تتعدد وجوه الاحتفاء بالأشخاص الذين عرفوا بعطاءاتهم في مجال الفكر والأدب والثقافة عامة، وقد يكون من وجوه الاحتفاء ما قامت به بعض المؤسسات الثقافية من مبادرة لتكريم بعض الرواد وهذه حقيقة تمثل عرفاناً بذلك الجهد الذي بذله ذلك الأديب أو الكاتب، وقد كانت لنا وقفة مع كتاب ابن السروي وذاكرة القرى قراءات وشهادات وحوار مع عبدالعزيز مشري وهنا نضرب مثالاً آخر للاحتفاء، فالمحتفى به أستاذ مع تلميذه تميزا في مجال المكتبات والمعلومات، وأصدقاء العطاء هنا ممثلاً بالدكتور محمد فتحي عبدالهادي والدكتور أمين سليمان سيدو قدما عملاً جيداً يتسم بالكثير من التقدير والاعتراف بالفضل والريادة لهذين الأستاذين الدكتور عبدالستار عبدالحق الحلوجي والدكتور يحيى محمود بن جنيد الساعاتي ، فعملا على اصدار كتاب بعنوان جائزة الملك فيصل العالمية: بين الحلوجي وبن جنيد والذي جاء بمناسبة حصولهما على جائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية لعام 1418ه 1998م تحت موضوع الدراسات التي تناولت المكتبات أو صناعة الكتاب عند العرب، حيث قدم الدكتور الحلوجي من ضمن ما قدم كتاب المخطوط العربي المنشور عام 1398ه 1978م الذي يعد عملاً متميزاً في مجال صناعة الكتاب عند المسلمين في القرون الأربعة الأولى، وتم اختيار كتاب الوقف وبنية المكتبة العربية: استبطان للموروث الثقافي المنشور عام 1408ه 1988م من ضمن ما أصدره الدكتور يحيى بن جنيد والذي قدم خلاله دراسة لبنية المكتبة العربية في أرجاء متعددة من العالم الإسلامي خلال عشرة قرون، مبيناً أثر الوقف في تشكيل بنية المكتبة العربية والحركة التعليمية والثقافية المرتبطة بها.
وكتاب بين الحلوجي وبن جنيد مقسم إلى أربعة فصول في البدء رأى كل من عبدالهادي وسيدو أهمية أن يكون هنالك فصل خاص عن جائزة الملك فيصل العالمية فقدما تعريفاً عاماً اضافة إلى عرض للفائزين بالجائزة ودولهم من عام 1399ه 1979م حتى عام 1418ه 1998م وقد توقفا عند ذلك العام لكونه السنة التي حصل بها الحلوجي وبن جنيد على الجائزة حيث تم نشر الكلمات التي ألقيت في الاحتفال، ولرصد مشاعر أصدقاء العطاء بتلك المناسبة قدم في الفصل الثاني تغطية موجزة لاحتفال المكتب الثقافي المصري بالأستاذ الدكتور عبدالستار الحلوجي واحتفال جامعة الملك سعود بالأستاذ الدكتور يحيى بن جنيد، وقد رأى المعدان عبدالهادي وسيدو الاكتفاء بهاتين المناسبتين من ضمن مناسبات عديدة أقيمت للمحتفى بهما في مؤسسات ثقافية مختلفة، أما الفصل الثالث فقد خصص للدكتور عبدالستار الحلوجي حيث قدم دراسة عنه وبعضاً من أقواله وبعض الدراسات وما كتب عنه، والفصل الرابع عن الدكتور يحيى بن جنيد حيث قدمت سيرته الذاتية وقائمة ببليوجرافية لاصداراته وبعض المقالات والدراسات عنه, الجميل في ذلك هو رصد المشاعر تجاه هؤلاء الذين ساهموا في الرقي بالثقافة والفكر من خلال عطاءاتهم المختلفة في مجالات الثقافة والفكر والأدب، وحقيقة تمثل الدراسات الخاصة بعلوم المكتبات والمعلومات والتوثيق من أهم القنوات المعرفية ونحن هنا لسنا في مجال الحديث عن ذلك لضيق المساحة، ولكن نعود إلى مشروع الاحتفاء المتمثل بهذا الاصدار الذي أعده كل من: الدكتور فتحي عبدالهادي والدكتور أمين سليمان سيدو والذي أرى بأنه نوع من التوثيق يجب أن يقدم مثله لكل مبدع إضافة إلى كونه يمثل لمسة وفاء وتقدير وصورة جميلة تتمثل في العلاقة بين الأستاذ وتلامذته الموهوبين، فكما أن الدكتور يحيى بن جنيد يعلنها فخراً بأن ينال شرف الحصول على الجائزة مع أستاذه الدكتور عبدالستار الحلوجي في الكلمة التي ألقاها في حفل توزيع الجائزة يتضح من خلال الكتاب مدى الوفاء من الدكتور محمد فتحي عبدالهادي لأستاذه الدكتور عبدالستار الحلوجي وكذلك الوفاء من الدكتور أمين سيدو لأستاذه يحيى بن جنيد، وإبداع كل من الدكتور الحلوجي والدكتور بن جنيد يتمثل بعطائهما المكتبي والمعلوماتي، وحقيقة أرى وأقول ذلك من وجهة نظري الخاصة أن الاحتفالات التكريمية التي تقام للمبدعين غالباً يكون صداها مؤقتاً ولن تتسم بالديمومة ما لم يواكب ذلك اصدار توثيقي عن ذلك المحتفى به، وهنا تتسع دائرة الاحتفاء من أشخاص معدودين إلى كل من يقتني ذلك الكتاب.