لما هو آتٍ دهشتك تُستَنطَقُ؟ د,خيرية إبراهيم السقاف |
متى تصيبك الدهشة؟!
تنزل في ساحتك، تحتل كيان انتباهك ويقظتك، توقظ المستكين فيك، وتحرك الساكن داخلك! متى تحتويك بقدرتها على أن تفعل فيك كل ذلك؟
في المواقف النادرة,, بنقيضيها تأتي الدهشة، في الفجاءات تأتي الدهشة، والفجاءات ليست كلها حلوة، فالفجاءة التي تستثير رضاءك، لا تختلف عن الفجاءة التي تستثير سخطك,,، فالأولى تستدعي دهشتك المشرقة، والأخرى تستدعي دهشتك المظلمة,.
* وأنت تعبر الشوارع,, تأتيك الدهشات كثيراً,.
* وأنت تقرأ الكتاب,, تحل بك الدهشات غالباً,.
* وأنت تلج المتاحف، والحدائق، والمسارح، ودور الأزياء، تفاجئك الدهشات بأنواعها.
* وأنت هنا، وهناك، وحدك مع إبداع إلهي، أو بشري، أو مع غيرك في مواقف مختلفة كثيراً، ومتوقعاً أن تغمرك الدهشات بأنواعها,.
أنت مع الدهشة في موقف استقبال,.
وأنت مع عامل الدهشة في موقف تفاعل,.
وأنت بدونها متلقٍّ في موقف المستقطب,.
فأي الأدوار يلعب عامل الدهشة معك؟
وأي الأدوار تلعبها معه؟!
* إن كنت إلى تصميم معماري جميل أخَّاذ مندهشاً لجماله,, فأول الأسئلة التي تولِّدها دهشتك: من الذي صمَّم هذا المعمار ؟
وتعود تسأل، وربما لا تفعل: أيعنيك في كثير أن تعرف من هو المصمِّم، أم يعنيك التصميم ذاته؟
إلى أي الدلائل يقودك المُصَمِّمُ أو المُصَمَّمُ؟
وأنت، أين تقف منهما؟!,.
* الموقف ذاته يحدث إن كنت إلى لوحة في متحف توقفك وتستدعي دهشتك,,
أول الأسئلة التي تولِّدها دهشتك من الذي وضع هذه اللوحة ؟
وتعود تسأل، وربَّما لا تفعل: أيعنيك في كثيرٍ أن تعرف مَن هو الرّسَّام، أو النَّحّات، أم يعنيك الرَّسم ذاته، او النّحت؟
وإلى أي الدلائل يقودك الرَّسم أو الرسَّام، أو النّحت أو النحَّات؟,, وأنت أين موقعك منهما؟!,.
* الموقف ذاته يحدث إن كنت إلى قصيدة، أو قطعة أدبية منثورة، أو قصة، أو رواية، توقفك أي منها,, تستنطق دهشتك، وأول الأسئلة التي تخرجها دهشتك من الذي أبدع هذا النَّص ؟
وتعود تسأل، وربما لا تفعل: أيعنيك في كثيرٍ أن تعرف من هو الشاعر، أو القاص، أو الراوي أو الكاتب؟,.
وإلى أي الدلائل تقودك القصيدة، أو النثر، أو القصة، أو الرواية؟!,.
* والمواقف تترى,.
الدَّاهش، والمندهش، وبينهما عامل الدهشة؟!
** في الأدب هناك أقاويل وتآويل ضاقت بها الكتب، وأُثقلت بها الصحف، وأُرهق بها القارىء,.
فالنقَّاد أصبحوا يهيمنون على حس القراء بتنظيراتهم عن: النَّص، والمنصوص، والنَّاص، وعن الدلائل والمدلولات والأدلة ، وعن المؤلِّف ، والمؤلَّف ، والمتلقِّي ، وعن الشَّكل والمضمون ، والأثر والمؤثِّر والمتأثِّر ، وعن,, وعن,, حتى كاد أن يضيع الجمال في سوق المزايدة، والمبايعة، والمعاينة التي يقوم بها النقَّاد,,،
ولولا بقية من حس، وشيء من تذوق، وبعض من إدراك، وجزء من استقلالية لهجر الناس الأدب وبضاعته,, بعد أن تفكَّكَت النصوص وشُرِّحت فوق طاولات المتفيهقين ,,!! والمتقوِّلين والمفكِّكين والمتليسنين ,.
** وربما فعل ذلك كل من أوقف قدميه عند مشارف النقد,.
وقال ها أنذا,.
** الذي يقول عن حضور الدهشة هو السؤال:
متى تصيبك الدهشة وتحلُّ بأحد لونيها عندك؟
وكيف؟ ومَن الذي يأتي بها أو ما الذي؟
** إذا كان هناك من يقابلك في الأداء والأخذ، أو الأخذ والأداء؟!
فلا تنس أن هناك شيئاً بينكما,, هو هذا المضَّطلِع بأمر الدهشة عندك,.
إذ إن النحَّات لا يخاطب النَّاظر إلى نحته إلا من خلال المنحوت والرسَّام لا يُلفت المتذوِّق إلى رسمه إلا من خلال المرسوم.
والعازف لا يشنِّف المستمع إلى موسيقاه إلا من خلال الموسيقى.
والمعماري لا يثير المعجب بتصميمه إلا من خلال عَماره.
والمفكِّر، والكاتب، والشاعر، والقاص، والروائي، لا يخاطبون دهشة القارىء إلا من خلال النصوص,.
فإن النصوص لها صوت وحده ما يستدعي دهشتك فلا تسأل عن أحد دون أن تستحضرها.
|
|
|