المتابعة العالية والتثمين الكبير اللذان حظيت بهما كلمة خادم الحرمين الشريفين في الجلسة الافتتاحية لقمة مجلس التعاون بالرياض,, جاءا نتاجاً لما لامسه الملك فهد يحفظه الله من مكامن مهمة في الجسد الخليجي,, تحدد بجلاء ما هو مطلوب ليكون هذا الجسد,, قوياً صحيحاً معافى قادراً على مواصلة المسيرة الظافرة بكل توفيق ونجاح.
فمنطقة الخليج بموقعها وثرواتها تشكل رقعة جغرافية استراتيجية لكل العالم، والدول الخليجية أصبحت الآن بفضل الله، ثم بجهود قادتها الميامين رقماً مهماً في معادلة السلام والأمن والاقتصاد على صعيد العالم كله,, وهذا بقدر توفيره وضعاً متميزاً لهذه الدول,, بقدر ما يفرض تحديات واقعية لابد ان تتصدى المنطقة لها,, لتظل عجلة النماء والازدهار في دورانها لخير المنطقة والعالم.
لقد أكد خادم الحرمين الشريفين في خطابه المباشر والصريح,, ضرورة تحقيق وحدة عسكرية شاملة لمنطقتنا الخليجية,, لكي لا يبقى أمن دولنا وشعوبنا رهن الأهواء والمصالح الدولية,, وهذا وضع لا نرضاه لدولنا وشعوبنا .
والوحدة العسكرية التي أكد عليها المليك القائد,, ستشكل الذراع القادرة بحول الله على حماية كل مكتسبات المواطن الخليجي والتي تحققت عبر تضحيات كبرى وإنفاقات ضخمة,, أحالت واقع الحياة الى شكلها العصري الزاهر,, ونقلت المنطقة كلها الى آفاق الحضارة والنماء والازدهار في أجلى صورها الحديثة.
هذه الذراع العسكرية,, التي يمكن أن تنشأ عبر وحدة عسكرية شاملة لمنطقتنا الخليجية,, أصبحت ضرورة,, في ظل أوضاع دولية تتحكم فيها لغة المصالح,, ومفاهيم الأهواء، مما يجعل التفريط في أمن المكتسبات مجازفة كبرى,, ويحتم أن تتوفر الحماية اللازمة التي تردع كل باغٍ,, وتلجم كل جامح,, يريد بأهل الخليج وأرضهم وثرواتهم ومكتسباتهم الشر والعدوان.
كما أن الاقتصاد لغة العصر وأسلوبه كان حاضراً بشكل صريح ومباشر في كلمة خادم الحرمين الشريفين أمام قمة الخليج، حيث أشار يحفظه الله الى العولمة,, مبدياً رؤية واقعية وحكيمة وعميقة، بأنه لا يمكن التعامل مع القوى العملاقة إلا بكيان خليجي اقتصادي واحد,, يتبعه بإذن الله كيان عربي اقتصادي واحد,, مؤكداً أيده الله أن العوائق التي تحول دون قيام وحدة اقتصادية خليجية لا تستعصي على الارادة السياسية للتغلب عليها.
إنها الرؤية العميقة التي تتسم بها قيادتنا الحكيمة,, تكشف المكامن التي يجب الاهتمام بها في الكيان الخليجي,, وتضيء الطريق أمام مجلس التعاون ليكون في خدمة المنطقة,, بكل المقومات المطلوبة لأداء مهامه الجسام.