من مدارات الدبلوماسية إلى ساحات المصارحة هذا هو المطلوب من مجلس التعاون,. محمد بن ناصر الياسر الأسمري |
على خطى خادم الحرمين الشريفين قاد سمو الأمير عبد الله بن عبد العزيز نيابة عن خادم الحرمين الشريفين العام الماضي في قمة قادة دول مجلس التعاون التاسعة عشرة في ابو ظبي توجهاً سياسياً سعودياً من الدبلوماسية الى الصراحة والمكاشفة ازاء رؤية القيادة السياسية في المملكة حول ما يدور في اطار المجلس وما يحدث في العالم الواسع من تحولات,, وذلك من خلال أمل أبناء المملكة في تبادل الرأي واعمال المشورة التي تقود الى سياسات مشتركة لمواجهة التحديات.
ويأتي انعقاد القمة ال20 في الرياض عاصمة الشقيقة الكبرى لبلدان الخليج العربي والملك فهد مضيفاً وقائداً له من المكانة والثقل السياسي والاجتماعي دولياً ما يعزز استمرارية التوجه السياسي السعودي,, شعبياً ورسمياً في مواصلة طرح النهج الذي ابرزه ولي العهد نيابة عن خادم الحرمين الشريفين في خطابه السياسي محلياً وعالمياً خلال هذا العام,, الذي يتمحور حول اهمية الاقتصاد وحرية الحركة في التجارة,, والانفتاح على العالم,, بنهج علمي,, يقوم على استثمار الفرص وقيام تكتلات المصالح,, بما يدعم حركة الاقتصاد في التكتل الوطني وفي دول مجلس التعاون,, ولعل في المسار السياسي السعودي,, خلال الأشهر الماضية ما يؤكد قوة الطرح والرغبة في استثمار كل مجالات النفع,, ولعل قيام المجلس الاقتصادي الأعلى وتسارع تحديث الأنظمة وأسلوب الادارة التجارية,, الخصخصة خير دليل على التحول من الفكر الاداري النمطي الى منهجية علمية,, تبحث عن الجودة والانتاج,, وخلق فرص المساواة لتوزيع الثروة البشرية أولاً ثم المالية على ارجاء الوطن.
قدر الشقيق الاكبر المملكة دائماً أنه حمَّال الهموم، والمدافع عن مصالح الاخوة، الملتزم امام الجمع في مواجهة الاخطار,, واللوم والعتب, والمملكة كان قدرها انها الشقيقة الكبرى للكيانات العربية على شاطىء الخليج العربي، فهي العمق الاستراتيجي سياسياً وأمنياً واقتصادياً واجتماعياً وفكرياً ومرجعية في أرومة المنابت والأصول, ومن واقع مسؤوليتها التاريخية والأخلاقية فانها شعباً وقيادة ترعى وتبارك جل الاجتهادات والتوجهات التي ترسخ روح الوحدة والاتحاد.
ولعل خير دليل ومثال للدعم والرعاية الشعبية والرسمية لقيام اتحاد دولة الامارات العربية المتحدة بعيد الاستقلال في هذا الكيان العروبي الجميل الامارات الذي تفتحت فيه آفاق فكرية خلاقة وسلوكية جذابة من خلال روح المسؤولية التاريخية للأسر الحاكمة التي تقابلت مع روح عصر الانفتاح والتكتل منذ وقت مبكر فكان اتحاد الامارات العربية المتحدة في كيان دولة افسحت للتفكير في الرخاء والعمل التنموي مجالات اكثر من اي شأن آخر من الشعارات الجوفاء والتناحر والفُرقة.
ولعل تجربة المملكة الوحدوية لم تغب عن فكر الاهل والعشيرة في الإمارات .
كل هذا دون شك مصدر فرح واطمئنان للمملكة ان ترى ان كل نجاح مكسب وعون,, وتأكيد لثبات وقوة تجربتها الاتحادية لجل اراضي شبه الجزيرة العربية في كيان سياسي واحد لأول مرة منذ مائة عام ونيف,, له من الثقل الوزن الكبير في المحافل الدولية.
ولكم كان الإيثار جميلاً عندما تساوت الشقيقة الكبرى مع بقية الشقيقات في ان يكون لها نفس النسبة في اعضاء المجلس الاستشاري خمسة أعضاء في الوقت الذي لا مجال فيه للمقارنة بعدد السكان مع الشقيقات الخمس وكذا الحال في التسمية لاتحاد المجلس عند النظر الى مساحة الجغرافيا والتاريخ.
ولعل التفاؤل يقودنا بعد عقدين من الزمان في عمر المجلس ان نكرر المطالب الشعبية الى القادة في قمة الرياض في استلهام فكرة ومنطق قيام اتحاد دولة الامارات العربية المتحدة كنواة لقيام تكتل اقتصادي من الماء الى الماء اكثر فاعلية للافادة من الموقع الاستراتيجي والسلع الاستراتيجية,, والغاء التنافس المضر في الأغراق بالمنتجات الأجنبية على حساب المنتجات الوطنية,, ولعل هذا يقودنا كمراقبين للعودة الى جزئية من خطاب سمو الأمير عبد الله في قمة ابو ظبي الفائتة حين قال: نحن لا نستطيع ان نعيش بمعزل عن العالم الذي يواجه في مرحلته الراهنة تياراً قوياً عارماً هو تيار العولمة الذي ينادي بفتح الحدود وازالة العوائق امام حركة البشر والافكار والرساميل والبضائع لعله من الجدير ان يكون بدء طرحها في الواقع المعيش في الشقيقة الكبرى المملكة واخواتها الناشطات في مجالات الاستثمار والتسويق والتصنيع في مجالات الغاز والبتروكيماويات على وجه الخصوص وكذا النفط، فلم يعد الخوف من محاربة السوق الأوروبية وتعاملها العنصري ضد هذا المنتج الثروة، بل الخوف هو بروز اسواق جديدة لانتاج النفط والغاز في دول آسيا التي خرجت من قمقم ومغارات الاتحاد السوفيتي الراحل، وما اللعبة في افغانستان والشيشان ومحاولات فرض الحصار على باكستان وتدمير الكيانات في بلدان جزر الهند الصينية الا احد الحبائل التي تحيكها نظم العولمة الجديدة من اجل مد انابيب النفط من آسيا وايجاد آليات تسويقية وسياسية لتركيع دول الاوبك التي قادتها المملكة كشقيقة كبرى في الجزيرة العربية وبلدان الخليج وكخبير ذاهمة في مجالات هندسة الفكر والادارة في شأن النفط وشجونه.
فالمسؤولية الاجتماعية التي وجدت المملكة نفسها حاملة لها امام العالم فرضت عليها الحفاظ على سقف معين للانتاج والاسعار حماية لمصالح الأمم التي تستهلك الطاقة رغم ما في هذا من حصار للاقتصاد السعودي، ولعل ما يؤكد هذا ما قاله الأمير عبد الله بن عبد العزيز في القمة الماضية ونحن نرى مصدر دخلنا الاساسي يتعرض لهذه الهزة الكبيرة نتيجة الخلل الذي طرأ على التوازن المطلوب في سوق النفط وهذا يستدعي منا جاهدين السعي داخل منظمة اوبك وخارجها لاعادة التوازن الى السوق وانه بالرغم مما قمنا به من اجراءات جدية في هذا المجال فان علينا الا نتردد في اتخاذ اي اجراء آخر تتطلبه المصلحة اذا لم تؤد هذه الاجراءات الى نتيجة .
ولعلنا نستعيد بعض الأماني التي راودت القادة الى اشتداد عود روح التعاون في المجلس,, ونضعها هنا كمطالب شعبية.
ان القوة الشرائية في الشقيقة الكبرى يمكنها ن توفر كثيراً على الشقيقات الخمس في مجالات شراء الاسلحة,, وتأسيس البنى التحتية بل حتى في المواد الغذائية ولعل في قيام منظومة متجانسة ومركز موحد للتحكم والسيطرة عسكرياً وتجارياً ما يساعد على خلق روح من الطمأنينة.
ويبدو من التصريحات في الايام الماضية ان مسألة الاتحاد الجمركي قد اخذ طريقه الى جدول اعمال القمة,, ولا نخاله يغيب عن البال,, المساحة الكبيرة من الموانىء البرية والبحرية والجوية في الشقيقة الكبرى وما يمكن ان تقدمه لبقية الأخوات من دعم وعون ورعاية.
لكن مسألة تسريع تسهيل عمليات التبادل المصرفي من اهم ما يتطلع اليه,, ولعله من الملفت للنظر وبعد مضي قرابة ربع قرن من قيام هذا الكيان الا توجد فروع للمصارف القائمة فلا العماني يستطيع تحويل نقوده الى انسابه في جدة او نجران ولا الكويتي يستطيع هذا مع عمومته في القويعية ولا القطري ولا البحريني يمكنه فعل الشيء للأخوال وبني العم في وادي الدواسر او بيشة والسراة في الوقت الذي يستطيع استخدام بطاقة الصراف الآلي في لندن او باريس!!.
ان جسر البحرين مثال ممتاز في استخدام العملات النقدية رسوماً للعبور,, والتبادل,, فالسعودي يدفع 20 ريالاً سعودياً او قطرياً او دينارين كويتيين/ بحرينيين او رياليين عمانيين,, نريد ان نرى في القريب العاجل الدينار العربي وبطاقة الائتمان العربية والشيكات السياحية قد صدرت من جهاز مصرفي واحد,, ليكون لنا في عالم المال والاعمال مكان ومقام, نريد تفعيل التواصل الفكري مع الأمم والشعوب بشكل يظهرنا أننا اصل واحد,, لا سيما وان لا اختلافات عندنا في كثير من الشأن الاجتماعي والسلوكي.
نريد ان يكون لنا خطاب فكري سياسي اقتصادي اعلامي يوضح ما لدينا من كوادر وعقليات في مجالات العلم التطبيقي والصناعي وجدية تعاملنا مع الاحداث والثوابت والقيم بصرف النظر عن تهمة الثروة وسوء الاستخدام!.
لقد مضى بعض من الوقت على تشكيل اللجنة الاستشارية,, ولعله لا مشاحة في طلب توسيع عدد الاعضاء والنظر الى الفئات الشابة لتكون رديفة ودافعة للشخصيات المجربة والمتمرسة.
نريد قناة فضائية تنقل فكرها الرسالي الى أمم الارض وتاريخ اسهامات امتنا ماضياً وحاضراً في الحضارة الانسانية.
نريد حرية العمل والتملك والاستثمار,, بل ونريد خيراتنا في ارضنا بتطوير وسائل وسبل السياحة في الشقيقة الكبرى ارض الحرمين التي اصبحت العمرة والزيارة مفتوحة على مدار العام بعد تواجد بنية تحتية واسكانية طيبة يمكن ان تلبي رغبات المستثمرين ديناً ودنيا, كذلك الحال فان في عمان مواقع جميلة في صلالة ومسقط وظفار والجبل الأخضر والعيون الداودية وغيرها وفي انفتاح دبي عالمياً مواكب خير ونماء,, وفكر مستنير وتطلع آفاق بعيدة في الاستثمار لقدرات الانسان على الابداع والعطاء.
اننا نتطلع الى ردم الهوة في التركيبة السكانية في الشقيقات الخمس ويأتي هذا باستقطاب العمالة المحلية بين الشقيقات ولعل مساواة المواطنين في الانتماء,, هو الأهم,, فلا يجوز ان يكون هنالك مواطن بدون هوية انتماء,,وهو في الاساس من اهل الديرة مولداً وتربية.
كثيرة هي المطالب لكن المساحة للهم كبيرة,, والمتاحة في هذا الحيز ضيقة,, واهم المطالب الانفتاح الفكري والعمل والممارسة فنحن بعد ايام ندخل قرناً جديداً,, وهنا اجيال جديدة لها فكر متجدد,, نرجو الله ان يكون متجذراً في الأصول.
|
|
|