سألني صديقي عما اذا كنت اكتب عن شيء يعبر عن قناعتي الذاتية ففاجأته بالنفي,, بدأت عليه أمارات الاستغراب الامر الذي ألجأني الى اعطائه مهلة للتفكير ومن ثم فاجأته بالقول: ما كل ما يعلم يقال يا صديقي العزيز, فالكاتب يجب ان يكتب عما يريد الآخر , ان الكاتب لا يكتب لنفسه والا ظلت كتاباته حبيسة انفاسه! او على الاقل,, ادراجه! , انه يتقصى احاسيس الاخرين فيكتب عنها خوفا من عدم واقعيته بل وهربا من واقعه, انها ازدواجية الحياة والتي هي بالاحرى ضرورية للحياة, انها حتمية تفرض عليك عدم مواجهة الحقيقة! مما يفرض عليك بالتالي الفرار من الحقيقة! وذلك لكي تسلم! من انظار الآخرين الحادة! والمطلة عليك من كل حدب وصوب,, ولم لا؟! فأنت الذي تعريت! امامهم فكريا وانت الذي أطلت عليهم من حيث لم يطلبوا منك ذلك, انك بمجرد الكتابة لهم فرضت عليهم واقعا قد لا يعجبهم,, قد لا يستهويهم,, قد لا يتماشى مع افكارهم واعمارهم ومشاربهم,, ولذا لابد من تقمص ادوارهم ومراعاة احاسيسهم ومخاطبتهم بما يعقلون والا لأخللت بمبدأ خاطبوا الناس بما يعقلون ,, انه المخاطب وليس انت! الذي يقرر ما تكتب للآخر! ,, ولم العجب؟!,, فطالما انه استحق لقب الآخر فهو بعيد عنك رغم قربه اليك غريب عنك رغم ألفته لك من خلال اطلالتك عليه، فهوالبعيد القريب ولذا من الواجب عليك مراعاته,, احترامه,, عدم العبث بأفكاره,, الاخلاص له من خلال دقة وصحة المعلومة المبثوثة من خلالك إليه,, فهو لم يبتع الجريدة الا هروبا من واقعه وفضولا الى واقع غيره فدع واقعك وخذه الى واقعه.
نصيحتي لك يا صديقي العزيز ان تفكر في تأثير ما تكتب قبل ان تكتب,, ان تراعي لغة خطابك وتأثيره قبل ان ينطلق من لدنك,, ان تنسقه نفسيا قبل ان ينفلت منك ويكون حجة عليك وليس لك,, ان تصوغه الصياغة المناسبة لزمان ومكان متلقيه,, بل وطبيعة متلقيه,, حقاً ما كل مايعلم يقال ياصديقي بل ماكل مايقال يجب أن يقال.
عندما تهم بالكتابة يا صديقي خذ مزيدا من جرعات القلق واستمتع بتوجيهك الريح كما وجهها سلفك المتنبي القائل:

على قلق كأن الريح تحتي اوجهها يمينا او شمالا