,,تأمل أيا صاحبي في بقايا الرماد
أنا من جعلت الصغيرات ينقشن اسمي
على دورهم بالخضاب
تنادي الجياع على جثتي
صرت أترجة ريحها طيب
طعمها كالشفاة التي ذقتها
قبل عام العذاب,, .
لطيفة قاري
** شعرية الحالة التي تستنطق جمالياتها من مأزق الذات الحميم وتبرز هذه الجماليات تجليات ناجزة عبر نوعية ايقاعها التفعيلي ومموسقاته,, المتفاعلة,,! نموذجها التفعيلي الذي ظل في غنائيته وكثافته التعبيرية
وتشكلاته الدلالية مأسوراً بثورة الإيقاع وصوته وتردده العالي الصاخب يتناغم مع وحدات تفعيلية اختارت لها الشاعرة البحور الغنائية وجاذبية بناها الايقاعية وهذا التأثر الذي ادخرته الذائقة العربية شرطا قبولياً لشاعرياتها المميزة,, احتفظ بتأثيره عبر تراكم نماذج التجربة الشعرية العربية وذائقتها لأكثر من 1400 عام.
** ففطرية انسجام الأذن للتردد الإيقاعي للغة على هذا المساق الشعري الخاص,, يجعل قراءة تجربة شعرية ثرية لشاعرة سعودية لم تحتط لدخول مشهد شعري ظل اسيراً للسائد فيما يتعلق بخطاب المرأة أو حتى صوتها المداخل في شجار النقاشات والحوارات فضلاً عن ان تكون طرفاً في سجال,,! او مرتكزاً ثقافياً منتجاً مستقلاً .
,,,,
** لؤلؤة المساء الصعب التجربة التي لم ترتهن لوهن عنوانها او تجريدية معناه المتكلس في بؤرة التعريفية ومساقها المحدد,.
وانما بدأت تنتفض من ذلك ومن انسيابية ايقاعها بصوته المتعاظم ,,!
ذلك الانتفاض والقلق المتواتر في نوع قراءة الذات وحوارها المجنون,, والمتواطىء مع سبحات النفس,, وصوتها الخفي,, وهواجسها العميقة منساقاً وبأداء تعبيري مع جلال الايقاع,, وتواؤمه مع موسيقى الداخل المفعم بالشجن,, والبوح القرائي المعلن للقلق الذاتي,, والضجر بمأزق المجاهرة بحدود الصمت الجبري ومعضلة الانثى في مسببات علنية,, تحاول صياغة هموم الأنثى بصورتها الانسانية والتذرع بذلك هروباً من مواجهة القناعات الجاهزة,, التي تؤطر تلك الهموم بأحادية مباشرة محاصرة برهبة الصمت,, وقلق الحصار تضامناً مع مواضعات اجتماعية وصياغة ثقافية متوارثة,, استجابت سلفاً لمعطيات تلوناتها الاجتماعية وتشابك عقدها المتوارثة.
** صياغة هذه الانكسارات,, والخروج بها من محرقة الصمت,, والكبت ومأزق الحصار عبر صوت الأنثى يجانف مزيداً من رغبة الاصطدام بالمواضعات الاجتماعية وتوالي نتائجها,,!.
** أنا الإثم,, والإثم بعضي حين اصوغ قصائد مثقلة بالرحيق تضج سنابل روحي,, ويجتاحني ظمأ ليس يروى واغنية تتشظى عروقي لها وظلال أعانقها,,
لتشف عن الياسمين المخبأ في أعين كالزجاج وبحر يطوقني في ابتهال,, .
** ابتدار الصياغة الشعرية ومصداقيتها الدافئة,, عبر هذه البنى الدلالية المرتجعة الى الذات في ادق حالاتها تجلياً وصموداً في مواجهة القابلة الاجتماعية ومحذور التأويل,,
ينأى هنا في موافقة علنية لشعرية الحالة ,.
والتي تنطلق من وعي عميق بالمشكل ومواربيتها لحساسية تقلباته في الوقت الذي تنطرح فيه لفضاء الشعرية,, بالتشكل,, والتكون عبر محاورها الدلالية المفاجئة ومن هنا تتحقق فاعلية الخطاب الشعري بخاصيتها المغيرة لمرجعيات الخطاب التقليدي القائم,, وتخطيها وتتشاكل الشعرية هنا بالحالة / الذات عبر تعدد مواقع انبثاق صوتها,,؟ صوت لا يحمل خطوطه وبصمته فقط,, وانما يتعدد بطبيعة جوانب حالته وتنوع مزاج ذاته المنتجة .
هذه الذات التي ترائي مثبطاتها,, ومحبطاتها,, في اطار واقعها المكاني وحيز خيارات مواجهتها لمأزق ذلك الواقع,,!
** من هنا,, تأتي تجربة لطيفة قاري بينية في مواجهتها,, وبصوتها المكشوف وبالشروط الجمالية القبولية للذائقة التقليدية وغير التقليدية لتسهم في ترسيخ مفهوم جديد للكتابة الشعرية للمرأة في خطابنا الابداعي.
** فكما لامست فوزية ابو خالد وعبر مجمل انتاجها الشعري هذه الرؤية المفارقة في خطاب المرأة عبر الجمل الشعرية,, المختزلة لغوياً والتي ثبت مكنونها الدلالي عبر استنطاق اختزالها المكثف والمضغوط,, في حواضن لغوية/ شعرية,, تشبه الوميض وتتوارى ضمناً لغير العيون الجريئة !!, الداخلة في سياق النص والمكتشفة لما وراءه المكثف,, الذي لا ينطق,, بقدر ما يحاور ويستنطق !.
** بينما تسهم تجربة لطيفة قاري عبر مجموعتها الشعرية الأولى في تجذير مفهوم المكاشفة الذاتية على مستقرات الداخل,, ومكنون الذات,, ومستتر عنفها المضمر,, في مواجهة الحالة الشعرية وخارطة تكونها أولاً,, ثم في مواجهة صدقية مع التلقي وتعدد تأويلاته.
** هذه التجربة الاستثنائية في وجودها وجدارة مضمونها في التعبير عن برزخ جدال المرأة,, وقضيتها وهو يصوغ في مفهومه العام في تحديد المعلن والمسكوت عنه !.
وحتى المحكوم عليه بطوق الصمت,, يظل متردداً بين البوح / والكلام والحياة / والموت في نزاع,, يتنفس جدلية الانتصار لأحد طرفيه,,!.
امرأة ,,من كلام
لو لمست الكلام
فض سر الغرام
امرأة
من زجاج
لو لمست الزجاج
مات توت السياج
** فهذا التقنين المباشر والتوصيف,, الممعن في بساطته بحذر وهو يبتدر اولى صفحات المجموعة قابلية التلقي لخارطة الحالة الشعرية المقبلة,, والتي تتوزع صفحات المجموعة وتحتكم الى عناوينها في تلقين غائية مقولاتها الدلالية نبذا من اطراف شعرية الحالة التي تؤول اليها قراءات تجربة لطيفة قاري,, وهي تجرح بجرأة حجر الصمت بجلال الكلام ,,,,!
* لؤلؤة المساء الصعب.
لطيفة قاري
مؤسسة الانتشار العربي بيروت 1998 الطبعة الأولى
|