Thursday 25th November, 1999 G No. 9919جريدة الجزيرة الخميس 17 ,شعبان 1420 العدد 9919


لغة ندية تصوغ مفرداتها المواقف المؤثرة
ومن يذرف دموع التماسيح,, الرجل أم المرأة؟

عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,, وبعد:
تمر بالانسان كثير من المواقف المؤلمة والمحطات الصعبة التي تثير في نفسه مشاعر الحزن والاسى وتزرع موجات الحسرة في فؤاده المكلوم وتدفعه الى البحث عن فضاءات دافئة تمتص لظى آلامه وتحوي دفقات انفعاله وتخفق من وطأة الاحداث,.
وكثيرا ما يلجأ الى دموعه سواء أكان رجلا ام امرأة في محاولته التحرر من قيود الموقف ومن ألم الحدث ليسمح بمرور قطرات من الدمع وسط ركام الهموم القاتمة,, وليس بالضرورة ان تكون الدموع دموع حزن فلربما كانت دموع فرح وليس ثمة فرق في الطعم فكلاهما فالح وان اختلفت طبيعة الاستدعاء,.
وقد يتساءل المرء ايهما يمكن ان يذرف دموع التماسيح الرجل ام المرأة؟ واي منهما الاصدق مع دموعه في امتزاج مشاعري مؤثر؟
ولن نستغرب حينما يلامس الرجل دموعه أليس انسانا يملك الاحساس ويتجاوب مع المشاعر؟ بل ان بعض الرجال قد يتعامل مع المواقف الطارئة تعاملا وجدانيا يفوق المرأة,, وربما تنازلت دموع الرجل عن بعض كبريائها تحت ضغط موقف ما, ألم يقل ابو فراس الحمداني: (واذللت دمعا مع خلائقه الكبر) في شكواه الغزلية,, علما بان الشعراء الغزليين هم الذين كسروا حواجز الكبرياء وذرفوا دموعهم في خطابهم الغزلي المؤرق,.
الدموع لغة ندية تصوغ مفرداتها المواقف المؤثرة,, انه الوجدان الذي تثخنه الاحزان,, وتغربله الاشجان,, فهل يمكن للمرأة ان تحتقر الرجل عندما ترى بريق الدمع في عينيه او تلمح قطرات منها فوق خده وهو يواجه تيار مشاعره في خضم معاناة او عبر موجة فرح,,؟ انك قاسية ايتها المرأة عندما تلومين الرجل هنا او تقدحي بشموخه,, لا تجعليه يدس دموعه تحت وسادته بعيدا عن عينيك,, لا تحرميه من ان يشعل قنديل انفعاله ويقف امام بوابة وجدانه دونما حواجز,, وربما وجدته حبيس دموعه ورهين لوعته وقابعا في وعاء ذاته,, واقرئي مرثية ابن الريب لتري كيف أوقد مشاعر الحنين من جمر الغضا,, من حقك كامرأة ان تفتشي عن دموع الرجل لتعيدي اكتشاف احاسيسه والتعرف على ملامح عاطفته,, ولكن دون ان تحاكي فلول دمعه.
اما بالنسبة للمرأة فانها قد عانت من سخرية الرجل الذي يتهمها بسرعة البكاء والانفعال وكثرة الدموع وليس بالضرورة ان تكون كدموع الخنساء (فيض يسيل على الخدين مدرار) وهي تنفعل وتبكي أمام أية كلمة زجر، تتأثر من أية عبارة نهر! من زوجها في المنزل أو مديرتها في العمل او زميلتها,, وربما بكت بسبب انانية الرجل الذي قد يتركها وحيدة تقاوم ضغوط الحياة واستبداد الظروف لتركن الى البكاء كحق مشروع في ظل الآلام,, وعلى كل لن تكون دموعها ارخص من دموع الرجل لان مشاعرها تسكن في احداقها,.
وما علينا الا ان نكسر (اسطورة دموع التماسيح) لان الدمع بوح متدفق وشلال متوهج مفعم بطعم الاحتراق ومغلف بالمرارة في حضوره الشجي وحتى لو استغله البعض كوسيلة اقناع او قناة تزييف يظل صهيلا وجدانيا تستفزه لسعات الحياة وتستدعيه المواقف المتباينة لهذا الزمن العاق.
محمد بن عبدالعزيز الموسى
ث الشقة بريدة

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

منوعـات

لقاء

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved