Monday 29th November, 1999 G No. 9923جريدة الجزيرة الأثنين 21 ,شعبان 1420 العدد 9923


صوت الإدارة
لكي تكون الخدمة المدنية والتنمية الإدارية ذهباً5
د, ثامر المطيري

بالرغم من ان علم الادارة لم يصل بعد الى تحديد معرفي تطبيقي فاصل لمفاهيم الاصلاح,, والتطوير ,, والتنمية الا ان الممارسات والتجارب الادارية في كثير من الدول المتقدمة والنامية على حد سواء (مثل الصين والهند من ناحية والولايات المتحدة واليابان من ناحية اخرى) يمكن ان يستشف منها بعض الحدود والفواصل لاستخدام هذه المفردات في العمليات الادارية,, وانها بذلك ليست مجرد مترادفات محضة بل هناك فروقات وتباينات تميز معانيها.
وببسيط العبارة ودون الولوج في التشريح المعرفي لهذه المفاهيم والذي ليس هذا مقامة فان منهج الاصلاح الاداري مضمون مؤسسي يؤخذ به في حالة عدم بلوغ البناء الاداري لحالته الانشائية التكاملية,, أي ان تكون الادارة رهينة النقص الحاد في الاصول والاساسيات الادارية,, كغياب الاهداف النهائية المتوخاة للادارة والاستراتيجيات المراد انتهاجها لتحقيق الاهداف، وكذلك من حيث التخلف الجلي في التكوينات الادارية الاساسية كعدم احداث بعض القطاعات او الوحدات الرئيسية لجهاز الدولة,, والعجز المالي الشديد,, وغياب او ندرة او ضعف العنصر البشري بصورته العامة,, اضافة الى رداءة او عدم وجود الانظمة المحكمة لمسارات ولبنات العمل الاداري.
اما منهج التطوير في البناء الاداري فانه يأخذ منحى آخر مختلفا عن الاتجاه الاصلاحي، فالتطوير اولا يتم في ظل تكامل الترتيبات الادارية الضرورية لاداء العمل الاداري,, سواء على مستوى القطاعات او على مستوى الموارد البشرية والمالية والفنية، وهو بذلك عملية ادارية مستمرة وليست وقتية كعملية الاصلاح وتقوم العملية التطويرية اساسا على تفعيل الواقع الاداري القائم ودعم مواطن القوة فيه ونقله الى حالة بنائية وانتاجية افضل في ضوء المستجدات والمتغيرات الادارية الحديثة والمتلاحقة، كما تقوم ايضا على سد مواطن الخلل والثغرات في التكوينات الادارية بعمل ما يلزم من احداث او الغاء او دمج للقطاعات والوحدات الادارية العاملة ورفع او تخفيض للمستويات التنظيمية ووظائف العمل الاداري,, ووضع برامج التدريب والتحفيز الداعمة لحسن الاداء مع تحسين وسائل الاتصال والتقنية والتنسيق والتعاون في مجالات العمل الاداري المختلفة.
الاطار الثالث والاخير في هذا السياق يتعلق بمنهج التنمية في عمليات الادارة او ما يسمى ب التنمية الادارية هذا المفهوم وان اصبح منهجا اداريا تقليديا الا ان بريقه لا يزال وضاء في تجارب العديد من الدول مثل دول امريكا اللاتينية وبالذات فنزويلا والمكسيك,, وكذلك دول جنوب شرق آسيا وبالذات ماليزيا وسنغافورة,, وكذلك الحال في دول اوروبية مثل بولندا ونيوزلندا لقد حققت هذه الدول ببرامجها التنموية الادارية مستويات وقفزات من الابتكار والابداع فاقت ما هو متوقع حتى في ادبيات الادارة نفسها, من هنا فان التنمية الادارية مفهوم يتسم ب النظرة الشمولية لبناءات وآليات وقواعد العمل الاداري,, بحيث يعمد وبصورة متواصلة الى بناء المقدرة الادارية العامة وتحسين الانتاجية الكلية لمؤسسات الدولة,, وهو ما يشكل اصعب التحديات التي تواجهها المجتمعات المعاصرة , نعم,, هناك صعوبة بالغة ان تحقق الدولة مستويات عالية من البناء والتحسين في تكويناتها الادارية ما لم يقترن ذلك ببرامج عمل ادارية تنموية مخطط لها من حيث الاهداف والتوجهات والاستراتيجيات والتكاليف,, وتسير جنبا الى جنب مع البرامج الانمائية الوطنية الاخرى, ان فصل او تحييد الادارة عن منظومة التنمية سيجعل منها عاملا معوقا وكابحا لعمليات التنمية الوطنية الشاملة وخاصة التنمية الاقتصادية.
اذاً، هذه الطروحات للمناهج الادارية (الاصلاح,, التطوير ,, التنمية) تهدف في مجملها الى احداث التغيير نحو الافضل والاكمل في ميادين العمل الاداري المختلفة، كما انها تؤكد في الوقت نفسه على حقيقة مفادها ان البناء الاداري لاية دولة في حاجة ماسة الى العناية الفائقة بهذه المفاهيم مجتمعة,, وتختلف بالتأكيد درجات التركيز فيما بينها من دولة لاخرى حسب ما يقتضيه واقع الحال الاداري والمنظور المراد تحقيقه, وفي حالة الادارة الوطنية في المملكة العربية السعودية فان الوضع يتطلب في نظرنا درجات عالية من الاهتمام بكل منهج، وذلك للمبررات والاساليب التالية:
* غموض اهداف الاصلاح الاداري,, وعدم تطوير استراتيجيات التنفيذ,, مما لا يمكن معه والحالة هذه قياس النتائج او التعرف على القدرة الادارية.
* تنامي المطالبات ب اصلاح النظم المالية وتطوير الترتيبات والتنظيمات المتعلقة بالموازنة العامة,, والتحديد المقنن لمسئولية الصرف والانفاق ومحاسبة الاداء.
* الارتقاء الملحوظ وشبه المتواصل في التكاليف المترتبة على الدول والمضايقات التي تسببها الانظمة المتقادمة التي تحول دون التعامل الاقتصادي الفعال مع القطاع الخاص ومع اوضاع التجارة الخارجية.
* الغموض الجلي في عمليات توزيع الموارد والصلاحيات والسلطات بين اجهزة الدولة المختلفة.
* غياب الاستراتيجيات الادارية الداعمة لخلق او ايجاد كفاءات قيادية فاعلة, ويتمثل ابرزها في اهمال او ضعف الاهتمام بعنصر الاختيار والتعيين المتعلق برصد واختيار افضل القيادات الواعدة في ميادين العمل الاداري المختلفة.
* وجود مضامين سكانية واجتماعية ودينية وتاريخية تؤثر في تشكيلات الادارة الوطنية وفي أساليب تنفيذ برامج واجراءات عملها.
هذه نظرة تحليلية عامة لاتجاه مأمول نحو مراجعة وضع الادارة الوطنية وتفعيل مسارها اخذاً في الاعتبار مجموعة الاهداف العامة المشتركة لبرنامج التصحيح الاداري المقترح حسبما تمت الاشارة اليه في التحليلات السابقة وفي العروض القادمة سنتطرق ايضا الى جملة من الموضوعات ذات الاهمية في حقلي الخدمة المدنية والتنمية الادارية.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الادارة والمجتمع

الاقتصادية

القرية الالكترونية

المتابعة

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

الطبية

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved