Thursday 2nd December, 1999 G No. 9926جريدة الجزيرة الخميس 24 ,شعبان 1420 العدد 9926


لما هو آتٍ
لكِ وحدكِ
د,خيرية إبراهيم السقاف

هذا المساء يتزيَّا بكِ,.
حين جئتِ، كان كلُّ شيءٍ يصمتُ، فنطقَ,,.
وحين ذهبتِ، لم يصمت الناطق، بل نطق ما ظلَّ صامتاً في حضوركِ,.
أنتِ قدرةٌ على تفجير كوامن الذي لا يكون,.
وأنتِ عبقرية في صنع ما لا يكون,,,،
حتى الوردة قالت عنكِ,, وقالت عنك الشموع,,،
تذكرين، حين أخذتِ الورقة والقلم,,، وخططتِ شيئاً من الكلام، ماذا قال عنكِ الكلام؟!.
أريكة العطور تلك التي نقشتِها زاوية زاوية، ونثرتِ فيها حروفكِ واحداً واحداً، ألم تمنحكِ نشوة الانتصار,,، وأنت تحسبين أنكِ لا تتطاولين عنق الجملةِ ولا مشارف الكلام؟!
لله ما أجمل صمتكِ حين تتحدثين,.
ولله ما أجمل حديثكِ حين تصمتين,.
قالت لك الفراشة: وأنتِ تضعين لمسة العطر فوق الزهرة، لا تنسي انك تلقمينني الرحيق,,، لكنكِ كنتِ الرحيق لكل الفراشات، ليس فوق الزهور فقط، وإنما في انتشار العبق الذي تتركينه فوق سطوح الاشياء,.
قال لكِ الكلام: أنتِ سيدة الحروف، وحين تهدأين لا تنطقين، ترقص في داخلي كل الحروف، وتتحول اللوحة إلى نوتة تتناغم فيها الطيور,, ويتباهى فيها القول,, الكلام يخجل في حضوركِ، والحضور يحتضر في حضوركِ، تكونين كلَّ الذي ينطق,,، اللون والصوت، والصورة، و,,,كل شيء,,.
هذه النسمة التي احتُجِزَت حين جئتِ عند مشارف قدميكِ، ذكرتُ بأنها لم تكن إلا نَفَسَكِ حين زفرتِ,, فكانت شلال عطر سقط عند هذا الحد منكِ، ولم تقوَ على الانتشار,, لأنها معكِ ليست أثيرية,,.
قلتِ: إن الماء، والرُّواء، والدواء، نماء,, نماء,, وتعلمين أنكِ تروين في عبورك منابع الماء، وتثمرين كالدواء,.
ذلك المساء والصباح,.
كنتِ الصباح والمساء,.
وتجلَّل في حضوركِ الزمن حتى استحال إلى إيقاع نغمة حين تكونين,.
أمَّا المكان فقد تجلَّل حتى استحال إلى كل مكان,.
فأنتِ تعمِّرين كل الذي تعبرين،,,, وتختصرين الزمن حيث تكونين,,.
تلك الفرحة اليتيمة التي أهديتها لعيون الزمن، ومسحتِ بها على وجه المكان,,, ظلّت بارقةً ينبض بها الزمان والمكان,,.
لم تذهبي حيت جئتِ، ولم تجيئي حين ذهبتِ,,.
أنتِ مزيج بين المكان والزمان,,.
أنتِ,, كنتِ ولا تزالين,, ترسمين للعصفور درب المكان، وتمنحينه عمق الزمان
ذلك المساء الذي غادرتُكِ فيه,.
لم تغادريني,,.
ذهبتِ مني,, وعدتِ إليَّ في صباحٍ تلاه,.
وكنتِ إليَّ بين المساءِ والصباح,.
كان ذلك الصباح بهيّاً,, والكون كله كالعيد,.
سمعتكِ وأنتِ تقولين,,,:
لا ينتهي البدء,,,، وكل شيء يستقر في قاعه,.
تدركين أن القاع هو العمق الذي يحتوي الصمت والنطق، والصوت والضوء، والهواء والماء وكل الذي ينفذ,, دون أن يحتجزه شيء,,.
هذا الصباح يتزيَّا بكِ,,.
وكل صباح هو كل الزمان,, في أي مكان.
وأنتِ ترسمين لون الضوء في كلِّ المذاقات,,، وأنتِ نور المذاقاتِ عند ارتعاشة الأضواء,.
جلِّليني في غيابكِ بحضوركِ,.
وأمنحيني حضوركِ كي أكون.
فأنتِ الحضور,,
وأنت النور.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved