عزيزتي الجزيرة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
فلقد اطلعت وبكل اسف وأسى على تلك الآهات التي اطلقها الاستاذ الفاضل سعود بن محمد السعدي المعلم بمدرسة الكرامة الابتدائية بحائل وذلك في العدد (9920) والتي كانت بعنوان (في التعليم فاز من كان سكوتا) وفي الحقيقة لقد آلمتني تلك الآهات وتحسرت على تلك التصرفات!! أهكذا يعامل المجتهدون؟ أهكذا يكافأ الناقدون والباحثون عن المصلحة والفائدة؟ أهذا هو الاسلوب الحضاري في معاملة ذوي الخبرة والنقد؟ فبا لله عليكم متى يعي الناس اهمية النقد؟ ومتى يتعلمون لغة الحوار؟ ومتى يدرسون منهج المناقشة؟ ثم متى يدركون ان النقد والتوجيه وابداء الرأي هو سبيل النجاح وتلافي السلبيات؟ ومتى يعون ويفهمون بأن النقد لا يؤثر على مكانتهم ولا يتنافى مع مراكزهم او يزعزعها؟ واخيرا متى يدركون ان النقد والتوجيه لا يعني بحال من الاحوال الهجوم على اشخاصهم وذواتهم وإنما هو مساهمة في علاج الخلل وتلافي القصور والسلبيات؟ فالحوار لغة الواثقين وعنوان الناجحين كما ان محاربته والخوف منه طريقة الفاشلين وعلامة المتخاذلين والخائفين.
عزيزتي الجزيرة: ان ما سطره يراع الاخ سعود يتكرر في كثير من المدارس والمناطق، وكلامي السابق ليس مقصورا على القضية الآنفة الذكر وإنما هو شامل لكل من يحارب النقد ويخشى من المناقشة والحوار سواء أكان مديرا ام مشرفا، وذلك ان مشكلتنا في الوسط التعليمي والتربوي هي في وجود بعض المشرفين وبعض مديري المدارس الذين لا يعون ابعاد عملهم جيدا ولا يفقهون في اسلوب الاشراف والادارة شيئا، ويسيرون بخطى حثيثة في الاتجاه المعاكس، والامر والادهى انهم يرون انهم على حق وصواب والويل كل الويل لمن يقف في طريقهم او يحاول مناقشتهم، لانه سيتحول وبقدرة قادر الى صاحب مشاكل، ومتزمت وغيرها من الالفاظ الانتقاصية!! ونظرا لأهمية هذه المسألة ودورها في تفعيل العمليتين التعليمية والتربوية آثرت ان اهمس عبر عزيزتي الجزيرة ببعض الهمسات علها تجد الآذان المصغية والقلوب الواعية.
1 يجب على الجميع ان يعرفوا أهمية النقد وضرورته,, وان يتعاملوا معه باسلوب حضاري لان النقد بناء لا هدم واصلاح لا افساد وهو سبيل من يقصد النجاح ويسعى الى الكمال لذا فعلى المشرف والمدير والمعلم ان يُصغوا بكل احاسيسهم لكل من يحاورهم ويناقشهم وان يتقبلوا نقده بصدر رحب ولا يحملوه على محمل سيىء قال ابن عباس رضي الله عنهما: لجليسي عليّ ثلاث: أن أرميه بطرفي اذا اقبل، وان اوسع له في المجلس إذا جلس، وان اصغي اليه اذا تحدث .
2 المشرف والمدير والمعلم والمرشد ركائز اساسية في العملية التعليمية والتربوية وهم يعملون في خندق واحد، ويسعون لهدف واحد ألا وهو تعليم الطالب وتربيته، فإذا عرف كل واحد منهم دوره وسعى لتحقيق الآمال المعلقة عليه وقام بعمله على اكمل وجه، فلن يكون للملامة والاختلاف والمشاكل مكان في مدارسنا، اما إن سار كل واحد منهم في طريق مخالف للآخر ومضاد له فستكثر المشاكل والاختلافات والضحية هم الطلاب الذين يعتبرون لب العملية التعليمية والتربوية وما وجد اولئك في الميدان إلا لأجلهم!!
3 يجب على كل مشرف ومدير مدرسة ان يعلم ان وجوده على كرسي الاشراف او الادارة لا يعني بكل حال انه افضل من غيره، لان مدارسنا ولله الحمد مليئة بأصحاب الخبرة والباع الطويل والرأي السديد، وما وجود اولئك على كراسي الادارة والاشراف الا لتسيير العمل ومتابعته، لذا فعل كل واحد منهم ان يتعامل مع المعلمين على هذا الاساس، بعيدا عن الفوقية والفهم القاصر لادوارهم ويتمثل ذلك باستبداد البعض منهم برأيه وتفسيره للنقد والنصح والتوجيه بأنه تجاوز للحدود وتدخل فيما لا يعني!!.
4 رسالة المعلم الخالدة وهدفه الاسمى يلزمانه بابداء الرأي والنصح والتوجيه والسعي الكامل لازالة كل العراقيل التي تعترض العملية التعليمية والتربوية، واما السكوت والاكتفاء بالعبارات الجوفاء (سم وأبشر وامرك ونعم وحاضر) كما ذكر الاخ سعود فان هذا يعرقل التربية والتعليم ويضاعف من السلبيات، لان المعلم هو المحور المحرك للعملية التعليمية والتربوية وهو اقرب الناس لمعرفة الايجابيات والسلبيات، فإذا سكت عن هذه الاشياء وطبق التعليمات المطلوبة دون ابداء الرأي فيما يحتاج لذلك فقد قصّر في حق طلابه وساهم بتقهقر التربية والتعليم في بلاده، وإنني ومن هذا المنبر الهام أوجه نداء حارا للاخ سعود السعدي حينما قال: (ليطمئن قلبك ايها الموجه فلن اطرح عليك بعد اليوم سؤالا ولن أناقش معك قضية,,, الى ان قال نصيحة لكل المعلمين تعلموا لغة السكوت وعلقوا حكمة السكوت من ذهب على جدران فصولكم لتنعموا بأداء رسالتكم دون تهديد بنقل او وعيد بفصل,, الخ),واتمنى منه فيه ان يتراجع عن قراره ذلك وان يصبر على كل ما يلاقيه من تهديد ووعيد ما دام انه مؤمن برسالته ومقتنع بآرائه,, وليتعلم أخي العزيز أننا ان فعلنا ذلك جميعا فسنساهم بتأخر التربية والتعليم ويؤلمنا يا أخانا العزيز كما يؤلمك طغيان اليأس على الامل والاحباط على التفاؤل والصمت على البوح والكلام، ولكن بصبرنا وحبنا لديننا وبلدنا وأبنائنا وبتكاتفنا سنحطم هذا اليأس ونكسّر حواجز الاحباط ومن ثم نعلنها مدوية وسيعلنها معنا كل اقطاب التعليم (مرحبا بالنقد واهلا بالرأي والتوجيه) وهذا ليس على الله تعالى ببعيد ولا عزيز,5 أتمنى ألا يفهم البعض من كلامي السابق أنني اعمّم ما سبق على كل مشرف ومدير، لا يا احبتي في الله فالكلام الآنف موجه لطائفة منهم فقط لان في مملكتنا الغالية شريحة كبرى من المشرفين والمديرين يتمتعون بصفات حميدة وخلق رائع وتعامل حسن وإلمام كامل بالادوار المطلوبة منهم ورأي حصيف وادب جم وتقبل للرأي والتوجيه ودراسة للاقتراح، والتنبيه فلكل واحد من هؤلاء الدعاء بالتوفيق والاجر والثواب، سائلين المولى عز وجل ان يكثر من امثالهم انه سميع مجيب والله الموفق والهادي الى سواء السبيل.