Wednesday 1st December, 1999 G No. 9924جريدة الجزيرة الاربعاء 23 ,شعبان 1420 العدد 9924


منعطفات
وجعلنا النهار معاشا
د.فهد سعود اليحيا

قرأت منذ عدة أشهر مقالة لعلها في صحيفة الحياة عن الأوضاع الاقتصادية السعودية, وضمنها فقرة تفيد بأن نقاشاً كان يدور حول تطبيق فترة العمل الواحدة يومياً أو الاستمرار في النظام الحالي حيث يقسم يوم عمل القطاع الخاص إلى فترتين صباحية ومسائية, ولا أدري أين كان يدور النقاش فلم يكن المجلس الاقتصادي الأعلى قد ظهر بعد ولكني شخصياً فرحت بأن هذا الأمر يناقش في جهة ما فقد كنت أظن أنني آتي أمراً عجبا عندما كنت أفكر بهذا الأمر أو أتحدث عنه في السنوات الخوالي، ولكني أطرحه الآن أمام القارئ العزيز وأمام المجلس الاقتصادي الأعلى, وبالمناسبة في داخلي تفاؤل عميق مبهم بهذا المجلس, ولا تفسير لهذا التفاؤل إلا ما يعرف بالانجليزية الدارجة بالGut Feeling ، ويعني هذا المصطلح الحدس أو المشاعر التي تظهر مباشرة عند مواجهة موقف جديد أو فكرة طارئة .
في زعمي ان نظام فترة العمل الواحدة في معظم قطاعات العمل يصب مباشرة في المصلحة العامة وأنه أكثر جدوى للمجتمع والاقتصاد وأقرب إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص, وقبل أن أبسط أسبابي أؤكد على أن كلا الرأيين المؤيد والمعارض لا يخلو من حجج وجيهة بلا شك, وأن الأمر بحاجة إلى تدقيق وتمحيص من كل جوانبه.
على مر الدهور وحتى اختراع الكهرباء كان الانسان يعمل في النهار ويستريح في الليل, وفي القرآن الكريم وجعلنا الليل لباساً، وجعلنا النهار معاشاً , وعندما ظهرت الكهرباء حولت الليل إلى شبيه بالنهار ولكن الدول المتقدمة صناعياً وسياسياً واقتصادياً من اليابان شرقاً إلى أمريكا غربا جعلت النهار للعمل والليل للمناسبات الاجتماعية والمطاعم والمقاهي والترفيه.
وإلى عهد قريب، كان العمل في القرى السعودية يتم نهاراً: الحقل والسوق والمدرسة والعمل الحكومي, أما الليل فللعشاء، والشبة أو الدورية ، ثم النوم, أما الجذعان فقد كانوا يسمرون حتى الثلث الأول من الليل, كان هذا ما يحدث حتى حدث تغيران مهمان: وصول الكهرباء إلى القرى والطفرة.
واقتراحي أن ينتهي العمل الرسمي حكومياً كان أو خاصاً في الخامسة مساءً كحد أقصى ولا بأس ان تتخلله ساعة للغداء, وان تظل الأسواق مفتوحة حتى الثامنة أو التاسعة على أبعد تقدير, وأن تبقى المطاعم والمقاهي والكافتيريات إلى أبعد من ذلك.
على الصعيد الاجتماعي سيتيح هذا النظام وقتاً كافياً ومهماً للقيام بالواجبات الأسرية والاجتماعية وصلة الرحم والترويح عن النفس والترفيه بدلاً من اللهاث والسباق على تحسين الدخل أو الحصول على أكبر قدر من المال.
أما على الصعيد الاقتصادي فسيفتح هذا الأمر المجال أمام توظيف الكثير ويحد من الوتيرة المتزايدة للبطالة, فمن يعمل عملين سيضطر إلى ترك أحدهما ليقوم به غيره, ومن يعمل وفي الوقت نفسه هو رب لعمل آخر سيوظف من يقوم بادارته في حالة غيابه, وفي كل الأحوال سيدفع هذا التغيير باتجاه التوظيف وبمرتبات مجزية لان عدداً كبيراً من المواطنين من موظفي الحكومة يعملون خارج دوام (Part - Time) في القطاع الخاص ولذا يرضون بمرتبات قليلة.
والقانون السعودي يمنع الجمع بين العمل الحكومي والعمل الخاص أو التجاري، ولكن هذا القانون يظل حبراً على الورق فالكثير من الموظفين ابتداءً بالسعاة وانتهاء بكبار المسؤولين يجمعون بين العمل الحكومي والعمل الخاص, ونظام فترة العمل الواحدة سيحد من هذا الأمر ويبقى أمامهم مجال الأسواق والمحلات التجارية وفي هذا فائدة للمواطن والوطن اذ سيؤدي إلى زيادة العرض والتنافس في الحصول على الزبون بتخفيض الأسعار أو تحسين الخدمة أو كليهما.
الغنى والفقر أمران نسبيان وخط الفقر اصطلاحي وما يشقي الناس ليس تحسين الحال طراً، ولكن التسابق على الدنيا, ونظام عمل الفترة الواحدة سيوصد الباب أمام اللهاث العصابي ويحد من التشطير والشطارة من باب بركة منك يا جامع !
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

المتابعة

منوعـات

منوعـات

شعر

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved