طوال تاريخ الرياضة السعودية الذي بدأ منذ ما ينيف عن نصف قرن تعاقب على مسيرتها الخضراء العديد من الرواد والنجوم والاجيال، منهم من كانت له بصمات واضحة وإسهامات بارزة في وضع لبنات مرحلة البناء والبداية ومنهم من عاش حقبة ما بعد التأسيس, وكل هؤلاء الرجال بالتأكيد ستظل اسماؤهم محفورة في الذاكرة!!
ومن هذا المنطلق حرصت (الجزيرة) على تقديم هؤلاء الرواد والنجوم والاسماء على صفحات كل جمعة.
ضيفنا هذا الاسبوع نجم فريق الشباب والهلال اللاعب مهدي بن علي الذي بدأ حياته الرياضية مع فريق الشباب في النصف الاول من حقبة التسعينات ثم انتقل الى صفوف فريق الهلال ومثله في نهاية تلك الحقبة وعاد مرة اخرى لتمثيل (شيخ الاندية) واستمر حتى تم دمجه الفريق الشبابي مع النجمة,, حيث كان يعد احد اسباب انفصال الاولمبي (الهلال حاليا) من الشباب بعد الحادثة الشهيرة التي كان بطلها الثلاثي (مهدي بن علي وسيد سالم وعبدالرحمن بن سلوم),, ورغم تسببه في حدوث تلك العملية لعب للهلال وساهم في تحقيق الازرق لأول بطولة في تاريخه المديد (بطولة كأس الملك عام 1381ه) بعد فوزه على الوحدة العريق الذي كان يملك العديد من النجوم والاسماء الرنانة في عالم النجومية ب 3/2.
استضفناه عبر هذا اللقاء ليبحر بنا في سجل ذكرياته الجميلة مع المستديرة فماذا يقول الضيف؟
الاسم: مهدي بن علي القحطاني.
الميلاد: 1357ه.
المهنة: متقاعد وزارة المالية.
الحالة الاجتماعية: متزوج واب ل(علي، محمد، عبدالله، بندر، وبنتين).
المؤهل: ابتدائية.
البداية في سلام!!
بدايتي الرياضية كانت في المدارس والحواري,, وتحديدا في حي سلام,, احد الاحياء الشعبية في وسط العاصمة الرياض,, حيث كنا مجموعة من ابناء الحارة نمارس لعبة كرة القدم في الحي,, واتذكر منهم محمد المصيبيح والد النجم (فهد المصيبيح) وعبدالعزيز العسكر احد مؤسسي نادي الرياض ومنصور العيدان مدير الشرطة سابقا.
ومن الحارة التحقت بفريق الشباب الذي كان يحمل اسم (شباب الرياض) في الصنف الاول من عقد السبعينات وعمري آنذاك (15) ربيعا.
مناحي بن مران!!
بلاشك جاء انضمامي (لشيخ الاندية) عن طريق لاعبه السابق (مناحي بن مران الدوسري الذي كان كابتن فريق (شباب الرياض) حيث شاهدني في الحارة وعرض علي فكرة الانضمام الى الفريق وبالفعل وافقت فذهبنا لشيخ الرياضيين (عبدالرحمن بن سعيد) الذي كان آنذاك مسؤولا ومشرفا على الفريق الشبابي وسجلت في صفوفه ومثلته حتى عام 1377ه بعدها جاءت عملية الانفصال.
قصة الانفصال!!
عملية انفصال الاولمبي عن الشباب جاءت بسببي انا وعبدالرحمن بن سلوم وسيد سالم والقصة وما فيها ان الامير ماجد بن سعود رئيس اعضاء شرف نادي الشباب آنذاك كان لديه فريق في الناصرية طلبنا نحن الثلاثة للعب بصفوف فريقه ضد فريق الامير منصور بن سعود وبالفعل شاركنا مع الفريق واستمررنا في اداء التمارين مع المجموعة وانقطعنا عن مزاولة التدريبات مع فريق الشباب,, علم ابن سعيد بذلك وحضر للملعب بالناصرية وطلب عودتنا الى الشباب ورفضنا,, وفي المساء اصدر ابن سعيد قرارا بايقافنا نحن الثلاثة لمدة (3) اشهر طبعا وقتها كان عبدالله بن احمد رئيس الشباب مسافرا للمنطقة الغربية لأجل احضار حارس الوحدة (باطوق) وبعد عودته توجهنا اليه وأخبرناه بقرار الايقاف,, حيث طلب حضورنا لتمارين الغد,, ووجد معارضة من ابن سعيد الذي اصر على ايقافنا وبسبب الاختلاف هذا اعلن الشيخ عبدالرحمن بن سعيد انسحابه من الفريق وأخذ معه نصف لاعبي الشباب وأسماه فريق الاولمبي,, الذي تحول فيما بعد ليحمل اسم الهلال.
انحلال الشباب
استمررت في تمثيل (شيخ الاندية) حتى عام 1379ه حيث ان الفريق قاب قوسين او ادنى من الانحلال والتفكك بعد ابتعاد ابن احمد ولولا الله ثم جهود محمد بن جمعة الحربي الذي ساهم بلا ريب في حفظ الشباب وبقائه لضاع الفريق ففي ظل هذه الاوضاع المتردية التي عاشها الشبابيون تركت الفريق وانضممت للهلال في ذلك العام.
حوافز وإغراءات زرقاء!!
انضممت لفريق الاولمبي (الهلال حاليا) لعدة اعتبارات اهمها ان الشباب وكما اشرت سلفا قد دلف بوابة الشتات والضياع,, فوجدت ان الهلال هو الاقرب لنفسي لأن اغلب لاعبيهم في الاصل من فريق الشباب,, ايضا وجود الحوافز والمغريات التي كان يقدمها (شيخ الرياضيين) في سبيل دعم فريقه الحديث النشأة والولادة بلاعبين من الاندية الاخرى.
أعتز بالكنج ووالد ماجد!!
لعبت في بدايتي في خط الهجوم ثم تحولت الى (مركز الوسط الايمن) ولا انسى حقيقة فضل المدربين الكنج (يرحمه الله) ووالد النجم ماجد عبدالله (احمد عبدالله)رحمه الله اللذين اشرفا على تدريبي ومدى مساهمتهما في صقل موهبتي وتنمية مهاراتي الفردية.
الشيخ عبدالرحمن بن سعيد!!
بالتأكيد,, عندما التحقت بصفوف فريق الهلال رحب بي الشيخ عبدالرحمن بن سعيد ونسي كل ما حدث فهذا الرجل (حقيقة) من الرجال القلة الذين يحظون باحترام وحب وتقدير من الجميع.
كأس الملك 1381ه
اول بطولة حققتها مع الهلال بطولة كأس الملك عام 1381ه حيث كنت من ضمن اللاعبين الذين حققوا هذا الانجاز الغالي بعد فوزنا على فريق الوحدة من مكة 3/2, في ملعب الصايغ وقد سلم الكأس نيابة عن جلالة الملك سعود يرحمه الله وزير العمل السابق عبدالرحمن ابا الخيل وتسلم الكأس كابتن الهلال مبارك العبدالكريم.
هاتريك رجب خميس!!
في الحقيقة لم نكن نتوقع الفوز على الوحدة الفريق الذي كان يضم في صفوفه العديد من الاسماء البارزة والرنانة في عالم النجومية والابهار الكروي غير انهم تركوا مهاجم الهلال (رجب خمس) يسرح ويمرح داخل ميدان الكرة وراقبوا مبارك العبدالكريم فتمكن الاول من احراز (3) اهداف جميلة جلب بها كأس الملك للازرق عن جدارة واستحقاق.
انسحاب الثغر
كان مقررا ان يلعب فريق الثغر (الاهلي حاليا) مع فريق الوحدة لتحديد بطل الغربية الذي سيقابل فريق الهلال على نهائي الكأس عام 1381ه غير ان (الثغر) اعلن انسحابه لأسباب (,,,)!!! وانتقل الوحدة مباشرة لنهائي الكأس حيث خسر امام الهلال كما اشرت آنفا 3/2.
الفترة الحرة!
في مطلع الثمانينيات وتحديدا في 1383ه كانت هناك فترة حرة تسمى فترة انتقالات اللاعبين, الاعب له حرية مطلقة للانضمام لاي ناد يريده بلاشروط او قيود هذه الفترة كانت عبارة عن (15) يوما, طبعا ادارة الشباب آنذاك قدمت لنا بعض الاغرءات عن طريق عضو الشرف صالح ظفران (يرحمه الله) حيث اغروني انا ورجب خميس وعبدالرحمن السلوم حيث قصوا لنا جوازات من محافظة الخرج وسفرونا للبحرين وقدموا لكل واحد منا (3000) ريال وهي تعادل (300) الف قالها ضاحكا ومكثنا في البحرين حتى قرب نهاية الفترة بيومين ووقعنا في الشباب واستمريت في تمثيله حتى تم دمجه مع النجمة نهاية الثمانينيات الهجرية.
نجوم مدرسة الوسطى
اول مباراة لعبتها مع الشباب عقب عودتي له كانت ضد فريق اهلي الرياض في دوري المنطقة الوسطى وكسبناه 3/1 وقتها كان اهلي الرياض يضم في صفوفه نجوما ولاعبين افذاذا كعلي حمزة وزيد بن مطرف وابراهيم الشايب واحمد نقادي وعبود الرويجح وغيرهم.
اشهر هدافي الشباب
اشهر هدفي فريق الشباب خلال تلك الحقبة المنقضية صالح عدني وصالح العميل بجانب طبعا فهد بن بريك الذي انضم للشباب بعد دمجه مع النجمة.
تنافس الشباب والهلال
تنافس الهلال والشباب بدأ عقب انفصال الاولمبي (الهلال حاليا) وولادته كرويا عام 1377ه واستمر هذا التنافس قائما حتى نهاية النصف الاول من عقد الثمانينيات حيث شكل فريق اهلي الرياض منافسا قويا للهلال بجانب طبعا فريق النصر الذي استلم الراية من المدرسة مع مطلع التسعينيات.
ابتعاد عبدالله بن احمد
في النصف الاول من حقبة الثمانينيات حصل بين رئيس الشباب عبدالله بن احمد وعضو شرف النادي عبدالله بن مطلق (يرحمه الله) خلافا قويا وولادة مشكلة كبيرة (,,,)!! وبسبب هذا الخلاف انقطع ابن احمد عن النادي وترك رئاسته منذ تلك اللحظة الامر الذي جعل (شيخ الاندية) يعيش اوضاعا ادارية سيئة حيث تعاقب على رئاسة هذا الكيان كل من عبدالله التويجري وابراهيم مديني وعبد الحميد مشخص.
ادارة مثالية!!
الحقيقة يظل الاستاذ ابراهيم مديني الذي تولى رئاسة نادي الشباب في فترة من الفترات هي اجمل الايام التي عشتها تحت ادارة هذا الرجل الخلوق جدا فقد ساهم كثيرا في حل مشاكل اللاعبين بشتى ظروفها فضلا عن مثاليته وادارته ومرونة التعامل مع الاندية الاخرى الامر الذي اكسبها احترام الجميع.
بطولة الوسطى!!
نعم استفاد فريق الشباب من العديد من لاعبي المنطقة الغربية الذين تم احضارهم في مطلع الثمانينيات امثال جريان وعزيز مفتي وحسن باز ودورو وهؤلاء بلاشك ساهموا في جلب اول بطولة (لشيخ الاندية) عام 1380ه وهي بطولة الوسطى بعد فوز الشباب على الهلال 3/0 ايامها كنت العب مع الهلال فقد شكل هؤلاء اللاعبون دعما قويا للفريق الابيض.
يوم طردني الجمل
من المواقف الصعبة في حياتي الرياضية اتذكر اننا لعبنا ضد فريق الشباب عام 1380ه في بطولة الوسطى,, حيث كان الشباب يضم في صفوفه اللاعب السوداني (الرجوان) بينما يضم الهلال اللاعب السوداني ايضا (يوسف دينمو) المهم اثناء سير المباراة تشاجر اللاعبان السودانيان فطردهما الحكم (الجمل) طبعا كنا متأخرين بهدفين,, وحين هم زميلي يوسف دينمو بالخروج همس في اذني وقال: (مهدي (اذا ما تجيبو نتيجة جيبو خبر احد لاعبي الشباب) وبعد احراز الشباب الهدف الثالث دب اليأس والقنوط في نفوسنا حيال تعديل النتيجة,, ففي احد الكرات انطلق لاعب الشباب عبدالقادر شعبان وتعمدت اصابته فاذا بالحكم الجمل يقول (برا,, برا) فغضب الجمهور الهلالي من الخسارة الثقيلة,, ومن تصرفي الارعن!
اناصر صالح عدني
الموقف الذي كلما تذكرته ضحكت كثيرا اذكر اننا لعبنا ضد الشباب الذي كان يضم في صفوفه الهداف البارع الراحل (صالح عدني) المهم حين نزلنا بين الشوطين ونحن نسير بجوار بعض اذ بالجمهور الهلالي يصيح ويهتف ضد صالح عدني,, التفت عليَّ وقال الجمهور يصيح عليَّ والا عليك قالها باسلوب فكاهي وهو يعرف بالطبع ان الجمهور يهتف ضده ففشيت عليه من الضحك.
منتخب المملكة!!
انضممت للمنتخب في بداية تشكيله في النصف الثاني من عقد الثمانينيات طبعا لم تكن هناك مشاركات رسمية بالمعنى انما كانت هناك زيارات واقامة لقاءات ودية مع بعض المنتخبات العربية واذكر اننا عسكرنا بالطائف في اول مشاركة لي مع المنتخب.
وفي المقابل انضممت لمنتخب الوسطى عام 1386ه وكان من اشهر اللاعبين بالمنطقة الوسطى الذين حظوا بشرف تمثيل المنطقة سعد الجوهر واحمد الدنيني وحمدي ومبارك الناصر وزيد بن مطرف وعلي حمزة وناصر سيف نادر العيد وفيصل بكر ومن الهلال سلطان بن مناحي.
عملية الدمج
استمررت في الملاعب حتى نهاية عقد الثمانينيات وتحديدا بعد دمج الشباب مع النجمة والاتحاد وجاء ابتعادي عن الملاعب بسبب الملل والتشبع خاصة وانني تخطيت حاجز الثلاثين واذكر ان آخر مباراة لعبتها مع الشباب كانت ضد الرائد في بريدة وكسبناها اعتقد 2/0.
أجمل أيامي!!
اجمل ايامي واحلى فتراتي كانت بالتأكيد بالهلال بيد انني كنت احد اللاعبين الذين ساهموا في حصول الفريق على اول بطولة في تاريخه المديد وهذه اللحظات الجميلة لا يمكن بأي حال من الاحوال نسيانها.
تجربة فاشلة
عقب اعتزالي الكرة اتجهت للسلك التدريبي لخوض تجربة جديدة في هذا المجال,, ففي عام 1391ه اشرفت على تدريب فريق الناشئين بنادي الشباب ولكن لم استمر طويلا في حقل التدريب نظرا لظروفي العائلية التي اجبرتني للسفر للمنطقة الجنوبية والمكوث هناك سنوات عدة واعتقد ان تجربتي التدريبية كانت فاشلة!!
الجماهير النصراوية شبابية
لاشك ان تعدد هزائم الشباب من مناسه الدائم الهلال, بجانب ابتعاده عن البطولات وفي ظل ما عاناه من مشاكل ادارية وفنية في فترات متقطعة اسهمت في هذا الغياب الطويل عن البطولات الذي امتد لاكثر من اربعة عقود زمنية كانت كفيلة بان تهاجر الجماهير الشبابية (المحبطة) للفريق النصراوي الذي ما ان صعد من الدرجة الثانية عام 1384ه حتى اصبح متخصصا في هزيمة الهلال وقدرته على احراز البطولات,, لان الجماهير دائما ما تبحث عن بئر البطولات لتروي عطشها.
التكريم حاجة معنوية!!
حظيت في الحقيقة بالتكريم من قبل الادارة الهلالية قبل سنوات مضت حيث كنت من ضمن المكرمين جماعيا,, وقد حضرالعديد من اللاعبين القدامى وبصراحة اسعدتني تلك اللحظة التي شاهدت فيها زملائي اللاعبين بعد ان تفرقت بنا السبل لدرجة ان بعضهم لم اشاهده منذ (3) عقود زمنية فاشكر الهلاليين على هذه الخطوة الرائدة واتمنى ان تحذو الاندية حذوهم فالتكريم حاجة معنوية قبل ان تكون مادية.
علاقة ممتازة
علاقتي حاليا بنادي الشباب ممتازة,, فانا يوميا احضر للنادي واتابع تمارينه وخاصة يوم الجمعة وهذا يعود بطبيعة الحال لحبي لهذا الكيان الشامخ الذي عشت فيه احلى ايامي واجمل اوقاتي,, فانا اجد من الشبابيين لاعبين واداريين كل الاحترام والتقدير والمحبة.
هذه نصيحتي لجيل اليوم!!
النصيحة التي اوجهها لابنائي من جيل اليوم ان يحافظوا على مستوياتهم والسعي على تطوير قدراتهم الفنية والابتعاد عن المؤثرات الخارجية كالسهر والغرور والتحلي بالسلوك الحميدة والاخلاق العالية.