسم الهلال وانما باسم المتهم بأسبابها، فاذا كان المتهم هو المدرب ربما تقرأ المانشت التالي: المدرب الفلاني يتلقى أول هزيمة له في الدوري وأحيانا لا يأتي اعلام الهلال على سيرة الهزيمة اطلاقا فنقرأ بعد الهزيمة المانشت التالي حان وقت رحيل المدرب فمن هذه المانشتات تفهم ان الهلال لم يهزم ولا يمكن ان يهزم.
ومن القضايا الهامة التي تعالج على صفحات الجرائد هو تبرير الهزيمة, فالفرق بين الهلال والنصر في تبرير الهزيمة هو الآلية التي تتم بها هذه التبريرات, لأن النصر لا يملك مؤسسة اعلامية تسانده، اضطرت ادارته ان تأخذ مهمة تبرير الهزيمة على عاتقها.
في هذه الحالة ليس أمام النصر لتبرير هزائمه إلا اتهام الحكام فقط, لأننا نعرف أن هناك اربع جهات تكون مسؤولة عادة عن الهزيمة في كرة القدم هي: الادارة، أو المدرب، او اللاعبون، أو الحكام وفي أحيان قليلة الطقس فاذا كان المسؤول في النادي هو المسؤول عن التصريحات وهو المسؤول بالتالي عن تبرير الهزيمة فليس أمامه إلا ان يتهم الحكام فقط, لأن بقية الأطراف المسؤولة عن الهزيمة تحت ادارته وأي اتهام لها هو في الواقع اتهام لنفسه ولادارته, فتلاحظ ان النصر من أكثر الفرق السعودية اتهاما للحكام بعد كل هزيمة، بل اننا نقرأ أحيانا اتهام الحكام يتم قبل بدء المباراة كأمر مفروغ منه, لأنه لا يوجد مبرر آخر أمام النصر لتبرير هزيمته إلا الحكام, وفي المقابل نجد ان فرص تبرير الهزيمة متعددة أمام الهلال ويمكن تبديدها كالدم بين القبائل فالكاتب في الجريدة يتهم اللاعبين والادارة تتهم الحكام والمدرب يتهم الادارة وهكذا تضيع اسباب الهزيمة في دوشة الاعلام إلا اذا كان هناك مصلحة استراتيجية لالصاق التهم بعنصر محدد أو عندما تكون الهزيمة كبيرة ويتطلب الأمر كبش فداء لتهدئة الجماهير الغاضبة عندها تتفق الأطراف بصورة غريبة ويطاح بالمسؤول عن الهزيمة مهما كان حجمه.
لابد أنه طرأ على القارىء الكريم بعض الأسئلة المهمة والبديهية مثل لماذا يسيطر الهلال على الصحافة رغم عراقة فريق النصر وتمتعه بقاعدة جماهيرية كبيرة؟ ولماذا تغيب الفرق الأخرى مثل الشباب عن الصراع الكروي الدائر بين الهلال والنصر؟, فالشباب على سبيل المثال هو أقدم الفرق في المنطقة الوسطى كما قفز في السنوات الأخيرة لمصاف الفرق الكبرى وحقق نسبة عالية من بطولة الدوري وزود المنتخب بأفضل اللاعبين, ولماذا يغط فريق الرياض في نوم لا يقهر وهو كما نعرف من الفرق العريقة؟ هناك اسئلة كثرة تحتاج الى إجابات أو على الأقل مقاربات.
يوم الاثنين القادم سوف نقترب من هذه الأسئلة ونحوم حولها لعلنا نظفر بشيء من المعرفة حول هذه القضية الكروية الاجتماعية.
yara222*hotmail.com
|
|
|