بيننا كلمة ياشمهورش,, يا مرجان!! د , ثريا العريّض |
كم تحقيقا صحفيا قرأت فيه عن المشعوذين؟ او جرائم الانحراف والاغتصاب؟ او عن ذاك الشخص الذي تؤهله قوى خفية ان يحقق لك ما تود,, بثمن تدفعه؟ خارج إطار الاثارة الصحفية، الذي منا يتابع بجد وتأمل تنامي ما تتناوله الصحافة من تحقيقات عن ظاهرة العنف العائلي او اللجوء الى المشعوذين والسحرة والمعالجين الشعبيين ومدعي القدرة على علاج كل شيء، قد يتساءل عن مسببات سقوط بعضنا في فخ الأوهام والخزعبلات, لماذا يتصرف البعض من المرضى او اهاليهم وكأنه لا إيمان ديني يحميهم من تقبل وهم الالتجاء الى حماية المشعوذين؟ او كأن لا وعي علميا يمنعهم من تصديق أن مثل هذه المصادر المشبوهة تمنح اي فرصة للعلاج الحقيقي؟
الجواب قد يكون في ما تعنيه صفة (الوصمة) من إيحاءات مخيفة.
كثير مما نعانيه يتراءى لنا امراضا جسدية تبدو وكأنها مستحيلة العلاج، تتنقل بفعل مجهول غامض من هذا الطرف من الجسد الى ذاك وتبقي المريض رهينة شكوى جسدية لا تنتهي لا يجد الطبيب علاجا لها ولا مسببات لوجودها.
هي مسببات نفسية يصعب على البعض التعبير عنها ويصعب على الآخرين تقبلها بحيادية كحالة تتطلب علاجا شاملا ناجعا, علاجا نفسيا قبل ان يكون جسديا خالصا وبعيدا عن الالتجاء الى السحرة والمشعوذين.
مازال المرض النفسي وصمة نخاف منها ونخفيها فيزداد جمره اضطراما.
وفي تعدد مصادر التأزمات النفسية وتعقيداتها مع تغيرات المجتمع وضغوط الحياة الحضارية وتداخل العلم المحض بالشعوذة الانتهازية، مجتمعنا مثل كل مجتمعات اليوم بأمس الحاجة لتوضيح النواحي العلمية المدروسة والنتائج التي وضحتها البحوث العلمية المقننة لغربلة الحقائق العلمية من التكهنات الملتبسة والخزعبلات المتوارثة, وفي إطار اتفاقية التعاون المشترك بين مستشفى الحمادي ووزارة الصحة بهدف إثراء معارف اطباء المراكز الصحية وصقل مهاراتهم الفنية يأتي البرنامج العلمي الذي ينفذه مستشفى الحمادي هذا العام بالتعاون مع وزارة الصحة والمستشفيات والمراكز العلمية المتقدمة من خارج المملكة وداخلها، والهدف المشترك هو رفع مستوى التأهيل والربط والتنسيق بين الجوانب المختلفة من العناية الصحية بما في ذلك الصحة النفسية.
هذا البرنامج سبق ان استضاف حلقتي عمل في مجال الصحة النفسية للاطفال والمراهقين، ثم آخرها الصحة النفسية للمرأة، حيث الحقائق العلمية المختصة بالفروق بين الذكر والانثى بيولوجيا ونفسيا وذهنيا، ونتائجها صحيا، تناولتها بالتفصيل العلمي المتزن محاضرات متخصصة، جمعت العاملين في الرعاية الطبية الاولية بالمختصين في الطب والتشخيص والعلاج النفسي، وعبر اوراق عمل من المشاركين من كلية الطب بجامعة الملك سعود ومستشفى القوات المسلحة، ومستشفى الملك فهد للحرس الوطني واعضاء اللجنة العلمية الوطنية للرعاية النفسية الأولية بوزارة الصحة إضافة الى اطباء مستشفى الحمادي واستشاريين في العلاج النفسي من جامعة أدنبرة وجامعة جلاسجو، موضحة تداخلات مواضيع متخصصة ملتصقة بالصحة النفسية للإناث مقارنة بالذكور منها مثلا نسبة الاصابات وأعراض المرض النفسي، الاكتئاب، المزاج المتقلب، وآثار الصدمات النفسية المتجذرة منذ الطفولة الغضة، وتعقيدات البلوغ والحمل واكتئاب ما بعد الولادة وانقطاع الحيض, ومشاكل النهم المرضي وتجويع النفس، وإساءة معاملة الاطفال وتعذيبهم من قبل من يشرف على رعايتهم.
ولأهمية ما تناولته الحلقة العلمية حول الصحة النفسية للمرأة من موضوعات ومناقشات لاحقة، سأشارك القراء في بعض ما دار فيها من توضيحات علمية,, قد تبعدنا عن اللجوء الى شمهورش وغيره من ملوك الجان.
|
|
|