هذه أنا، جئتُكِ في ثوب أبيض ملائكي، أحتسي معكِ قهوة الزمان، والمكان، أنثر بين يديكِ زهوري وعطوري، ألوِّن معكِ المساحات والمسافات، ألتقم معكِ لقمة الصَّبر، وأرتشف معكِ قطرة الرضاء,,,، أُلوِّن معكِ الرؤى، وأكوّنَكِ كما تكوّنينني,,.
ألا تعلمين أن شيئاً من الزمان قد فلت منكِ ومني،
وأن شيئاً من المكان قد علق في جوفكِ وجوفي,,,،
ألا تعلمين، أنكِ أنتِ أنا، وأنني أنا أنتِ؟
سؤال لم ترد له إجابة منذ أن هدأ الهدوء، واستكان الصمت، ونطق كل شيء كان يتوارى,,.
السراب خيط أبيض لا أسود، والهواء يعبره، لكنه لايبقى معه,,.
يهرب السراب فوق أزقَّة الحياة، ينهض كلُّ شيءٍ كان مختبئاً في المفازات الطويلة، والمتعرِّجة، وهناك علىحافة أحد الطرق، كنتِ تشمخين،
تشمخين، حتى توارت؛ عن كلِّ الأجزاء من حولكِ تحت قدميكِ، أوفوق رأسكِ، أو من بين يديكِ توارت عنها السكينة والهجوع,, ونهضتِ في إثر شموخَكِ,,, ياسيدة البوارق، والرؤى,,,، والتكوينات القوس قزحية، مرِّري يديكِ فوق جبهتي، كي تمسحي عنها غبار السنوات التي علقت بها,,، أفياءُ المحطات لا شعاعُها,,.
أنتِ الفيء،، الظل أنتِ، النور أنتِ، الكلام أنتِ، وكلُّ شيء يكون لي أو عنِّي أو مني يكون أنتِ,,.
لا تحزني على الرغم من تطهير الحزن، على الرغم من أنكِ تتيهين في جمال وجلال الحزن، تتلفَّعين البياض ثوباً عرائسياً بهياً، لاتنتهي له أطراف الضوء، ولاتحطُّ فوقه إلا فراشات النّماء,,.
بكِ وحدك أتنامى، وبي وحدي تفعلين,.
أدري يقيناً أنكِ تسمعينني، ذلك لأنني دوماً أسمعكِ،,,.
أتدرين بأن غيابك لا يطول،
وبأن غيابكِ لا يكون،
وبأنَّكِ الحضور، والتَّوِّ، والآن، والراهن، والباقي، والنَّامي، وأنكِ رهجة كلِّ ذلك ووهجته,,.
تحبين أدري هذه العبارات، وتحبين أدري هذا الحديث، وتحبين أدري أن تكوني في ذراتِ كلِّ ما يكون,,, وإنكِ كذلك,,.
يا أنتِ,,.
هذه أنا، جئتك لأنَّك جئتني,,,، ولولم تفعلي لفعلتُ، ولو لم تكوني لكنتُ، سوف يظلُّ هذا الحديث لا ينقطع، كالمزون وهي ترسل بشلالات الرواء ولاتنضب، لم تكني في لحظة ما متزامنة، ولا متزاملة مع النُّضوب,.
أعرفكِ دوماً حيَّةً ناهضةً ناطقةً جليَّةً,,.
وأعرف أنكِ لا تثورين إلا عندما يخلو المكان,,.
وأنكِ لا تبكين إلا عندما يفرغ منكِ الزمان,,.
وأنكِ,,.
أتدرين,,, يكفي أنكِ الحقيقة التي لاتنتهي ولاتستكين.
عندما يكون الحق سيد الموقف
تكون الحقيقة هي أنتِ، وأكون الحقيقة التي هي أنا.
كلماتي لن تصمت وأنتِ نابضة في داخلي.
|