التحقيق العلمي ودوره في تجلية حقائق البحث عبدالله بن حمد الحقيل |
ان من يلقي نظرة على مراكز البحث والوثائق والمخطوطات لا يسعه الا ان يلاحظ ان هناك وعيا وتطورا ظاهرا في هذا المجال.
وان الأمة العربية بحاجة الى احياء معارفها وعلومها الدفينة في المتاحف والمكتبات وبطون المخطوطات، وتراث الأمة يجسد قيم الأمة ومثلها السامية وشخصيتها الثقافية وهويتها الحضارية,, ليظل منهلا لكل باحث.
ومن اجل هذا كان الاهتمام بالمخطوطات العربية المتناثرة في مختلف متاحف ومكتبات العالم ومازالت مراكز البحث العلمي والجامعات والمؤسسات الثقافية ودور النشر وغيرها تحرص على السعي في هذا المجال وتشجيع العمل على تحقيق التراث وايجاد جيل مؤهل من المحققين ودفعهم الى الاهتمام بقضايا التراث وحفزهم للبحث والتحقيق والنشر.
لقد افتقدنا عددا من العلماء الاعلام الذين كان لهم دور وتأثير وفاعلية في ميدان تحقيق التراث, وكانت لهم جولات وصولات في عالم الأدب واللغة والتحقيق، فقد خدم هؤلاء التراث العربي الاسلامي خدمة جليلة وحققوا الكتب ونشروا المخطوطات وهي اعمال تحتاج الى الصبر والجلد والمثابرة والتضحية والرسوخ في العمل والمعرفة والافق الواسع والدراية الشاملة والتواصل مع التراث والمعرفة.
والتحقيق كما هو معروف يحتاج الى منهج علمي صحيح وجهد ودراية بمجالات اخرى من المعرفة اذ ان عملية تحقيق كتب التراث ليست بالامر السهل الهين كما قد يتصور البعض فهي جهد وصبر وعمق في البحث والدقة والمثابرة والمقابلة والقراءة المتواصلة والبحث المستمر في تاريخ المخطوط او الوثيقة وتحقيق النصوص وشرحها وجميع الروايات المتعددة والمقابلة والمعارضة بينها وترجيح نص على آخر ببراهين واضحة وبحث علمي واضح ووضع الهوامش إلى غير ذلك وهو عمل وجهد عظيم لا يقوى عليه الا خبير متمرس ملم باللغة وآدابها ومتعمق في التراث.
وكم نحن في حاجة إلى جيل جديد من المحققين والباحثين وتخصيص الحوافز المادية والمعنوية لتشجيع ذلك مع الاستفادة من التقنية الحديثة التي تعين على البحث والتحقيق ,, نحو استكشاف آفاق جديدة او القاء الضوء على ظاهرة مستترة محجبة او تحليل ذي عمق، والتحقيق العلمي لناحية حيوية وموضوعية اذ يهتم المحقق بالتوثيق والتوضيح وتجلية حقائق البحث وجمع شتات الموضوع ومقابلة النصوص وتصحيحها وتوثيقها وتحليلها وتخريج الشواهد الشعرية والتعليق على ما يحتاج الى تعليق مع ضبط النصوص والاهتمام بالحواشي والهوامش والترجمة للاعلام الواردة في المخطوط ووضع الفهارس المتنوعة التي تضيء للباحث والقارئ دروب الكتاب.
|
|
|