مجلس التعاون د, محمد بن عبدالرحمن البشر |
يختلف البعض في التمييز بين أهداف مجلس التعاون لدول الخليج العربي وبين آمال قادته وشعوبه, فأهداف مجلس التعاون تتمثل في التنسيق بين دول المجلس، وقد تحقق ذلك، في أكثر من موقف سياسي واجتماعي, ولعل موقف دول الخليج في الدفاع عن الكويت أثناء غزو العراق أكبر شواهد ذلك التنسيق.
فقد تجلى ذلك الموقف الرائع، في تسخير الروح، والأرض، والمال في جميع دول المجلس دون استثناء للدفاع عن الحق, وكما أن تنسيق دول المجلس كان واضحاً في فتح الحدود، والقفز فوق رتابة الروتين أثناء الغزو.
وكان للتنسيق بين دول المجلس الأثر الكبير في تحجيم ما قد يحدث من اختلاف بين دول المجلس حول بعض المواضيع الثنائية أو العامة، إضافة إلى بحث هذه الدول عن قواعد مشتركة لاتخاذ موقف موحد حيال ما يجري من أحداث رغم تباين وجهات النظر، ولو لم يكن هناك مجلس للتعاون لرأينا البون شاسعاً في المواقف حيال صغائر الأمور وجليلها، وقاصيها ودانيها، ولرأينا البحث عن المصالح الذاتية بمنأى عن المصالح المشتركة, ولذا فعلينا أن نسجل هذه الإيجابيات لمجلس التعاون لدول الخليج العربي، وعلينا أن نقتنع أن المجلس حقق كثيراً من أهدافه بالتنسيق الدائم والمستمر بين أعضائه.
أما آمال قادة وشعوب دول مجلس التعاون، فعلينا أن نعترف بأنها لم تتحقق بمفهومها العام وإن تحقق بعض منها, ويعود ذلك لأسباب سياسية واجتماعية واقتصادية, وفوق ذلك كله فإن الآمال غالباً ما ترتبط بالعواطف، والنموذجية في التفكير، دون النظر إلى الواقع, فهناك من يأمل أن يتم التنقل بين دول المجلس بالبطاقة الشخصية، وقد تحقق ذلك بين دولة الامارات العربية المتحدة من جهة وعمان وقطر من جهة أخرى، وبين الكويت والبحرين، أما الأمل بأن يتحقق ذلك بين دول الخليج مجتمعةً، فذلك أمل قد يتحقق، لكنه يحتاج إلى مزيد من الصبر, ومن بين آمال قادة وشعوب دول المجلس أن يكون هناك عملة موحدة ومزيد من الخطوات العملية لتحقيق الاندماج الاقتصادي، لكن ذلك أمل يرتبط بحساب الأرباح والخسائر، دولاً وشعوباً، كما أنه أمر يمس رفاهية الشعوب وسعيها في البحث عن توفير لقمة العيش الكريمة، ولذا فأمل كهذا يحتاج إلى دراسة دقيقة ومتأنية ذات شفافية عالية، وتضحية ذاتية في سبيل مصلحة أشمل وأعم.
والتعرفة الجمركية الموحدة التي تم الاتفاق عليها بفضل تضحيات من جميع دول المجلس، ليست سوى أملٍ في أن تكون جسراً لمزيد من التكامل الاقتصادي بما يحقق آمال قادة وشعوب هذه الدول.
ومسيرة مجلس التعاون التي استمرت نحو عشرين عاماً جعلت الآمال تزداد وتتفرع جوانبها مع مرور الزمن، ولكثرة تلك الآمال والتطلعات، فقد حجبت بظلالها ما تحقق من إنجازات لكن يبقى الأمل ويستمر العمل إلى أن يقتنع الجميع بحدود ما يتم الوصول إليه.
|
|
|