تلقيت دعوة في الأسبوع الماضي من احدى المدارس الأهلية للمشاركة في مجالس الآباء بغرض الحديث مع طلاب ثالث ثانوي عن التعليم الجامعي ومستقبل التخصصات العلمية وخاصة الحاسب الآلي ورغم ان هذه الزيارة كانت مفاجئة وعطلت كثيرا من المشاغل فإن نتائجها كانت جيدة بل ممتازة بالنسبة لي شخصيا, فقد اتضح لي ان هناك ظاهرة خطيرة بدأت تطفو على السطح لدى معظم الطلاب وهي ان تخصص الحاسب الآلي لن يكون ذا مستقبل مميز في القرن الحادي والعشرين وحاولت ان اقنع نفسي ببعض المبررات بأن هذه الظاهرة إن صح التعبير منطلقة من فئة معينة من الشباب تشترك في المدرسة او الأقران او الحي او المدينة لكن وفي يوم الثلاثاء الماضي بالتحديد وفي حديث جانبي مع طلابي بقسم الحاسب الآلي ونظم المعلومات بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سألني احد الطلاب ان الحاسب لم يعد سلعة غالية ولن يكون المتخصص ذا مكانة عالية وخلال السنوات القريبة سيكون هناك وفرة في طلاب الحاسب الآلي مثلهم مثل طلاب الزراعة والاجتماع وغيرهم وبرر هؤلاء بكثرة افتتاح اقسام الحاسب الآلي في جامعات المملكة وكذلك تركيز الكليات الأهلية على الحاسب الآلي,, الخ.
واجبت إجابة بالأرقام لهؤلاء الطلاب وقد اقتنع الكثير منهم بذلك وليس هذا الشاهد ولكن اين ولدت هذه الظاهرة ومن يغذيها حاولت ان اجد إجابة لهذا وخلصت ان هذا لا يخلو من أمرين وهما ان الولادة كانت بفعل فاعل عن طريق الدعاية الخفية لدى فئة من العمالة الموجودة هنا او الفهم القاصر لدى الطلاب عن مفهوم المعلوماتية بمفهومها الشامل وان العصر الذي نعيشه هو عصر المعلوماتية.
المهم كانت نتيجة هذا ان قمت بمراجعة للأرقام والدراسات والأبحاث حول حاجة العالم بصفة عامة ودول الخليج والعالم العربي بصفة خاصة من المتخصصين في الحاسب خلال خمس السنوات القادمة فوجدت ان العدد كبير جدا, وأثناء بحثي وقع في يدي تقرير في موقع الإنترنت/ العالم العربي عن تلك الحاجة واحببت ان اشاركهم في نتائج هذا التقرير من المتخصصين في الشبكات فقط.
فقد قامت شركة انترناشونال داتا كوربوريشن IDC بإجراء بحث سلط الضوء فيه على اقتراب أزمة نقص المهارات في اوروبا, وحمل هذا التقرير عنوان اقتصاد الانترنت إشكالية التوظيف The Internet Economy -An Employment Paradox ويقول التقرير: يتوقع خبراء تقنية المعلومات في الشرق الأوسط أن يتواصل النقص الحالي في اعداد المتخصصين المهرة القادرين على تشغيل وإدارة الشبكات التي تستند الى الانترنت, وحيث ان التشبيك يدعم ويعزز حاليا جزءا كبيرا من الاقتصاد العالمي فإن كثيرا من المعلقين قد اطلقوا إشارات التنبيه الى منطقة الخليج العربي التي قد تواجه بعض التهديدات لقدرتها التنافسية الاقتصادية نتيجة لهذا النقص.
وقال رولاند غريفيش، مدير عام سيسكو سستمز في الشرق الأوسط: بينما تواصل أنظمة الشبكات اكتساب المزيد من الأهمية باعتبارها جزءا اساسيا من الأعمال، فإن هنالك طلبا هائلا على مهارات التشبيك اللازمة لإدارة هذه الأنظمة .
وأضاف غريفيش قائلا: إذا لم تقم الأعمال والشركات والحكومات الآن باتخاذ الإجراءات الازمة كي تضمن ان لديها الأشخاص المهرة الأكفياء القادرين على ادارة هذه الأنظمة، فإن الوضع سوف يتجه نحو الأسوأ, أما النقطة الأساسية في بحث IDC فهي انه بحلول عام 2002 سيكون هناك نقص يزيد عن نصف مليون شخص من ذوي المهارات الأساسية الخاصة بتصميم وبناء وإدارة الشبكات التي اصبحت أمرا حيويا للشركات والأعمال والحكومات في مختلف أنحاء العالم.
ووفقا لما ذكره معلقون مستقلون في قطاع تقنية المعلومات، فإن العالم العربي قد يجد نفسه في مأزق جدي بسبب النقص الحالي في الموارد البشرية لمتخصصي تقنية المعلومات المهرة,
وبيّن بحث اجرته IDC في الشرق الأوسط ان انفاق المستخدمين على التدريب يتوقع له ان ينمو من حوالي 60 مليون دولار امريكي لعام 1997 الى آكثر من 180 مليون دولار امريكي لعام 2002 ويشكل هذا الاستثمار في بناء وتطوير المهارات خطوة في الاتجاه الصحيح ولكن الخبراء ينبهون الى ان هذا الحجم من الاستثمار فد لا يكون كافيا للحفاظ على القدرة التنافسية للعالم العربي, وفي مؤتمر إقليمي عقد في دمشق ونظمته الجمعية السورية للمعلوماتية SCS وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية UNDP تحت عنوان الوظائف في مجمع المعلومات في القرن الحادي والعشرين JOBS IN THE INFORMATION Society of the 21st Century نبه جيري سيريمينا المستشار في UNDP في نيويورك الى ان الدول العربية ستحتاج بحلول عام 2015 الى إيجاد حوالي 7 ملايين شخص من العاملين المهرة من أجل استيعاب ومواجهة احتياجات السوق المتوسعة.
فيا ايها الشباب الطامح,, هذه الاحتياجات في مجال الشبكات واترك لكم تقدير الحاجة,
وأخيرا أهمس في آذانكم ان الاحتياج في البرامج Software أكثر ومثله في المتخصصين في العتاد Hardware فمالكم لا تشمرون وتتأهبون؟