Friday 3rd December, 1999 G No. 9927جريدة الجزيرة الجمعة 25 ,شعبان 1420 العدد 9927


ضحى الغد
فاطمة وهموم الوديعة!
عبدالكريم بن صالح الطويان

*(فاطمة) امرأة انتصفت بها رحلة العمر، انفصل عنها زوجها وترك لها مجموعة من الأبناء انقطعت لهم في منزل مستأجر وحياة لا مورد فيها! هي صادقة بريئة لاتتقن حيل بعض المتسولين العصريين الذين يقفون على كل باب، ويطأون كل محفل، ويصنعون لك ألوانا من القصص المأساوي الذي يستجلبون به عطفك، ويطلبون به عونك! هي لاتحسن هذا التصنيف فبيئتها الريفية لاتعرف شيئا سوى الصدق والنقاء، طبيعة ريفية على فطرتها وبداهتها الأولى!
لفاطمة هذه خبر غريب لايكاد يُصدق، ولولا أنها بعثت لي بالمستندات التي تُؤكد صحة وقوع الخبر لما صدقتها!
تحكي فاطمة مأساتها فتقول: أنا امرأة كبيرة في السن مسؤولة عن عدد من الأبناء الذين أستأجر لهم منزلاً وأُنفق عليهم، وقد وضعت عندي امرأة من معارفي مبلغ اربعمائة الف ريال على سبيل الامانة والوديعة، فحفظته عندي في منزلي، ولقد تسلل إلى حجراته في جنح الليل سارق سرق هذه الوديعة بكاملها! ولقد أصابني هم لايعلمه إلا الله، وهاجمتني العلل والأمراض! ولقد اجتمع عليَّ همان هم نفقة الأولاد وهم هذه الوديعة المفقودة التي لا أعرف كيف أصارح صاحبتها بفقدها وهي عجوز مريضة قد يقضي عليها الخبر المؤلم! فلقد طويت عنها الخبر بعد أن بلَّغت الجهات المسؤولة التي وقفت على منزلي وحققت في الدعوى دون التوصل إلى الفاعل حتى الآن!
خبر (فاطمة) غريب، فكيف تحتفظ بهذه الامانة الكبيرة في منزلها، وهو مبلغ مكانه البنك! ولكنها تؤكد أن من عجائز البلدة التي تعيش بها من يحتفظن بدراهمهن وقد يضعنهن امانة عند من يثقن به وأن قيام تلك العجوز بتوديعها المبلغ المذكور هو تصرف يقع أحيانا بين نساء البلدة، وأنها ابتليت بهذا المبلغ الذي سُرق منها بلاء كبيراً!
(فاطمة) لا تشكو حالها إلا على الله،وهي تتوجه إلى اهل الخير والبر والإحسان مع اقتراب شهر الخير والصدقة، أن يجودوا عليها بما تقدمه أنفسهم من زكاة وصدقة، لكي تنفق على اسرتها الكبيرة التي تعولها، وهي على استعداد لأن تُرسل المستندات التي تُؤكد صحة الواقعة التي حدثت لها! كما تؤكد على فقرها ومسكنتها وحاجتها إلى الزكاة والصدقة لإعاشة نفسها وأبنائها! ونحن على يقين أن في مجتمعنا من أهل الخير والمعروف من لايتردد في إغاثة الملهوف ومعونة العاجز، ومساعدة صاحب الفقر والمسكنة، طمعا بثواب الله ورجاء ما عنده، وأملاً بعفوه وعافيته وصدق الله العظيم :(فأما من أعطى واتقى وصدّق بالحسنى، فسنيسره لليسرى) سورة الليل.
إنها لحكاية غريبة، ولكن ما أكثر غرائب الحياة! وما أشد نكباتها ومصائبها! والمؤمن مطلوب منه أن يصبر ويحتسب ويضع ثقته بالله فهو القادر سبحانه على تفريج همه وفك كربته، وليعلم المؤمن أنه قليل بنفسه كثير بإخوانه، ومتى صدق مع الله ثم مع نفسه فسيبعث الله له ناصراً وكافلاً ومُعينا من حيث لايحتسب ولايدري!
إن مجتمعنا بخير يسوده العطف والتكافل ينصر الضعيف ويرحم الصغير ويُوقر الكبير، وإن نشر خبر فاطمة لمما يُتيح لصاحب الخير أن يعرفه ويعلم به فيسارع إلى الصدقة، بعد أن يتحقق حق التحقق من صحة الخبر في زمن كثر فيه الصانعون للأخبار الملفقة التي لا تثبت عند التمحيص والتبين!
رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

الثقافية

المتابعة

أفاق اسلامية

ملحق الميدان

لقاء

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

شرفات

العالم اليوم

تراث الجزيرة

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved