لما هو آتٍ عام الثقافة في عصمة الرياض د,خيرية إبراهيم السقاف |
عام ألفين تكون الرياضُ عاصمةَ الثقافة,.
وهذه مسؤولية كبرى تُناط ليس فقط بأبناء الرياض من مواطنين ومقيمين وزوار، بل تُناط بكل فرد ينتمي بهذا الوطن، إلى هذا الوطن، لهذا الوطن، ومن ثمَّ لهذه المدينة العاصمة التي تختصر كل بقاع الوطن,,.
والرياض حين تكون عاصمة الثقافة، فإن أول طبق تقدمه لضيوفها ليس قوالب الشوكولاته، ولا أصابع العروس، ولا باقات الورد، ولا مقاعد الخيزران، ولا سُمُطَ اللحوم، ولا بُسُطَ الحرير، وإنما الفكر المبني على أسس، أولها يؤكد رسوخ هذا الاختيار في واقع ثقافي وحضاري ملموس، وواضح، وجليّ، وقائم، وثانيها يُجلىّ عن وجهها الثقافي والحضاري في مناحي الحضارة العمرانية، والفكرية، والعلمية، والاقتصادية، والاجتماعية، بدءاً برجل المرور في هيئته الخارجية وفي سلوكه التعامليّ، وفي أدائه العملي، حتى عامل النظافة في أثره في شوارع تخلو من البقايا وتتزيَّا من انبساطها إلى انحدارها إلى الزوايا بنظافة تامة، مشرقة مضيئة، إلى سائق العربة على اختلاف صفاته، واختلاف ألوان وماركات وأنواع سياراته في التزامه بقواعد السير، واحترامه لمقود العربة، وتقديره لظروف الشارع وإشاراته، وتمثله الأسلوب الراقي في التعامل مع أنظمة القيادة في كل الأوقات، ما يخص منها داخل العربة، أو خارجها، ما يتعلق به أو بغيره,,، فالاقتصادي، والمعلم، والطالب، والإذاعي، ورجل الأعمال,,, حتى المهندس المعماري الذي أشرف على الأبنية أو خطط لها,,، حتى رجل البيت أو صاحب العمارة أو صاحب المحل التجاري فإنهم جميعهم مسؤولون عن كل ما يتعلق بالأداء وبالسلوك اللذين بهما تتحقق مضامين أعمالهم وأشكالها بدءاً ووصولاً إلى نظافة القوالب الخارجية سواء نظافة الأبنية، أو تحديث ألوانها، أو صيانة اللوحات فوق سطوحها وجدرانها أو حتى إصلاح ما استهلك منها كي تبدو المدينة في حُلتِها بهيةً جليةً، تمثل الوجه الحضاري للوطن، فالثقافة هي الوجه الأول لمضمون الداخل.
والرياض حين تكون عاصمة الثقافة، فإن ثاني الأطباق التي تقدمها المناشط العلمية فيها والثقافية، والترفيهية، يعمل لها المربون من معلمين، وأساتذة مختصين، والمفكرون، ومسؤولو النشر، والإعلاميون، ومسؤولو الأنشطة الاجتماعية في الجامعات، والمؤسسات، ورعاية الشباب، والنوادي، ودور النشر، والصحافة، والإذاعة، والتلفاز,,، بل حتى المشرفين على مواقع الترفيه كالملاهي، ولا يخرج عن هؤلاء أصحاب المحال التجارية وبخاصة المكتباتُ، ودورُ النشر، إذ يُتَوقع أن تُكَثَّف خلال عام الفين الأنشطة الثقافية، والأدبية، والعلمية، فينظم النشر وتتسع دائرتُه، وتُشجع المناشطُ الفكرية من محاضرات وندواتٍ ومعارضَ، وعروضٍ مسرحيةٍ، وزياراتٍ للمتاحف، والآثار، والجامعات، والمكتبات، ويتم في هذا الأمر إقامة أنشطة مناسبة.
كما يُتوقّع أن تحتفي الرياض بزوار نخبة من مثقفي العالم تُقَدَّم لهم هذه الأنشطة، ويُتاح لهم الوقوف على حضارة المدينة العاصمة للثقافة كي تكون أمامهم كالعروس في أبهى حللها، نظيفة، مرتبة، ثرية، مثقفة، متعلمة، نشطة، منظمة، دؤوبة، حريصة على أن تكون أنموذجاً للنظام في كل شيء، وللتفاعل مع متغيرات العالم، قريبة من تراثها، آخذة من عصرها، متفاعلة مع واقعها,.
وهذا لا يتحقق ما لم يبدأ العمل المنظم الدؤوب لهذا الغرض,,.
الرياض عام ألفين تكون عاصمةَ الثقافةِ.
والعام هو ثلاثمئة وخمسة وستون يوماً,.
ألا يكون التفكير في أن يُقَدَّم في كل يوم من هذه الأيام نشاط ثقافي مدروس ومرتب، كي يؤهل الاختيار لها تأهيلاً اجرائياً؟.
ولأن مثل هذا التفكير لا شك يراود الكل,, فإن بدءً في وضع هذه الأنشطة موضع التنفيذ لا بد أن يتحقق.
على أمل أن يركز على الجوانب الثقافية، وإقامة المعارض لها، ووضع البرامج الشاملة لهذه الجوانب موضع التفكير والتنفيذ,,.
لأنها الفرصة لهذه المدينة أن تستقطب وتلتحم بكل ما يؤكد عصمتها ليس فقط للثقافة وإنما للحضارة الواعية في حداثة متغيراتها الإيجابية وفي أصالة ثوابتها,,.
ولا سيما أنها عاصمة الدولة الأم للفكر الإسلامي، وللثقافة القائمة على جذوره التي لا تُقَوّض أبداً أمام التيارات المختلفة.
فالوجه الذي نحلم أن تكون عليه هذه العاصمة ثقافياً هو أن توسم بعاصمة الأصالة والثوابت الفكرية مع الحداثة المناسبة لعصرها كي تكون عاصمة الحضارة الأصيلة على الدوام.
|
|
|